موسكو – اتهم المرشح الرئيسي للمعارضة كمال قليجدار أوغلو روسيا بمحاولة التأثير على الانتخابات التركية من خلال التدخل للتأثير على الناخبين في خدمة الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان، وهو ما يستحضر في الأذهان تدخلات روسية سابقة للتأثير على الانتخابات الأميركية، واستفتاء بريكست في بريطانيا.
ونفى الكرملين “بشدة” الجمعة اتهامه بالتدخل في حملة الانتخابات التركية، في خطوة تظهر حساسية الموضوع لدى روسيا التي تتخوف من أن يؤدي هذا الاتهام إلى توتير علاقتها مع تركيا في حال فوز قليجدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية التركية وفوز المعارضة في البرلمان.
وكانت توقعات سابقة قالت إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يسمح بخسارة صديقه أردوغان للانتخابات التركية، خاصة أن أنقرة أصبحت بوابة روسيا لحل الكثير من أزماتها لاسيما بعد العقوبات الغربية التي فُرضت عليها.
وحافظت روسيا وتركيا على علاقات وثيقة خلال الحرب في أوكرانيا، وكثيرا ما أدى أردوغان دور الوسيط متحدثا إلى موسكو وكييف.
روسيا تتخوف من صعود معارضة تركية أكثر ميلا إلى الاعتماد على الغرب، عكس العلاقة الوطيدة بين موسكو وأردوغان
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين “نرفض هذه الاتهامات بشدة”، مضيفا “نعلن الأمر رسميا: ليس هناك أي تدخل روسي في تركيا”.
وتابع “إذا كانت أي جهة قد زودت قليجدار أوغلو بمثل هذه المعلومات، فهي كاذبة”.
واتهم قليجدار أوغلو “الأصدقاء الروس” بـ”نشر… محتوى باستخدام التزييف العميق” على وسائل التواصل الاجتماعي، والوقوف خلف مشاهد تم التلاعب بها وأثّرت على الحملة سلبا.
وقال قليجدار أوغلو على تويتر مساء الخميس باللغتين التركية والروسية “إن أردتم استمرار صداقتنا بعد 15 مايو، فارفعوا أيديكم عن الدولة التركية. مازلنا نفضل التعاون والصداقة”.
ولم يحدد قليجدار أوغلو المحتوى الذي يشير إليه. وتظهر استطلاعات رأي تقدمه بفارق ضئيل على أردوغان الذي يقود تركيا منذ فترة طويلة.
وانسحب مرشح ثالث هو محرم إنجه الخميس من السباق الرئاسي وأرجع السبب إلى ما وصفه بأنه عملية “اغتيال معنوي” لشخصه عبر الإنترنت، لكنه لم يفصح عن المزيد من التفاصيل، وسط مخاوف من أن يكون هذا الانسحاب نتيجة للتدخل الروسي المباشر للتأثير على الانتخابات بتشويه خصوم أردوغان.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تُتهم فيها روسيا بالتدخل في الانتخابات، فقد سبق أن اتُّهمت بالتدخل في الانتخابات الأميركية عام 2016 لدعم حظوظ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في مواجهة خصومه الديمقراطيين رغم نفي الأخير لتلك الاتهامات.
الكرملين نفى “بشدة” اتهامه بالتدخل في حملة الانتخابات التركية، في خطوة تظهر حساسية الموضوع لدى روسيا
وقالت تقارير أميركية مختلفة إن روسيا اخترقت على نطاق واسع مواقع التواصل الاجتماعي لخوض حملة بوجهين، الأول لتشويه خصوم ترامب والثاني للتشجيع على انتخابه. كما اتُّهمت روسيا أيضا بالتأثير على مجريات استفتاء بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
وقال تقرير للجنة المخابرات والأمن في البرلمان البريطاني إن روسيا تدخلت في استفتاء أسكتلندا عام 2014، وإن هناك شكوكا حول تدخلها في استفتاء بريكست الذي أجري في عام 2016، وإن الحكومة البريطانية تقاعست في السعي إلى تقييم معمّق للتدخل المحتمل من الكرملين.
وتتخوف روسيا من صعود معارضة تركية أكثر ميلا إلى الاعتماد على الغرب في علاقاتها الخارجية من أجل تحصيل دعم يمكّن البلاد من تجاوز أزمتها الاقتصادية.
وقالت بيرغول دمرداش، أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة التركية الألمانية بإسطنبول، إن “أيّ أزمة سياسية خارجية ممتدة قد تُلحق بالاقتصاد التركي المزيد من الضرر”.
ورأت دمرداش أن المعارضة تعتزم العودة إلى المعايير التقليدية للسياسة الخارجية التركية الراسخة في التوجه نحو الغرب.
وأضافت “لكن يجب ملاحظة تأكيدهم على المساواة في العلاقات الدولية لتركيا مع جميع الفاعلين الدوليين، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا”.
وقال أحمد كامل إروزان، نائب رئيس الحزب الصالح، وهو أحد الأحزاب الستة التي يتألف منها تحالف المعارضة، “إن موسكو متخوفة من إمكانية أن يؤدي أيّ تغيير في الحكومة إلى موقف أكثر ولاء للغرب من جانب تركيا”.
وأضاف إروزان، الذي يُنظر إليه على أنه أحد المنافسين على منصب وزير الخارجية إذا فازت المعارضة، “ينبغي لنا أن نعيد تقييم علاقاتنا مع روسيا والولايات المتحدة في اليوم الأول من العمل لأن سياسة أردوغان كانت قائمة على أساس العلاقات الشخصية”.
وذكر إروزان، وهو دبلوماسي سابق، أن “تركيا ستسعى لتقليص اعتمادها في مجال الطاقة على روسيا من 50 إلى 30 في المئة، إذا فازت المعارضة في الانتخابات”.
وتربط بين موسكو وأنقرة علاقات وثيقة؛ فروسيا هي أكبر مورّدي الطاقة إلى تركيا. ويجري بوتين محادثات مع أردوغان بشكل متكرر حول عدد من القضايا، منها الطاقة والحرب في أوكرانيا وفي سوريا.
العرب