حظيت الأحداث القادمة في الجنوب اللبناني باهتمام دولي واقليمي وعاودت الولايات المتحدة الأمريكية نشاطها الدبلوماسي عبر مبعوثها الرسمي إلى لبنان وإسرائيل ( عاموس هوكشتين) والذي قام بعدة زيارات لتل أبيب وبيروت، التقى خلالها بالمسؤوليين فيها وتدارس معهم الأوضاع الميدانية ومنها استمرار القتال والمواجهات بين حزب الله اللبناني والقوات الإسرائيلية وتقدمها داخل الأراضي اللبنانية.
دارت جميع المناقشات حول آلية تنفيذ القرار 1701 الصادر في 11آب 2006 والذي تحددت فقراته حينها بإنهاء الحرب بين إسرائيل وحزب الله وحفظ الأمن والسلام وايقاف إطلاق النار ومطالبة لبنان وقوات الأمم المتحدة بنشر قواتها في الجنوب وسحب إسرائيل قواتها من المنطقة وبسط نفوذ الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية وممارسة سيادتها ومنع تداول الأسلحة واستخدامها دون موافقتها والعودة للخط الأزرق الذي يمثل الحدود المعترف بها دوليًا بين لبنان وإسرائيل وإيجاد منطقة فاصلة بين نهر الليطاني والخط الأزرق خالية من أي أشخاص.
بعد أحداث السابع من تشرين الأول 2023 في الأراضي الفلسطينية وما تلاها من إسناد لمقاتلي حزب الله لحركة حماس وقيامه بالعديد من العمليات التي تم خلالها استخدام الطائرات المسيرة والمدافع الثقيلة والصواريخ الموجهة داخل العمق الإسرائيلي، بدأت عمليات المواجهة الفعلية مع مقاتلي حزب الله عبر سلسلة من الفعاليات الاستخبارية والعسكرية، ابتدأت بتفجير أجهزة الاتصالات التي بحوزة مقاتلي حزب الله واستهداف قياداته العليا ومنها أمينه العام حسن نصرالله وقوة الرضوان الضاربة ومواقع منصات الصواريخ بعيدة ومتوسطة المدى، ثم الإجتياح العسكري للجنوب اللبناني وتدمير مقرات ومواقع حزب الله واستهداف موارده المالية والاقتصادية والبنية التحتية له .
هذه الأحداث فرضت صيغ جديدة للتعامل مع القرار 1701 ومدى فاعلية تنفيذه والاسس الميدانية المعتمدة فيه، وهي ما تضمنته زيارة المبعوث الأمريكي ( هوكشتين) إلى بيروت في 22 تشرين الأول 2024، واستطاع مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية الحصول على فقرات التعديلات التي حصلت على الفقرات الخاصة بالقرار 1701 من مصدر موثوق مهم، والتي تم ابلاغها لرئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري في لقائهما مع المبعوث الأمريكي.
وتضمنت التعديلات التي حظيت بموافقة أمريكية نتيجة التطورات العسكرية التي فرضتها الأحداث الميدانية المرافقة للمواجهات بين إسرائيل وحزب الله،
إحلال السلام على الحدود بين لبنان وإسرائيل وايقاف القتال بين الطرفين ومنع أي تواجد مسلح قريب من منطقة الحدود المشتركة، وتوسيع المساحه الجغرافية لسلطة القرار الدولي إلى شمال نهر الليطاني بمسافة عدة كيلومترات وزيادة عديد القوات الدولية في ( اليونيفل) مع توسيع صلاحيتها في تفتيش أي من الأماكن التي يشتبه أن فيها أسلحة والقيام بدوريات ميدانية دون الحاجة لموافقة السلطات الرسمية اللبنانية وإجراء مسح جوي حين الحاجة بواسطة الطائرات المسيرة فوق المناطق المشمولة بالقرار 1701، كما وأن لها الحق في تفتيش الممتلكات الخاصة من الدور والمزارع والمصانع الأهلية وبمرافقة قوة من الجيش اللبناني، مع تدقيق السفن القادمة للسواحل والمرافئ اللبنانية ونشر أبراج للمراقبة ونقاط للتفتيش على طول الحدود السورية اللبنانية من مناطق ( عكار شمالًا إلى البقاع الغربي وراشيا جنوبًا).
يرى مركز الروابط للبحوث و الدراسات أن الغاية الأساسية من التعديل الحاصل هو منع وصول أي مساعدات عسكرية وذخائر وأسلحة إيرانية لحزب الله عبر الحدود الشمالية اللبنانية ومنع عملية مرورها عبر القيام بنصب أبراج المراقبة وتفتيش السفن القادمة على طول السواحل اللبنانية، مع إعطاء دور كبير لقوات حفظ السلام للقيام بمهامها ودعم تواجد الجيش اللبناني وانتشاره في الضاحية الجنوبية وعلى امتداد الحدود المشتركة مع إسرائيل وتأمين الحماية الذاتية لإسرائيل لإيجاد منطقة فاصلة شمال نهر الليطاني والخط الأزرق.
أن الولايات المتحدة الأمريكية متمسكة بالتعديلات واعتبرتها حالة فاعلة ونافعة للجانب اللبناني لأنها تضمن له إيقاف القتال وعدم الاستمرار بحرب واسعة تشمل مساحات واسعة من العمق اللبناني، وأي محاولة لعدم الموافقة تعني ان لا عودة للمبعوث الأمريكي إلا بعد حصول تغيير في الموقف الرسمي اللبناني الذي امتنع عن قبول التعديلات واعتبرها أنها ستقضي على أي فرصة لتنفيذ القرار، أو انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية وما ستؤول إليه أحداث المنطقة.
الكل يتوجه نحو تغييرات قادمة وجنوح إسرائيلي للتقدم وتنفيذ الغايات والأهداف السياسية والأمنية وسنكون أمام حرب دبلوماسية تواكب حرب شرسة.
وحدة الدراسات العربية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية