كشفت أوساط نيابية تابعة للإطار التنسيقي أن حل معظم الملفات العالقة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد يبقى رهين إجراء التعداد السكاني في العراق، في تصريحات تتناقض مع حديث البعض عن إشارات إيجابية للتسوية.
وتشهد العلاقة بين الحكومة المركزية وأربيل خلافات منذ سنوات حول جملة من الملفات من بينها الموازنة العامة، وملف النفط والغاز، ورواتب موظفي الإقليم وإدارة المطارات والمنافذ البرية مع دول الجوار، إلى جانب ملف “المناطق المتنازع عليها”، وأهمها محافظة كركوك.
ويأمل إقليم كردستان الذي يواجه أزمة اقتصادية في أن تسهم مفاوضاته مع بغداد في تخفيف العبء الداخلي، ومنها ضمان وصول مستحقات موظفيه وعناصر البشمركة، بالتزامن مع بدء التحضير لمناقشة بنود الموازنة المالية للعام 2023، والتي من المرجح أن تعرضها الحكومة على البرلمان في فبراير المقبل.
وكشفت حكومة كردستان الاثنين عن مشاركة وفد لها لأول مرة في كتابة مسودة مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2023، معلنة عن قرب زيارة الوفد إلى بغداد.
إن “حكومة إقليم كردستان الحالية على تواصل مستمر مع الحكومة العراقية وقمنا بالعديد من الزيارات وتم تشكيل عدة لجان بشأن قانون الموازنة وملف النفط والرقابة المالية والمناطق المتنازع عليها”.
وأضاف في تصريحات صحفية “لقد قمنا قبل رأس السنة الميلادية بزيارة بغداد ومستعدون الآن لزيارة جديدة وننتظر تحديد موعد لذلك لنتناقش مجددا حول الملفات المهمة”.
وتابع عادل “نحن كحكومة الإقليم جادون في التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الاتحادية وهذه أول مرة نكون فيها مشاركين في كتابة قانون الموازنة بطلب منا وننتظر النتائج”.
وأكد عادل “نحن مستعدون للاتفاق مع الحكومة العراقية على أساس الدستور والاتفاق السياسي الذي أُبرم بين القوى المشكّلة للحكومة الجديدة”.
ويرى مراقبون أن جهود حكومة الإقليم في حلحلة القضايا الخلافية مع بغداد لا تلاقي تجاوبا كبيرا من قبل الإطار التنسيقي، الذي يمثل الغطاء السياسي لحكومة محمد شياع السوداني.
ولدى الإطار الذي يضم القوى الشيعية الموالية لإيران تحفظات كبيرة سواء في علاقة بالمناطق المتنازع عليها، والتي يتوقع أن يتم تأجيل النظر فيها في الوقت الحالي، وأيضا في علاقة بالأموال المخصصة للإقليم والتي يرى الإطار أنها يجب أن تأخذ بالاعتبار الكتلة السكانية.
ويلفت المراقبون إلى أن ممثلي الإطار التنسيقي يتحفظون كثيرا على كتلة الرواتب التي يطالب بها الإقليم، حيث يرون أن أعداد الموظفين المدنيين أو العسكريين (البشمركة) مبالغ فيها.
واعتبر كريم أن إجراء التعداد العام للسكان سيحل أغلب تلك الخلافات بما فيها حصة الإقليم السنوية بالموازنة العامة. وقال النائب في تصريحات صحفية إن “العلاقة الحالية بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان العراق تشهد تقاربا أكثر من أي وقت مضى لإيجاد صيغة من التفاهم لحل المشاكل”.
وأضاف أن “القوى السياسية كافة بما فيها القوى السياسية الكردية لديها رغبة كبيرة في إجراء التعداد العام للسكان باعتباره الحل الوحيد لحل الكثير من المشاكل والخلافات خاصة ما يتعلق بحصة الإقليم السنوية في الموازنة العامة، فضلا عن الانطلاق في إقرار القوانين الحاكمة وفي مقدمتها قانون النفط والغاز”.
