رئيسة وزراء إيطاليا تخص العراق بأول زيارة خارج أوروبا وعينها على الطاقة

رئيسة وزراء إيطاليا تخص العراق بأول زيارة خارج أوروبا وعينها على الطاقة

شكّل ملف الطاقة إحدى أولويات زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى العراق، في ظل مساع إيطالية لتنويع الشراكات في هذا القطاع. ويعد العراق سوقا مهما للطاقة، حيث أنه من كبار منتجي النفط على الصعيد الدولي، ويعتزم أيضا خلال السنوات الأربع المقبلة استغلال ثروته من الغاز، التي يهدرها حرقا جراء عدم امتلاكه المنشآت اللازمة لتحويله.

بغداد – خصت رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني العراق بأول زيارة رسمية لها خارج أوروبا، وعينها على تعزيز الشراكة مع بغداد لاسيما في قطاعي النفط والغاز، في ظل سعي أوروبي محموم إلى إنهاء التبعية للطاقة الروسية.

ويمثل العراق أحد كبار المنتجين للنفط في المنطقة العربية. وتبلغ طاقة إنتاج النفط الخام في العراق، بما في ذلك حصتا الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، حوالي خمسة ملايين برميل يوميا.

وتعتزم بغداد رفع طاقة إنتاجها إلى سبع ملايين برميل يوميا في عام 2027، بحسب تصريحات لرئيس شركة تسويق النفط الحكومية العراقية في وقت سابق، وهو ما يجعلها وجهة للكثير من الدول المستهلكة ولاسيما الأوروبية التي تسعى إلى تعميق شراكاتها في مجال الطاقة لإنهاء الاعتماد كليا على النفط الروسي.

وتمثل الساحة العراقية منطقة تنافس بين شركات نفطية أميركية وفرنسية وبريطانيا، لكن إيطاليا تبدي اهتماما كبيرا بالدخول على الخط في العراق، من خلال شركاتها الرائدة في هذا المجال.

وخلال مؤتمر صحفي مع ميلوني في بغداد، أعرب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن أمله في أن تعمل “المزيد من الشركات المتخصصة والمتطورة في مجالات البنية التحتية وفي استثمار الغاز” في العراق. وأضاف السوداني أن “العراق حريص على أن يزود إيطاليا بما تحتاجه من النفط والغاز”.

وأبدى رئيس الوزراء العراقي أيضا استعدادا “لتنمية التعاون الاقتصادي (مع إيطاليا) في كافة المجالات، وخصوصا في مجالات الزراعة والمياه والصحة”.

ويرى مراقبون أن الشراكات مع الدول الأوروبية تخدم جهود بغداد في إعادة تحديث البنية التحتية المتهالكة للطاقة، بفعل عقود من النزاعات والحروب.

وتسعى الحكومة العراقية ضمن مشاريعها إلى إنهاء حرق الغاز الطبيعي خلال أربع سنوات. ولا يزال العراق يحرق جزءا من الغاز المستخرج إلى جانب النفط الخام لعدم توفر المنشآت اللازمة لمعالجته وتحويله إلى وقود للاستهلاك المحلي أو للتصدير، ويقول المراقبون إن الشركات الإيطالية يمكن أن تلعب دورا في هذا المجال.

وخلال زيارتها إلى بغداد التقت رئيسة وزراء إيطاليا أيضاً برئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي في العاصمة العراقية، قبل أن تتوجه إلى إقليم كردستان. وأكد الرئيس العراقي خلال استقباله ميلوني على أهمية العلاقات القائمة بين العراق وإيطاليا، وضرورة العمل والتنسيق في سبيل تعزيزها.

وقال إن العراق يشهد استقرارا أمنيا وسياسيا بعد تشكيل الحكومة الجديدة التي وضعت برنامجا وزاريا طموحا يرتكز على النهوض بمشاريع البنى التحتية الرئيسية، والارتقاء بالأوضاع المعيشية والخدمية المرتبطة بالمواطنين بشكل مباشر، والعمل على دعم القطاع الخاص عبر التسهيلات والتشريعات المطلوبة، وفتح الباب أمام الاستثمارات في عملية البناء والإعمار والتطوير.

وذكر رشيد أن هناك العديد من أوجه التعاون والتنسيق بين العراق وإيطاليا والتي يمكن تعزيزها في المجالات الاقتصادية. وأشاد بدور “الأصدقاء في المجتمع الدولي في مساعدة العراق على مكافحة الإرهاب، بما في ذلك إيطاليا التي ساهمت في الهزيمة التي تلقتها الجماعات الإرهابية على يد القوات الأمنية العراقية وفي دعم وتدريب وتقديم المشورة في هذا الجانب”.

وتنشر إيطاليا العضو في حلف شمال الأطلسي، نحو 650 شخصاً في العراق والكويت في إطار عملية “بريما بارتيكا” الداعمة للتحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

ويعمل هؤلاء الجنود في مراكز القيادة متعددة الجنسيات في الكويت وفي بغداد وأربيل في العراق. ويهتمون بتدريب القوات المسلحة والشرطة العراقية ويقدمون لها أيضًا الدعم الإداري.

ورحبت ميلوني خلال زيارتها إلى بغداد بالتطور الإيجابي الذي يشهده العراق من النواحي الأمنية والسياسية. وأكدت أن إيطاليا تتطلع إلى تعزيز أواصر العلاقات مع العراق على كافة الأصعدة، إلى جانب دعم أمن واستقرار العراق وسيادته وسلامة مواطنيه. ودعت إلى وجود عراق قوي وفاعل في دعم استقرار المنطقة.

◙ الشراكات مع الدول الأوروبية تخدم جهود بغداد في إعادة تحديث البنية التحتية المتهالكة للطاقة، بفعل عقود من النزاعات والحروب

وشكل إقليم كردستان العراق المحطة الثانية في زيارة رئيسة وزراء إيطاليا حيث استقبلها كل من نيجيرفان بارزاني رئيس الإقليم ومسرور بارزاني رئيس الحكومة المحلية، وتم خلال اللقاءات بحث تعزيز العلاقات الاقتصادية.

ويمثل إقليم كردستان العراق هو الآخر محط جذب القوى الأوروبية فيما يتعلق بمشاريع الطاقة، لكن الخلافات مع الحكومة الاتحادية تعوق هذه المشاريع. وتجري نقاشات بين حكومة السوداني وحكومة بارزاني لتذليلها لاسيما في علاقة بقانون النفط والغاز، وسط شكوك في إمكانية التوصل إلى توافقات في ظل وجود عقبات كثيرة لا تخلو من حسابات سياسية.

وكان الخلاف حول النفط بين الحكومة الاتحادية والإقليم أدى إلى وقف عدد من الشركات العالمية أعمالها في كردستان العراق، ولا يستبعد قيام قوى دولية بممارسة المزيد من الضغوط على الطرفين للتوافق، وهذا ما سيضاعف استفادة العراق من ثروته المتأتية من الطاقة. وخلال زيارتها إلى العراق أجرت رئيسة الوزراء الإيطالية زيارة إلى جنود بلادها، بمناسبة أعياد الميلاد.

وميلوني زعيمة حزب “إخوة إيطاليا” (فراتيللي ديتاليا) اليميني المتطرف، أصبحت في أكتوبر أول سيدة تتولى قيادة رئاسة الحكومة في البلاد. وهي تترأس الحكومة الأكثر يمينية في إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية.

العرب