شهدت مدينة السويداء في جنوب سوريا الجمعة أكبر تظاهرة مناهضة للنظام بمشاركة نحو ألفي شخص مطالبين الرئيس بشار الأسد بالتنحي عن منصبه بعد ما يقرب من أسبوعين من المظاهرات احتجاجا على سوء الأحوال المعيشية، لكنها تحولت مجددا إلى دعوات للتغيير السياسي.
وردد حشد كبير في مدينة السويداء بجنوب البلاد هتافات تقول “بشار بره، سوريا حرة!”.
وأثار انضمام الأقليات النافذة مثل الدروز والعلويين إلى الاحتجاجات حركة لم تشهدها سوريا منذ عام 2011، ويمكن أن تهدد قبضة الرئيس بشار الأسد على السلطة.
وأبقى نظام الأسد مجموعات الأقليات المؤثرة في البلاد، وتحديدا الطائفتين العلوية والدرزية، إلى جانبه خلال الحرب الأهلية.
والأسد نفسه ينتمي إلى الطائفة العلوية الصغيرة ولكن ذات النفوذ. ولكن على عكس ما حدث في عام 2011، يبدو أن الأمور مختلفة اليوم، مما يسبب مشاكل للنظام.
واندلعت الاحتجاجات في مناطق ومدن ذات أعداد كبيرة من العلويين والدروز ذوي النفوذ، وهي نفس المجموعات التي ظلت موالية للأسد إلى حد كبير. وقد استخدم العديد من العلويين البارزين وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن إحباطهم من النظام، حيث دعا البعض إلى إسقاطه.
وكان هذا هو الحال منذ بضعة أشهر، حيث تحدث العلويون في المناطق التي يسيطر عليها النظام في السابق عن عجز النظام عن حل المشاكل التي تواجهها سوريا.
ويتضمن ذلك العديد من الأمثلة التي قام فيها كتاب وصحافيون وعلويون آخرون بالتنفيس عن إحباطهم علنا على وسائل التواصل الاجتماعي.
وهذا مشابه في الجنوب ذي الأغلبية الدرزية، حيث اندلعت الاحتجاجات منذ الأسبوع الماضي.
ويرى محللون أن الدعوات التي يطلقها أعضاء هذه المجتمعات لإسقاط النظام هي أمر غير مسبوق، ويمكن أن تشكل تغييرا حقيقيا في قواعد اللعبة بالنسبة إلى المعارضة. وهو ما افتقر إليه المعارضون عام 2011، ما سمح للأسد بترجيح كفة الميزان لصالح النظام.
وتواجه سوريا أزمة اقتصادية حادة أدت إلى انخفاض قيمة العملة إلى مستوى قياسي بلغ 15500 ليرة مقابل الدولار الشهر الماضي في تراجع متسارع بعد أن كانت 47 ليرة مقابل الدولار في بداية الصراع قبل 12 عاما.
Thumbnail
ولمحافظة السويداء خصوصيتها، إذ أنه طوال سنوات النزاع، تمكّن دروز سوريا الذين يشكلون ثلاثة في المئة من السكان، من تحييد أنفسهم عن تداعياته الى حد كبير. فلم يحملوا إجمالاً السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة.
وتخلف عشرات الآلاف من الشبان عن التجنيد الاجباري، مستعيضين عن ذلك بحمل السلاح دفاعاً عن مناطقهم فقط، بينما غضّت دمشق النظر عنهم.
والحكومة السورية موجودة في محافظة السويداء عبر المؤسسات الرسمية، فيما ينتشر الجيش على حواجز في محيط المحافظة.
واندلعت مظاهرات في السويداء في أغسطس بسبب رفع الدعم عن الوقود. وظلت السويداء، موطن معظم أفراد الطائفة الدرزية في سوريا، تحت سيطرة الحكومة طوال فترة الحرب وأفلتت إلى حد كبير من العنف الذي عمّ أماكن أخرى.
وظل الانتقاد العلني للحكومة نادرا في المناطق التي تسيطر عليها، لكن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، أصبح السخط علنيا.
وتجمع المئات الجمعة أيضا في محافظة درعا التي انطلقت منها احتجاجات عام 2011. وحمل المتظاهرون العلم ذا النجوم الثلاثة الذي يرمز إلى الانتفاضة السورية، فضلا عن لافتات تنتقد دور إيران، الحليف الرئيسي للأسد.
ونظم سكان في مناطق أخرى، تسيطر عليها الحكومة السورية وتفرض قيودا أكثر صرامة، حركات احتجاجية أكثر سرية لتجنب اكتشافها من قبل القوات الحكومية.
وأظهرت صور نشرها نشطاء على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أن بعض السكان في محافظة طرطوس الساحلية رفعوا الخميس لافتات صغيرة كُتب عليها “سوريا لنا وما هي لحزب البعث (الحاكم)” وفي الخلفية صورة للأسد على لوحة إعلانية كبيرة.
وتم الإبلاغ عن احتجاجات في أكثر من 52 موقعًا في جنوب سوريا، بما في ذلك المحافظات المجاورة درعا ودير الزور، وشمالا إلى حلب، حيث تم الإبلاغ عن احتجاجات في أحياء الفردوس والسكري وصلاح الدين.