انقطاع الماء والكهرباء يتواصل في تونس مع اشتداد حر الصيف

انقطاع الماء والكهرباء يتواصل في تونس مع اشتداد حر الصيف

تونس – تتواتر تشكّيات المواطنين واحتجاجاتهم على الاضطرابات المسجلة في خدمات شبكتيْ الماء الصّالح للشّرب والتّيار الكهربائي بمختلف المناطق التونسية، في وقت ترتفع فيه درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة مع تضاعف حجم الاستهلاك.

وتصاعدت أصوات تحتج على تردّي مستوى الخدمات والانقطاعات المتكررة للكهرباء والماء، حيث تسبب انقطاع الكهرباء في خسائر طالت التجهيزات المنزلية بعدد من جهات البلاد (ثلاجات وتجهيزات أخرى تعمل بالكهرباء).

واشتكى سكان ولاية (محافظة) سيدي بوزيد (وسط) الأربعاء، من تردي خدمات شبكتيْ الماء الصّالح للشّرب والتّيار الكهربائي.

وشهدت العديد من المناطق من معتمديتي السوق الجديد وسيدي بوزيد الشرقية وعدد من القرى والمناطق المجاورة انقطاعا للتيار الكهربائي في الأيام الأخيرة، مما تسبب في انقطاع تام للماء الصالح للشرب الذي يشهد اضطرابا بأغلب أحياء مدينة سيدي بوزيد.

تم الاثنين الماضي تسجيل ذروة استهلاك قياسية في الطلب على الكهرباء لغرض التكييف بلغت 4692 ميغاواط

ورغم اجتماع والي الجهة الاثنين الماضي برئيسيْ الشركة التونسية للكهرباء والغاز (ستاغ) والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بسيدي بوزيد ودعوتهما إلى القيام بالتدخّلات اللازمة للحدّ من الاضطراب في التزويد والإحاطة بالمواطنين والإنصات إلى مشاغلهم والإجابة عن تساؤلاتهم، فإنّ ظاهرة انقطاع الكهرباء والماء قد تفاقمت أكثر فأكثر، لاسيما وأنّه تبيّن أنّ خللا فنيا طرأ على محطّة تحويل الكهرباء للضغط العالي بمنطقة لسودة، ما استوجب تدخّل فريق متخصصّ للإصلاح والصيانة.

وسبق أن قال مدير التعاون والاتصال بالشركة التونسية للكهرباء والغاز منير الغابري إنه “تم الاثنين تسجيل ذروة استهلاك قياسية في الطلب على الكهرباء لغرض التكييف بلغت على الساعة الثالثة و30 دقيقة بعد الزوال (بالتوقيت المحلي) 4692 ميغاواط متجاوزة بذلك ذروة استهلاك سنة 2022 حيث تم تسجيل 4677 ميغاواط يوم 8 سبتمبر 2022”.

وليس بعيدا عن سيدي بوزيد، عمد عدد من سكان حيّي الشهداء والدشرة بماجل بلعباس من ولاية القصرين (غرب) الأربعاء، إلى غلق الطريق الوطنية عدد 15 الرابطة بين ماجل بلعباس وقفصة وفريانة، وأضرموا النار في الإطارات المطاطية احتجاجا على الانقطاع المتكرر للكهرباء.

وتشهد تونس منذ الأسبوع الماضي موجة حر شديدة فاقت المعدلات العادية، حيث تم تسجيل درجات حرارة قياسية عرفت أقصاها في القيروان وقبلي، مما جعل جل التونسيين يلجأون إلى استعمال المكيّفات ما سبّب ضغوطا على المحطات الكهربائية.

وفي السياق ذاته، عمد عدد من متساكني حي العذار بمنطقة عين طبرنق التابعة لمعتمدية قرمبالية بولاية نابل (شمال) الخميس، إلى غلق الطريق الرابطة بين قرمبالية وزغوان، احتجاجا على تواصل انقطاع الماء الصالح للشرب لعدة أيام.

