أزمة المعيشة أكبر خطر يهدد تعافي النمو العالمي

أزمة المعيشة أكبر خطر يهدد تعافي النمو العالمي

جنيف – انضم المنتدى الاقتصادي العالمي إلى ركوب موجة التشاؤم بشأن مستقبل تعافي النمو العالمي، والذي من المتوقع أن يستمر في السير بشكل متباطئ حتى حلول العام 2025.

وذكر المنتدى في بيان أصدره بمناسبة نشر تقرير حول المخاطر العالمية لعام 2023 أن أزمة تكلفة المعيشة الناجمة عن التضخم الذي تفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا وإعادة فتح الاقتصاد بعد الوباء، تعد الخطر العالمي الأول خلال العامين المقبلين.

وهذا الخطر الذي يتسبب بحدوث توترات شديدة في مناطق من العالم بدفع الملايين من الناس إلى هوة الفقر المدقع مع تأجيج التوترات المجتمعية، يتجاوز الكوارث الطبيعية والأحداث المناخية القاسية، أو حتى النزاعات.

ويقول التقرير الذي يستند إلى دراسة استقصائية شملت 1200 من خبراء المخاطر ورؤساء الصناعة وواضعي السياسات إن أكبر التحديات خلال العقد المقبل تشمل البيئة.

ومع ذلك، فإن التحديات الأكثر إلحاحا تشتت انتباه قادة العالم، وبعضهم سيكون في دافوس للمشاركة في نقاشات جماعية والتحدث في أحد الاجتماعات في الحدث الذي واجه انتقادات لعدم إنتاج عمل ملموس طيلة سنوات خلت.

وعودة انتشار وباء كورونا، والحرب في أوروبا، أعادا إلى الواجهة أزمات الطاقة والتضخم والغذاء والأمن، والتي تخلق مخاطر تابعة ستهيمن على اقتصادات الدول.

ومن بين تلك المخاطر “الركود الاقتصادي وضائقة الديون المتزايدة وأزمة تكلفة المعيشة المستمرة والفجوة بتحقيق الأهداف المناخية بسرعة ما ينتج عنه حرب جيو – اقتصادية محصلتها صفر”.

وقالت المدير العام للمنتدى سعدية زهيدي إن “الطاقة والغذاء والديون والكوارث تهيمن على مشهد المخاطر على المدى القصير”.

وأضافت أنه “في هذا المزيج السام بالفعل من المخاطر العالمية المعروفة والمتصاعدة، قد يصبح حدوث صدمة جديدة، من صراع عسكري جديد إلى فايروس جديد، غير قابل للإدارة”.

وأكدت قبل خمسة أيام من بدء الاجتماع السنوي للمنتدى الذي ينعقد في دافوس السويسرية في دورة جديدة بدءا من الاثنين المقبل أن هذه الصدمات “تلحق ضررا بجهود مكافحة تهديدات أخرى طويلة الأمد وخاصة تغير المناخ” وانهيار التنوع البيولوجي.

ويدعو التقرير الذي أُعد بالتعاون مع شركة مارش ماكلينان، المتخصصة بتقديم المشورة في إدارة المخاطر، وشركة زوريخ للتأمين، إلى اتخاذ إجراءات تعاون عالمية عاجلة بهدف وضع نوافذ عمل “تتقلص بسرعة”.

ومن بين أكبر 10 تحديات طويلة الأجل، قال المشاركون إن الأربعة الأوائل تتعلق بالمناخ، والفشل في الحد من تغير المناخ أو التكيف معه والكوارث الطبيعية والطقس القاسي وفقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظام البيئي.

وأشار التقرير إلى أن المخاطر قصيرة المدى تختبر التعهدات بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية لثاني أكسيد الكربون المحتجز للحرارة و”كشفت عن فجوة بين ما هو ضروري علميا وما هو مستساغ سياسيا”.

وقالت كارولينا كلينت قائدة إدارة المخاطر في مارش “نحتاج إلى أن نكون أفضل في الموازنة بين التوقعات قصيرة المدى للمخاطر والتوقعات طويلة المدى للمخاطر”.

وأضافت “نحن بحاجة إلى اتخاذ قرارات الآن قد تبدو غير منطقية لأنها قد أن تكون مقدما مكلفا بعض الشيء، لكن هذا أمر لا مفر منه”.

1200 من خبراء المخاطر ورؤساء الصناعة يؤكدون أن أكبر التحديات خلال العقد المقبل تشمل البيئة

ولفتت كلينت إلى أن أحد الأمثلة هو الاستثمار الضخم اللازم لتسريع الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المستدامة.
وقال الخبراء في تقريرهم إنه “ما لم يبدأ العالم في التعاون بشكل فعال بشأن الاعتدال (لتغير المناخ) والتكيف المناخي، فإن السنوات العشر القادمة ستؤدي إلى المزيد من الاحتباس الحراري والانهيار البيئي”.

وبالتوازي، فإن الأزمات المرتبطة بالتنافس الجيوسياسي بين مختلف البلدان “تهدد بخلق ضائقة مجتمعية على مستوى غير مسبوق، مع غياب الاستثمارات في الصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية، مما يفاقم من تآكل التماسك الاجتماعي”.

ويرى جون سكوت رئيس مخاطر الاستدامة بمجموعة زيورخ للتأمين أن “التفاعل بين تأثيرات تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، واستهلاك الموارد الطبيعية، هو مزيج خطير”.

وقال إنه “دون تغيير كبير في السياسات المتبعة، وضخ استثمارات هائلة، سيؤدي هذا المزيج إلى تسريع انهيار النظام البيئي، وتهديد الإمدادات الغذائية، وتضخيم آثار الكوارث الطبيعية والحد من التقدم في التخفيف من آثار المناخ”.

وأضاف “أما إذا قمنا بتسريع العمل، فلا تزال هناك فرصة بحلول نهاية العقد لتحقيق مسار 1.5 درجة مئوية ومعالجة حالة الطوارئ الطبيعية، حيث يمنحنا التقدم الأخير في نشر تقنيات الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية أسبابا وجيهة للتفاؤل”.

العرب