استمرار الحرب الروسية الأوكرانية تنذر بمجاعة قادمة

استمرار الحرب الروسية الأوكرانية تنذر بمجاعة قادمة

الباحثة شذى خليل*
“لا ينبغي استخدام الغذاء كسلاح ولا ينبغي دفع أي بلد في العالم إلى المجاعة واليأس “.

تلقي الحرب الروسية الأوكرانية ، بتداعياتها على الاقتصاد العالمي، حيث يعاني الاقتصاد من تقلبات وارتفاع أسعار وازمات متداخله، تعد الدولتان ” روسيا وأوكرانيا” من أكبر خمس دول مصدرة للحبوب في العالم، وحسب بعض التقديرات، فإن الأمن الغذائي العالمي بات على المحك، حيث تبلغ قيمة التجارة الزراعية العالمية مع هذين البلدين حوالي 1.8 تريليون دولار، وإن الدول الفقيرة هي التي ستشعر بنقص الإمدادات من المواد الغذائية أكثر من غيرها.

وبالنسبة لعلاقات حلف شمال الأطلسي والغرب مع موسكو، فمن الواضح أن حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا تشكل نقطة تحول تاريخية، وتمثل الفظائع المرتكبة بالمجتمعات الأوكرانية المحتلة انتهاكا مروعا للقانون الدولي، ولكن هل تمثل حرب بوتين تغيرا في تنمية الاقتصاد العالمي؟
انكمش الاقتصاد الأوكراني بنسبة 16% في الربع الأول من العام الحالي 2022 مقارنة بالربع الأول من العام الماضي، وقد ينخفض بنسبة 40% بحلول نهاية العام، وسيتعين على أوكرانيا الاعتماد على المساعدات الخارجية من أجل البقاء.
بحرب سريعة، تجاوزت الـ100 يوم، لتؤكد أن السوق العالمي يتعرض الى ازمة حقيقية ، حيث خفضت منظمة التجارة العالمية توقعاتها للنمو خلال العام الجارى فى أبريل الماضى، بمقدار النصف تقريبا، من 4.7 فى المئة إلى 2.5 فى المئة، بسبب تأثير الحرب والسياسات المتعلقة بها.
حذرت الدول الاوروبية قطاعات صناعية من أن دول الاتحاد الأوروبي تواجه نقصا في زيت دوار الشمس، حيث يأتي ما مجموعه 46.9 في المئة من الصادرات من أوكرانيا بينما يأتي 29.9 من روسيا، وفقا لمنطمة S&P Global ، لكن مع إغلاق الموانئ الأوكرانية فإن البلد يواجه صعوبات في التصدير.
من جانبها قالت رئيسة منظمة التجارة العالمية، دنجوز أوكونجو، ان تحفيض التوقعات يرتبط بمشاكل سلاسل التوريد التى ظهرت نتيجة جائحة كورونا، محذرة من أن العوائق ستزيد من أسعار المواد الغذائية، معربة عن قلقها من الأزمة الغذائية القادمة.
وثمة تغيرات ستحدث، فقد انكمش الاقتصاد الأوكراني، كما أن روسيا تترنح تحت وطأة العقوبات الاقتصادية، وانقطعت فعليا عن النظام المالي العالمي، واضافت أن أوكرانيا وروسيا تشكلان ما لا يزيد عن 2.5 من صادرات التجارة العالمية، إلا أنهما يشكلان جزءا مهما فى قطاعات معينة، موضحة أن “القلق الأساسى يتعلق بشعب أوكرانيا ، لانهم لا يجدون ما يكفى من الطعام”.
ويقول بعض الخبراء إن الاتحاد الأوروبي سيضطر إلى التعامل مع حالة كبيرة من عدم اليقين فيما يتعلق بكل من إمدادات الطاقة وأسعارها، فقد تذبذبت أسعار الغاز خلال الآونة الأخيرة بنسبة تصل إلى 70% في يوم واحد.
وإذا قطعت الواردات الألمانية من الغاز، وهو احتمال واضح الآن، فقد ينكمش الاقتصاد بنسبة تتراوح ما بين 2 و4% وسيكون ذلك ركودا على غرار أزمة “كوفيد-19″.
تقارير عالمية تشير الى مجاعة قادمة
اكد مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري،
ان الغزو الروسي لأوكرانيا تسبب في معدلات جوع شديدة في البلاد، ويزيد من مخاطر ارتفاع معدلات الجوع في روسيا، وقد يتسبب في زيادة عالمية في سوء التغذية والمجاعة.
نواجه الآن خطر مجاعة وشيكة وجوع في المزيد من الأماكن حول العالم. يجب وقف الهجمات العسكرية ضد أوكرانيا على الفور قبل أن تكون هناك عواقب عالمية وخيمة وطويلة الأجل للأمن الغذائي للجميع.”
وفقا للخبراء ، بدأت الآثار المباشرة للنزاع على الغذاء تظهر في مصر، وتركيا، وبنغلاديش، وإيران. تشتري هذه الدول أكثر من 60 في المائة من احتياجاتها من القمح من روسيا وأوكرانيا.
كما تعتمد بلدان مثل لبنان وتونس واليمن وليبيا وباكستان بشكل كبير على البلدين في إمدادات القمح.
مع بدء موسم الزراعة قريبا في أوكرانيا وروسيا هناك القلق من الاضطرابات طويلة الأجل التي سيحدثها النزاع على الغذاء.
وقلق بشأن الكيفية التي سيضر بها الغزو الروسي لأوكرانيا الناس في روسيا، وفرض العديد من الدول عقوبات اقتصادية على روسيا، وتعمل العديد من الشركات، طواعية، على سحب استثماراتها من روسيا أو مقاطعتها.
ربما يكون سعر صرف الروبل (العملة المحلية في روسيا) قد تعافى اسميا وعاد إلى مستواه قبل الحرب. لكن قيمته السوقية الفعلية تخمينية، ولم يعد هناك سوق حرة بالروبل أو الأصول المالية الروسية، وسيكون الكرملين محظوظا إذا انكمش الإنتاج بنسبة 10% فقط هذا العام.
أدى انسحاب الشركات الغربية من روسيا إلى تفاقم الصدمة، وحتى لو تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فإن آفاق التنمية الروسية على المدى الطويل مظلمة بالفعل.
خلاصة القول الآثار الاقتصادية الأعمق والأكثر أهمية يتم الشعور بها أبعد بكثير من مسرح المعركة، وإذا ما اقترنت الحرب بالتعافي غير المتكافئ من كوفيد-19، وارتفاع التضخم، وتشديد السياسة النقدية، فإنها تضيف بيئة غير مواتية بالفعل لاقتصادات البلدان الهشة والمثقلة بالديون ذات الدخل المنخفض واقتصادات الأسواق الناشئة.

وحدة الدراسات الاقتصادية مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية