تبدو الأمور السياسية في العراق تتجه نحو تصعيد خطير سينعكس مستقبلاً على وضع البلد بعد أن وصل ذروة الصراع السياسي بين “الإطار التنسيقي” و”الصدريين” إلى الشارع. وعلى الرغم من دعوات التهدئة والبحث عن مخرج سياسي من خلال المفاوضات السياسية بين طرفي النزاع فإن القلق سيد الموقف من أن يكون مصيرها الفشل بسبب تعنت الأطراف لتشكيل الحكومة الجديدة.
الحكومة ملتزمة بحفظ الأمن
وجدد رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، تأكيده على إصرار حكومته فرض الأمن في جميع المناطق، مبيناً أنه ملتزم بحماية السلم الاجتماعي والبعثات الدبلوماسية.
وقال بيان لمكتب الكاظمي، إنه “ترأس الخميس اجتماعاً موسعاً جمع القيادات الأمنية للقوات المسلحة لمناقشة مجريات ما حصل أثناء تظاهرات أمس (الأربعاء) في المنطقة الخضراء، وآلية حماية التظاهر بما يضمن عدم التعرض للمتظاهرين السلميين”.
وأكد الكاظمي أن “الحكومة ملتزمة بواجبها في حفظ الأمن، وضمان السلم الاجتماعي، وحماية المؤسسات العامة والخاصة، والبعثات الدبلوماسية”.
وجدد تأكيده أن الأجهزة الأمنية تؤدي دورها وفق القانون، لحماية المؤسسات الحكومية والبعثات الدولية، ومنع أي محاولة للإخلال بالأمن، والنظام العام.
دعوات التهدئة
إلى ذلك، استبعد الباحث السياسي، نبيل جبار العلي، أن “تكون دعوات التهدئة مؤثرة على ساحة الصراعات الداخلية، وقد تسبب بعض الأجندات المحلية أو سلوكيات أطراف داخلية باشتداد الأزمة وتصاعدها، لتصل أخيراً إلى المواجهة المسلحة”.
وتابع، “ما نعيشه اليوم من أحداث كان قد تنبأ بها كثيرون من داخل العراق وخارجه أيام الصراع مع تنظيم داعش، ووصفوها بمرحلة ما بعد داعش، متمثلة في الصراعات المسلحة للجماعات التي تشكلت وتنامت خلال فترة توسع الإرهاب في ظل غياب الدولة وضعف مؤسساتها الأمنية”.
وأضاف، “يواجه العراق اليوم مخاضاً صعباً، فإما أن ينتقل إلى مرحلة التسلط والاستبداد كنتيجة لمعركة كسر الإرادات السياسية، أو الخروج كبلد ديمقراطي أقوى قادر على حل مشاكله بأدوات الديمقراطية والتفاوض السياسي وتقبل الآخر”.
الانسداد السياسي
في الأثناء، كشف الباحث السياسي صالح لفتة أن “التصعيد واتساع حركة الاحتجاج ومواصلة التظاهر ومحاولة تعطيل اختيار رئيس الوزراء لن ينهي الانسداد السياسي في العراق وفي نفس الوقت لن تصل الأمور لاندلاع صراع مسلح بين الأحزاب والكتل السياسية”.
واستشهد لفتة ذلك بالقول، “نتذكر كيف أن الاحتجاجات السابقة والعصيان المدني وتوقف الدوام في كل مؤسسات الدولة للضغط من أجل إجراء انتخابات جديدة لم تحقق أهداف الشعب المتمثلة في تشكيل حكومة بعيدة عن الأحزاب التقليدية الحاكمة وخرجت نفس تلك الأحزاب رابحة، وتعقدت الأزمة أكبر وطال أمد تشكيل الحكومة أكثر، وخفض التصعيد أو اللجوء للتهدئة مرهون بمدى توافق قادة الكتل على مصالحهم والاتفاق على مشاركة الحكم”.
وتابع، “ليس من حق أي طرف سياسي أخذ كل شيء لوحده، فإما المشاركة أو العنف، لذلك يلجأ كل طرف لمحاولة ابتزاز الطرف الآخر، وإظهار تشدد كبير في المواقف والتلويح بالذهاب بعيداً لما لا يحمد عقباه ثم تتحلحل العقدة وتتوافق الأطراف من دون خاسر، فلا حل إلا التهدئة التي تضمن حصول كل طرف على ما يريد”.
ويرى، “من حق أي مواطن التعبير عن رأيه ومحاولة إيصال صوته لمن يمتلك الحل، لكن على المواطنين القبول بالأمر الواقع وترك التصعيد واللجوء للعنف جانباً فعندما يتفق قادة الكتل لن يهتم أحد بمطالبهم”.
تصعيد خطير
ويعتقد المحلل السياسي، علي البيدر، أنه “حتى الآن لا توجد أي حلول يمكنها أن تخرج البلاد من الأزمة التي تعيشها، فربما هناك أطراف تريد ضرب الخصوم ببعضها من أجل تسيد المشهد فيما لا توجد أي جهة تقدم مبادرة لرأب الصدع بين مختلف الأطراف”.
وتوقع البيدر أن “الوضع يتجه إلى التصعيد، وربما نشهد مواجهة محتملة بين الطرفين، نوري المالكي ورفاقه إلى جانب التيار الصدري، وقد يؤدي ذلك إلى حدوث حرب أهلية”.
اندبندت عربي