قبل وصوله إلى المملكة العربية السعودية أمس الجمعة، وتحت عنوان «إعلان القدس»، قدم الرئيس الأمريكي جو بايدن بيانا مشتركا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي المؤقت يائير لبيد، تعهدا فيه بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وبدعم التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة، وضمن ذلك، التعاون في مشروعات دفاعية بينها منظومات اعتراض للقذائف والصواريخ والمسيرات.
الجديد، نسبيا، بين هذه النقاط التي وردت في البيان كان القول إن واشنطن «ستعمل مع شركائها لمواجهة عدوان إيران» وأنها ستدعم دور تل أبيب في «هيكل إقليمي قوي»، وأن زيارة بايدن للسعودية «تتصل بهذا الهدف».
أثناء عقد هذا المؤتمر نشرت وكالة إعلام أمريكية تقريرا تقول فيه إن التعاون العسكري العربي الإسرائيلي هو أمر واقع منذ فترة، وأن أحد تطبيقاته جرى في 15 آذار/ مارس الماضي بحصول تعاون بين جيوش عربية والمنظومات الدفاعية الإسرائيلية باستهداف طائرتين مسيرتين إيرانيتين وسقوطهما فوق أراض عربية.
وجود توافق بين دول عربية وإسرائيل على رفض المشروع النووي الإيراني هو أمر معلوم، لكنه معلوم أيضا أن هذه الدول العربية المعنية تحاذر من الانخراط فيه عسكريا مع إسرائيل، خوفا من الدخول في صراع عسكري مباشر مع إيران، فقد عانت بعض تلك الدول كثيرا، من عمليات للحوثيين استهدفت عمق الأراضي السعودية، وكذلك من عمليات تحمل بصمات إيران مباشرة استهدفت مواقع إماراتية وناقلات محلية وأجنبية في المياه الإقليمية للخليج العربي.
التركيز هنا إذن على الجانب «الدفاعي»، ومن هنا جاء اقتراح إسرائيل إنشاء «مشروع الدفاع الجوي للشرق الأوسط»، والذي أعلنت عنه في الشهر الماضي، والذي يضمن تنبيه الأطراف المعنية بعضها بعضا على الفور بشأن المسيرات المهاجمة.
أما الحماس الأمريكي لهذا المشروع فمبعثه اهتمام إدارة بايدن مجددا بالشرق الأوسط، على خلفية الأزمة الأوكرانية، في سياق الحفاظ على تدفق النفط، ومحاولة إبعاد النفوذ الروسي ـ الصيني، وضبط الأوضاع في اليمن، ومنع المسيرات الإيرانية من الحركة في المنطقة.
يجب النظر إلى عودة اهتمام بايدن بمشروع سلفه دونالد ترامب الساعي لـ«تطبيع» العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل ضمن السياق الآنف، وكذلك من منظار السياسات الداخلية الأمريكية، بحيث يسوق تراجع إدارة بايدن عن مواقفها السابقة من الرياض وأبو ظبي على أنه سعي لـ«إحلال السلام» في الشرق الأوسط، وهو موضوع يلقى تقبلا من مجمل الديمقراطيين والجمهوريين.
رغم كل ذلك، فإن المناكفات التي قام بها لبيد، بانتقاده استمرار إدارة بايدن بالتعويل على الدبلوماسية مع إيران، وبتملصه من الإقرار باقتناعه بضرورة نشوء دولة فلسطينية، والتلميحات التي أشار إليها مسؤولون سعوديون، لم يذكروا أسماءهم، لوسائل إعلام غربية، بأن الموقف السعودي ما زال قريبا من روسيا، هي أمثلة تشير إلى أن قطع المسافة من «إعلان القدس» إلى «الهيكل الإقليمي» لن تكون بسهولة انطلاق «اير فورس وان»، طائرة الرئاسة الأمريكية، من مطار بن غوريون، وهبوطها في مطار جدة أمس.
القدس العربي