الانتخابات المبكرة في العراق عنوان توتر سياسي جديد

الانتخابات المبكرة في العراق عنوان توتر سياسي جديد

رفض الإطار التنسيقي لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة يعتبر نكثا بتعهدات سبقت تشكيل حكومة محمد شياع السوداني التي تبنتها. وينذر تراجع الإطار التنسيقي عن تعهداته بعودة العراق إلى مربع التوتر السياسي والأمني في ظل توقعات بتحرك التيار الصدري من جديد.

بغداد – يؤشر رفض الإطار التنسيقي إجراء انتخابات مبكرة في العراق كما هو متفق عليه في وثيقة عمل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على دخول بغداد في مرحلة توتر سياسي جديدة تغذيها المخاوف من ردة فعل التيار الصدري الذي يراهن على الانتخابات لإعادة التموقع في الخارطة السياسية وأخذ زمام المبادرة من جديد.

وكشف القيادي البارز في الإطار التنسيقي حسن فدعم الاثنين رفض الكتل السياسية المتواجدة في مجلس النواب العراقي إجراء انتخابات برلمانية مبكرة خلال الفترة المقبلة.

وقال فدعم “إننا نستبعد إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في المرحلة المقبلة ولا حتى في المستقبل البعيد، كون تجربة الانتخابات المبكرة لن تكون ناجحة، خصوصا وأن أي انتخابات مبكرة يعني حل مجلس النواب، وهذا يعني إجراء انتخابات برلمانية في ظل غياب السلطة التشريعية عن السلطات الثلاث وهذا خلل كبير”.

وبين أن “وجود مجلس النواب كجهة رقابية أمر مهم جدا باعتبار أن القوى السياسية المتنافسة هي متواجدة في مجلس النواب، وبكل تأكيد هي لن تسمح لأي طرف بأن يزوّر أو يتلاعب بنتائج الانتخابات، وتكون هناك رقابة متبادلة فيما بين القوى السياسية”.

وأكد القيادي البارز في الإطار التنسيقي أنه “لا يوجد أي مبرر لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، مع العلم أن قوى الإطار التنسيقي هي القوى الخاسرة في الانتخابات البرلمانية المبكرة السابقة، ورغم هذه الخسارة ورغم ملاحظات هذه القوى على العملية الانتخابية، إلا أن قوى الإطار لم تطالب بإعادة الانتخابات وإجراء انتخابات مبكرة، بل طالبت بالعد والفرز اليدوي وذهبت إلى الطرق القانونية لتصحيح العملية الانتخابية”.

وختم فدعم قوله إنه “لا يوجد أي طرف سياسي الآن متواجد في مجلس النواب العراقي يطالب أو يسعى لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة خلال المرحلة المقبلة، ولهذا نحن نستبعد إجراء أي انتخابات مبكرة مستقبلا”.

وتنذر نيةُ الإطار التنسيقي للتراجع عن إجراء انتخابات مبكرة في العراق وفق جدول زمني محدد مسبقا بعودة التوتر السياسي إلى العراق. ويتوقع مراقبون أن تواجه خطوات الإطار التنسيقي – إن اختار المضي فيها – رفضا من قبل التيار الصدري، ما يعيد بغداد إلى مربع التوتر.

وينص المنهاج الوزاري لحكومة محمد شياع السوداني، الذي أقره مجلس النواب العراقي في السابع والعشرين من أكتوبر الماضي 2022، على “تعديل قانون الانتخابات النيابية خلال ثلاثة أشهر، وإجراء انتخابات مبكرة خلال عام”.

كما تضمن التزام الحكومة بـ”القيام بواجبها بدعم المفوضية المستقلة للانتخابات في جميع المجالات لتمكينها من القيام بإجراء الانتخابات القادمة لمجلس النواب الاتحادي وانتخابات مجالس المحافظات، وذلك بتوفير التخصيصات المالية، وتهيئة الأجواء الآمنة والمستقرة لإجراء الانتخابات لضمان نجاحها ونزاهتها”.

ولم تدل حكومة السوداني بأي تعليق حتى الآن حيال تلك التصريحات، في وقت تعتبر فيه أوساط سياسية عراقية أن مقترح الإطار التنسيقي بإلغاء فكرة الانتخابات المبكرة يعدّ بمثابة جس لنبض الشارع والتيار الصدري على وجه التحديد، مشيرة إلى أن البرنامج الحكومي الذي تم التصويت عليه داخل البرلمان يتضمن إجراء انتخابات مبكرة، وذلك بصيغة واضحة.

ورهنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق إجراء انتخابات مبكرة بعد عام واحد بشرطين اثنين، هما الموازنة المالية وقانون الانتخابات.

وقال عضو مفوضية الانتخابات عماد جميل في تصريح صحفي إن “إمكانية إجراء انتخابات مبكرة خلال سنة تعتمد على إنجاز القانون الخاص بها، وتوفير الأموال، ولهذا نحن بانتظار القانون الذي ستجرى على أساسه الانتخابات المقبلة، وكذلك توفير الأموال لمعرفة كم نحتاج من الوقت لإجراء العملية الانتخابية”.

مراقبون يرون أن التيار الصدري لن يسمح بتعديل قانون الانتخابات بشأن الفقرة المتعلقة بالدوائر الانتخابية

ويرى مراقبون أن التيار الصدري لن يسمح بتعديل قانون الانتخابات بشأن الفقرة المتعلقة بالدوائر الانتخابية، ولن يقبل بالعودة إلى الدائرة الانتخابية الواحدة لكل محافظة كما يسعى لذلك الإطار التنسيقي.

ويشير هؤلاء إلى أن أي حراك لتعديل قانون الانتخابات خارج إرادة الصدريين سيكون إيذانا بعودة الأزمة التي لم تحل أساسا، بل تم تجميدها، وهذا قد يعيد مشهد التظاهرات الشعبية في الشارع العراقي على مستوى بغداد وباقي المحافظات، وحتى سيناريو دخول البرلمان سيكون واردا إذا أصرّت بعض الأطراف على المضي في تعديل القانون وفق ما يرفضه التيار الصدري.

وقال المحلل السياسي أحمد الشريفي إنه “لا توجد أي ضمانات حقيقية بشأن إمكانية إجراء انتخابات مبكرة، ومن الممكن جدا أن تبقى حكومة السوداني لمدة أطول، كما فعلت حكومة مصطفى الكاظمي، فهذا الأمر يحتاج إلى إجراءات قانونية ومالية وفنية”.

وأضاف الشريفي أن “إجراء تعديلات على قانون الانتخابات سيخلق مشاكل وخلافات سياسية جديدة بين الكتل والأحزاب، وربما هذا الأمر يدفع الصدريين للعودة إلى الاحتجاج، وكذلك قوى تشرين، كما أن عدم التزام حكومة السوداني بإجراء الانتخابات في موعدها، ربما يدفع إلى الاحتجاج ضدها كما حصل مع حكومة عادل عبدالمهدي في عام 2019”.

ويقول مراقبون إن ترويج الإطار التنسيقي لرفضه مواعيد انتخابية جديدة يدخل في باب جس نبض التيار الصدري المنكفئ عن الساحة السياسية.

ويشير هؤلاء إلى أن التيار الصدري قد يصعّد تحركاته في العراق إذا أصر الإطار التنسيقي على المضي قدما في خطواته.

ترويج الإطار التنسيقي لرفضه مواعيد انتخابية جديدة يدخل في باب جس نبض التيار الصدري المنكفئ عن الساحة السياسية

وكان يعوّل على هذه الانتخابات لإعادة رسم المشهد السياسي مجددا في البلاد بعد انسحاب التيار الصدري من البرلمان منتصف شهر يونيو الماضي، إثر تصاعد حدة الأزمة السياسية في البلاد.

وفتح انكفاء التيار الصدري عن الساحة السياسية واستقالة أعضائه من البرلمان العراقي الأبواب أمام الأحزاب الموالية لإيران للسيطرة على المشهد في العراق.

واعتبر محللون أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أخطأ بانسحابه من الحياة السياسية ومنح الأحزاب الموالية لإيران فرصة ذهبية للسيطرة على البلاد ومقدراتها.

ومع استمرار ترقّب موقف الصدريين من أداء حكومة السوداني، فإن مسألة الانتخابات المبكرة تعتبر الورقة الأخيرة التي يمتلكها الإطار التنسيقي للإبقاء على حالة التهدئة الحالية من قبل الصدريين.

ويُعدّ التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، من أشد المعارضين لحكومة السوداني، وقد عطّل بعد إعلان ترشحه لرئاسة الحكومة عمل البرلمان، عبر اقتحام أنصاره له واعتصامهم فيه لأكثر من شهر، وطالب بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة. وتُعد الانتخابات المبكرة من أبرز مطالب الصدريين لحل الأزمة السياسية طيلة الأشهر الماضية.

وكان السوداني قد تعهد أمام البرلمان العراقي فور انتخابه لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة بإجراء انتخابات مجالس المحافظات والانتخابات البرلمانية خلال العام 2023.

العرب