رهان تونسي على المنتجات الحلال لتحفيز الصادرات

رهان تونسي على المنتجات الحلال لتحفيز الصادرات

وجهت تونس أنظارها إلى صناعة الحلال بحثا عن فرص استثمارية جديدة تمكنها من تحفيز هذه السوق الناشئة وزيادة الصادرات، والاستفادة من نمو الطلب على هذه المنتجات في العديد من الأسواق العالمية، ولاسيما غير التقليدية.

تونس – يبحث المسؤولون التونسيون عن مصادر جديدة لزيادة حجم صادرات البلاد عبر التركيز على المشاركة الفعالة في صناعة المنتجات الحلال، التي يشهد حجمها اتساعا على نطاق كبير، وما يوفره من فرص هائلة لنمو الاقتصاد المحلي العليل.

وتسعى هذه الصناعة الناشئة في البلاد إلى المنافسة مع القطاع بدول في منطقة شمال أفريقيا، وتحديدا مصر والمغرب، اللتين بدأتا في السنوات الأخيرة الاهتمام بهذا المجال وفتح أسواق لمنتجاته في أوروبا وأميركا الجنوبية وغيرها.

ويأمل المصدرون المحليون في أن يساعد موقع بلدهم ونشاط الصناعات الغذائية رغم الظروف، التي تعيشها تونس جراء تتالي الصدمات على زيادة مبيعات المنتجات الغذائية الحلال المعتمدة في الخارج وخاصة أوروبا، حيث يزداد عدد المسلمين هناك.

ونظمت وزارة التجارة من خلال مركز النهوض بالصادرات (سيبكس) هذا الأسبوع لقاء “صباحيات التصدير” بعنوان “سوق منتجات الحلال: الفرص والآفاق لتنمية الصادرات التونسية، وذلك بالتعاون مع معهد للمواصفات والملكية الصناعية لمناقشة سبل دعم هذا النشاط”.

ويأتي تنظيم هذا الحدث بينما يحشد كل المعنيين من جهات حكومية ووزارات بالتعاون مع شركات القطاع والخبراء، جهودهم استعدادا لاستضافة أول معرض دولي في صناعة الحلال بعد شهرين من الآن والذي سيستمر لخمسة أيام.

واعتبر مدير عام مركز الصادرات مراد بن حسين خلال افتتاح الدور السادسة من هذه اللقاءات الثلاثاء الماضي أن تونس، بمواردها وخبرتها، في وضع جيد للاستفادة من ديناميكيات السوق لصناعة الحلال.

ونقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية عن القول إنه “يمكن لمنتجاتنا أن تغزو أسواقا جديدة وتعزز حضورنا الدولي”. ولكن بن حسين ربط تحقيق النجاح في هذه المساعي بضرورة فهم المتطلبات المحددة لهذه السوق والتكيف مع توقعات المستهلكين.

وبحسب التقديرات تنشط في السوق التونسية 40 شركة متحصلة على شهادة “حلال” من الجهات المعنية في الدولة، وهي تقدم قرابة 20 منتجا.

ولا توجد بيانات دقيقة حول حجم سوق هذه الصناعة في البلاد أو رقم المعاملات السنوية للشركات التي تعمل في قطاعات مثل الأغذية الزراعية ومستحضرات التجميل وغيرها، وأن أكثر من 30 في المئة من المنتجات الحلال المعتمدة، هي التمر وزيت الزيتون.

ومن بين الشركات العاملة في القطاع سي.أتش.أو، ومقرها ولاية (محافظة) صفاقس جنوب البلاد، وهي متخصصة في تصدير زيت الزيتون، وتبيع لنحو 42 سوقا بينها الولايات المتحدة والبرازيل وكندا وأوروبا والصين، عبر فروع متمركز بالخارج.

وتعود فكرة هذه الصناعة في تونس إلى عام 2013 حينما اعتمد معهد المواصفات مع ديوان الافتاء مواصفة “حلال” تقوم على مسار تطوعي، وهي صالحة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.

ويبدأ مسار الحصول على تأشير “حلال” انطلاقا من تقديم طلب تليه دراسة الملف ودراسة الجدوى والعرض المالي وعملية التدقيق الميداني ومتابعة العينة والقيام بالتحاليل وصولا الى لجنة منح المواصفة.