ولم يقم العراق بإجراء تعداد سكاني منذ أكثر من عقدين بسبب الصراعات والخلافات السياسية، وكان آخر تعداد جرى في العام 1997، ويعد التعداد السكاني أمرا ضروريا فيما يتعلق بتوزيع الثروات ورسم الخطط التنموية في البلاد.
وأعلن صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق الشهر الماضي أن الحكومة تبذل جهودا كبيرة لإجراء التعداد في موعده عام 2023، مشيرا إلى أن تنفيذه سيتم إلكترونيا، ويتوقف على توفير التخصيصات المالية في موازنة 2023.
وقال كبير مستشاري الصندوق مهدي العلاق في تصريح صحفي إن “الاستعدادات لتنفيذ التعداد السكاني بدأت منذ عام 2019، إذ كان من المؤمل أن يُنفذ عام 2020، لكن جائحة كورونا تسببت في تأجيله”.
وأضاف أن “الجهاز المركزي للإحصاء ووزارة التخطيط يبذلان جهودا كبيرة من أجل الالتزام بالموعد الجديد عام 2023″، موضحا أن “هذا الموضوع مرتبط بتهيئة الموازنة الكافية، ومع انطلاق الحكومة الجديدة والموازنة الجديدة لعام 2023 ربما تتوافر التخصيصات المناسبة لأغراض تنفيذ التعداد العام للسكان”.
وذكر أن “صندوق الأمم المتحدة للسكان من الجهات الداعمة لهذا المشروع الكبير، ونأمل في أن يتحقق خلال الموعد المذكور”، موضحا أن “موازنة التعداد المخطط لها من قبل الجهاز المركزي للإحصاء في حدود 120 مليون دولار، وهناك بعض أوجه الصرف تمت خلال الأعوام الماضية لكنها لا تزال محدودة”.
وكانت وزارة التخطيط قد حددت في وقت سابق شرطين رئيسيين لإجراء التعداد العام للسكان والمساكن في موعده المقرر العام الجاري، وقال المتحدث باسم الوزارة عبدالزهرة الهنداوي في بيان نشرته وسائل الإعلام المحلية، إنها “تعمل منذ أعوام على تنفيذ التعداد العام، بيد أن عقبات عدة حالت دون إجرائه، بدءا بالظرف السياسي للبلاد عام 2010 وانتهاء بالوضع الصحي في 2020”.
وأشار إلى “استعداد الجهاز المركزي للإحصاء لإجرائه، شرط أن تكون هناك مدة زمنية كافية لتنفيذ جميع متطلباته”، كاشفا عن “وجود الكثير من الفعاليات التي سيتضمنها التعداد، وكل واحدة منها تحتاج إلى توقيت زمني لإنجازها”.
ويرى المراقبون أن فرضية الاستجابة لمطالب الإقليم بالعودة إلى حصته من الموازنة بنسبة 17 في المئة أمر غير مرجح، قبل أن يجري حسم مسألة التعداد السكاني، والذي سيتم على ضوئه تحديد مستحقات الإقليم الذي يحظى بحكم ذاتي في شمال العراق.
وكان ائتلاف دولة القانون الذي يقوده نوري المالكي استبعد في وقت سابق زيادة حصة المكون الكردي في الموازنة المالية للعام 2023. وقال القيادي بالائتلاف وائل الركابي إن “قانون الموازنة المالية سيتم إقراره في الشهر الثاني من السنة المقبلة، لأنه عندما يصل إلى البرلمان يحتاج إلى مدة لا تقل عن 45 يوما لمناقشة فقراته”.
وأضاف أن “مجلس النواب سيعمل على دراستها ومن الممكن رفض بعض الفقرات وإعادتها إلى الحكومة مرة أخرى لتصحيحها”، لافتا إلى أن “فبراير 2023 سيشهد التصويت على الموازنة المالية”.
وذكر أن “وصول الموازنة إلى مجلس النواب، وحسب ما نقلت الأخبار من وزارة المالية فهي معدة وجاهزة، سيكون مطلع العام 2023”.
وأوضح الركابي أن “حصة أربيل وعكس توقعات البعض ستبقى كما كانت في السابق”، مبينا أن “الحصة ستكون 12 في المئة”.
صحيفة العرب