وعبّر المحتجون في تصريحات إعلامية عن استيائهم من تواصل انقطاع الماء الصالح للشرب، مما عطل سير حياتهم اليومي وسط صعوبات في قضاء حاجياتهم، مطالبين السلطات المحلية والجهوية بضرورة التدخل العاجل وإيجاد حل لهذه المشكلة بما يضمن استمرارية التزود بالماء.

وشهدت مناطق القليم وسيدي بحر زمنيت وبدّار من معتمدية قرمبالية خلال الأسبوع الجاري احتجاجات من قبل عدد من المواطنين على خلفية تكرر انقطاع الماء الصالح للشرب، حيث قام عدد من المواطنين الأربعاء، بغلق البئر الرئيسية المزودة للمنطقة بالماء في حركة احتجاجية للتعبير عن استيائهم من تواصل الأزمة.

وأوضح النائب بمجلس نواب الشعب عن دائرة قرمبالية محمد علي فنيرة في تصريح صحفي أن “الجمعية المائية بجبل الطريف التي تزود حوالي ألف ساكن بعدد من الأحياء تعاني من تراكم الديون لدى الشركة التونسية للكهرباء والغاز، والتي ناهزت 500 ألف دينار( 163.67 ألف دولار)، وذلك بسبب عدم خلاص المواطنين للجمعية المائية”.

ودعا فنيرة السلطات المعنية إلى ربط هذه المناطق بشبكة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لوضع حد لمشكلة الانقطاع المتكرر للماء ومجابهة هذا النقص الحاد في التزود بالماء الذي تعيشه الجهة.

وفي وقت سابق اتخذت الحكومة التونسية جملة من الإجراءات العاجلة في مواجهة أزمة الجفاف.

وأصدر وزير الزراعة عبدالمنعم بلعاتي قرارا يقضي باعتماد نظام الحصص لتوزيع المياه على السكان حتى سبتمبر المقبل، كما أمر بالحد من استعمال المياه الصالحة للشرب في الأغراض الزراعية وري المساحات الخضراء وتنظيف الشوارع والأماكن العامة وغسيل السيارات، مضيفا أنه ستتم معاقبة المخالفين.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد استقبل مساء الثلاثاء بقصر قرطاج كلاّ من مصباح الهلالي الرئيس المدير العام للشركة الوطنية لتوزيع واستغلال المياه، وهشام عنان الرئيس المدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز.

ودعا سعيد المسؤولين إلى العمل على وضع حدّ للانقطاع المتواصل للماء والكهرباء في عدد من جهات البلاد في أسرع الأوقات، مشيرا إلى أن ظاهرة الانقطاع لا يمكن أن تُبرر بعمليات صيانة روتينية وهي عمليات كان يمكن القيام بها قبل حلول فصل الصيف بالإضافة إلى أن ظاهرة الانقطاع المستمر تتواصل في مناطق محددة دون أخرى وتستمر لمدة أيام وأسابيع، فضلا عن أنها متزامنة مع غياب عدد من المواد الأساسية كالخبز والسكر أو غياب الأدوية.

وتتزايد متاعب تونس بشأن تأمين استقرار إمدادات الكهرباء بشكل مستمر نتيجة ما تواجهه الشركة الحكومية من وضع مالي مأزوم منذ سنوات بسبب الديون التي خلفت عجزا ماليا متفاقما.

وتواجه “ستاغ” مزيجا من المشكلات التي أدت في السنوات الماضية إلى عجزها عن تأمين إمدادات الكهرباء بشكل مستمر في بعض المناطق جراء عدم توفر السيولة الكافية للقيام بأعمال الصيانة الدورية على الشبكة.

وتشهد تونس منذ الخامس من يوليو الجاري موجة حر تجاوزت فيها درجات الحرارة 50 درجة مئوية في بعض الولايات.

وسجلت ولاية توزر جنوب البلاد الأحد الماضي، درجة حرارة وصلت في الظل إلى 48.9 درجة مئوية وفي الشمس 57.3، حسب الأرقام الرسمية للمعهد الوطني للرصد الجوي (حكومي).

العرب