40 شركة في تونس متحصلة على شهادة “حلال”، بحسب بيانات مركز النهوض بالصادرات

وبموجب القانون المعمول به، يقوم صندوق دعم التنافسية وصندوق النهوض بالصادرات بتعويض الشركات المتقدمة بنحو 70 من كلفة الحصول على التأشير، وأيضا تكاليف الاختبارات.

وتظهر بيانات المرصد الوطني للفلاحة ارتفاعا في قيمة الصادرات الغذائية خلال العام الماضي، بنسبة 21.26 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى 7.3 مليار دينار (2.33 مليار دولار).

ويعتبر سوق الأطعمة والمشروبات الحلال الأكبر مقارنة ببقية المنتجات الحلال الأخرى مقارنة مع السياحة الحلال والملابس الحلال، وهي تستحوذ على النصيب الأكبر من حجم الإنفاق العالمي على هذه المنتجات.

وخلال السنوات الماضية توسعت المجالات التي تشملها التجارة الحلال بوتيرة متسارعة لتتجاوز اللحوم والدواجن والألبان والأجبان الخالية من دهون الخنزير.

ورصدت تقارير عالمية أن هذه الصناعة وصلت إلى المياه المحفوظة في حاويات لم يتم تخزين كحوليات فيها، وكذلك الحلويات، التي لا يتم تصنيعها بجيلاتين حيواني أو الفيتامينات غير المحتوية على دهون خنزير.

وأفاد تقرير حديث للاقتصاد الإسلامي العالمي أن سوق الأغذية الحلال، بلغت قيمتها العام الماضي، حوالي 2.23 تريليون دولار.

وقال بن حسين “يشهد سوق المنتجات الحلال توسعا ملحوظا على نطاق عالمي، وفي عام 2023، يقدر حجمه العالمي بنحو 7 تريليون دولار. وقد شهد هذه السوق نموا هائلا في السنوات الأخيرة”.

وأوضح أن الحلال في البداية كان سوقا متخصصة مخصصة للمستهلكين المسلمين، وقد توسع إلى ما هو أبعد من هذا المجتمع. ولا يزال هذا السوق، الذي يضم حوالي 1.6 مليار مستهلك.

وأشار إلى أن هذا النمو يوفر فرصا هائلة للشركات التونسية، ليس فقط في قطاع الأغذية، ولكن أيضا في مجالات مثل الأدوية ومستحضرات التجميل والأزياء والسياحة والتعليم والخدمات المالية.

وتمثل علامة الحلال إجراء غير تعريفي، وهو إلزامي للمنتجات الغذائية في بعض البلدان مثل إندونيسيا. وعلاوة على ذلك، فهو يعتبر أحد مكونات استراتيجية الأمن الغذائي في البلاد.

وقال مدير عام التعاون الاقتصادي والتجاري بوزارة التجارة الأزهر بالنور خلال اللقاء إن “تعزيز الإنتاج الزراعي يأتي من خلال تمكين التنمية الإقليمية بفضل جودة الغذاء وسلامته”.

وتحدث عن البرنامج الشامل الذي وضعته الوزارة مع كافة الهياكل المعنية للتحضير للمعرض التجاري “حلال”، والذي “سيقام لأول مرة في تونس في الفترة بين 8 و12 أكتوبر المقبل”.

وبين أن المنتجات الحلال لم تتطور بعد كما ينبغي في البلاد، سواء من حيث الصادرات أو الاستثمارات، على الرغم من توفر إمكانات قوية في هذا المجال.

واعتبر أن المنتجات الحلال توفر آفاقا كبيرة على صعيد الاستثمار والتصدير وتوفير فرص العمل. ومع ذلك، رأى أن عرض الحلال في السوق المحلية يظل متواضعا.

لكن المؤشرات يمكن أن تتضاعف بسرعة، حسب اعتقاده، إذا “انطلق المستثمرون والمصدرون الوطنيون في هذه الصناعة”، خاصة وأن هناك أسواقا واعدة لهذه الصناعة الجديدة.

العرب