السعودية تطلق منصة إلكترونية وبودكاست للقصص القصيرة

السعودية تطلق منصة إلكترونية وبودكاست للقصص القصيرة

رافقت القصص البشر منذ فجر الوعي، إلى أن تحولت وتبلورت جنسا أدبيا له ملامحه الخاصة مع عصر الحداثة، فكانت المجال الأدبي الأكثر استقطابا للكتاب وحتى الشعراء ليؤلفوا فيه قصصا مهمة، ساهمت بدورها في تغذية الفنون الأخرى لاحقا مثل المسرح والسينما علاوة على الفنون الأدبية مثل الرواية، ورغم تراجعها الواضح اليوم فإنها تظل مجالا يستحق الاحتفاء والاهتمام به.

الرياض- تحتفي هيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية باليوم العالمي للقصة القصيرة الذي يصادف الرابع عشر من فبراير من كل عام، والذي يهدف إلى إعلاء قيمة الأدب في حياة الفرد.

ويأتي هذا الاحتفاء في الوقت الذي انصرف فيه الكتاب وحتى النقاد إلى الرواية باعتبارها كما قال أحدهم “ديوان العرب” بعد أن احتكر الشعر هذه التسمية ولقرون عديدة، بينما يغفل هذا الاعتقاد ما قدمته القصة القصيرة وما تقدمه من أعمال أدبية ما يزال لها تأثيرها الثقافي والأدبي والفني الواسع.

مبادرات مبتكرة
الاعتقاد بأن القصة القصيرة تراجعت بعد انتشار الرواية والقصة القصيرة جدا، هو قول غير دقيق في مجمله، صحيح أن الرواية تشهد طفرة، ولكنها قد تكون مؤقتة، وكذلك هو الحال بالنسبة إلى القصة القصيرة جدا.

الشيء الذي لا يغيب عن البال هو أن معظم الفنون ومنها الفنون الأدبية، لا يمكن لها إلا أن تتطور، حتى لا توصف بالجمود أو التأخر عن مواكبة التجديد، لكن هذا التطور لا بد أن يحافظ على الملامح الرئيسية للعمل الفني، وإلا تحول إلى لون هجين لا ينتمي لأي فن، وهو ما ينتبه إليه بشكل أساسي في التعامل مع جنس القصة القصيرة التي مازالت ستقدم للأدب العربي والعالمي وللفنون الكثير.

وأطلقت هيئة الأدب والنشر والترجمة مبادرة “الأدب في كل مكان” لزيادة الوعي وإثراء القارئ والمستمع، والسعي لنشر إبداعات المؤلفين السعوديين في أنحاء المملكة كافة.

وتأتي المبادرة على مسارين هما “ق.ق” وتعني القصص القصيرة؛ وهي عبارة عن منصة إلكترونية تحتضن مجموعة كبيرة من القصص القصيرة التي يمكن طباعتها حراريا وفوريا عبر جهاز إلكتروني على ورق صديق للبيئة، حيث تمنح القارئ خيارات طباعة قصة قصيرة لمدة تتراوح ما بين دقيقة و5 دقائق بما لا يتجاوز 1000 كلمة، أو طباعة قصة قصيرة جدا؛ بهدف توفير المحتوى الأدبي في الأماكن العامة.

أما المسار الثاني من المبادرة فهو “سحابة أدب” عبر توفير محتوى أدبي مسموع باللغتين العربية والإنجليزية، ويمكن للزوار من خلاله الاستماع إلى “بودكاست” وكتب صوتية، ويوفر لهم خيارات المدة المناسبة من الكتب والمحتوى الأدبي المتنوع، وذلك من خلال قراءة رمز الاستجابة السريعة “الباركود”، الموجود على اللافتات الموزعة حول المملكة، عبر الهواتف والأجهزة الذكية.

احتفاء غير تقليدي
وتمنح المبادرة المؤلفين فرصة الوصول إلى أكبر شريحة من الجمهور العام، وذلك بتمكينهم من رفع مؤلفاتهم، وإبداعاتهم، ومحتواهم الأدبي، عبر صفحة المبادرة على موقع وزارة الثقافة، سواء لمسار “ق.ق” أو “سحابة أدب”؛ حيث تُمثّل مبادرة “الأدب في كل مكان” جانبا من جهود هيئة الأدب والنشر والترجمة الرامية إلى تعزيز إتاحة المحتوى الأدبي، وجعل تناول الأدب نمط حياة لجميع أفراد المجتمع، مع ما يتضمنه ذلك من نشر للمؤلفات والقصص والكتب للمبدعين السعوديين، دعما لانتشار الكتاب والناشر والمترجم السعودي، ولتوسيع أوعية النشر للمستفيد النهائي بما يتواءم مع احتياجات السوق.

تسعى هيئة الأدب والنشر والترجمة من خلال هذه المبادرة إلى الخروج عن الطرق التقليدية في الاحتفاء باليوم العالمي للقصة القصيرة، وتوفير خيارات إبداعية وتفاعلية مع الجمهور تدعم جهود الهيئة في التشجيع على نشر المنتج الأدبي بين عموم الأفراد من كافة شرائح المجتمع.

معظم الفنون ومنها الفنون الأدبية، لا يمكن لها إلا أن تتطور، حتى لا توصف بالجمود أو التأخر عن مواكبة التجديد

وتاريخيا بدأت الحركة الأدبية في المملكة خلال الفترة من 1924 – 1945، وهي الفترة التي عرفت باسم الأدب الحديث في السعودية، حيث انفتحت المملكة على العالم الخارجي بشكل تدريجي، وبدأ انتشار العِلم ووضعت أسس النهضة الفكرية؛ فيما تُعد الثمانينات العصر الذهبي لكتابة القصص القصيرة في السعودية، وذلك لوجود عدد من التغيرات أبرزها زيادة الإنتاج، وتنوع التجارب، وظهور الإصدارات النقدية للقصص.

وارتبط ظهور القصص القصيرة في السعودية بالتحول الاجتماعي والحضاري، وبعد أن بدأ الوعي الفني ينضج وينمي موارد الأدباء، بدأوا يبدعون في كتابة قصص قصيرة تتحدث عن البيئة وتتفاعل مع المجتمع. ودخلت المملكة نتيجة لهذا التغير عصرا جديدا في المجال الثقافي والأدبي وغيره، وكانت هذه من أزهى عصور الإنتاج الثقافي والأدبي في المملكة؛ حيث كان للقصة السعودية الكثير من الاتجاهات منها الكلاسيكية، والواقعية والفلسفية، كما أن الوعي الثقافي السعودي ساهم في رصد تطور القصة القصيرة وتحديد مراحلها.

العرب