ترامب… هل سينفذ الوعد الانتخابي في إنهاء الحروب ؟

ترامب… هل سينفذ الوعد الانتخابي في إنهاء الحروب ؟

مع استعداد دونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض في 20 من كانون الثاني/ يناير 2025، حظي وعده الانتخابي بـ”إنهاء الحروب” باهتمام عالمي. ويثير هذا التعهد الطموح، وهو حجر الزاوية في برنامجه للسياسة الخارجية، تساؤلات حاسمة حول جدواه وآثاره المحتملة على العلاقات الدولية.

إن تعهد ترامب بإحلال السلام في الشرق الأوسط يواجه تحديات هائلة بنفس القدر، وتمثل الصراعات المستمرة بين إسرائيل وحماس وحزب الله شبكة معقدة من العوامل التاريخية والدينية والجيوسياسية.فخلال فترة ولايته الأولى، اتخذ ترامب العديد من الإجراءات التي فضلت إسرائيل بشدة، بما في ذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى هناك، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان. وقد اعتبرت هذه التحركات بمثابة تقويض للمطالبات والتطلعات الفلسطينية لإقامة الدولة.

ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وشركاؤه في الائتلاف اليميني المتطرف بعودة ترامب إلى البيت الأبيض، وهذا يشير إلى أن سياسات ترامب قد تستمر في التوافق الوثيق مع المصالح الإسرائيلية، وربما على حساب الحقوق والتطلعات الفلسطينية.  يعتقد نتنياهو أن إدارة ترامب ستمنحه “حرية كاملة لاستمرار الحروب الإسرائيلية في غزة ولبنان، ولن يكون هناك بعد الآن ضغوط أمريكية “مزعجة” تطالب بوقف إطلاق النار، بالرغم من أن محاولات الرئيس بايدن لم تكن ذات تأثير يذكر.

 ولنتنياهو أسباباً وجيهة لاعتقاده بذلك. نظراً لما أظهره ترامب في ولايته الأولى من عدم اهتمام “بمعاناة الفلسطينيين”، كونه دعم توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى هناك، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان. وقد اعتبرت هذه التحركات بمثابة تقويض للمطالبات والتطلعات الفلسطينية لإقامة الدولة. بالإضافة إلى أن صهره، جاريد كوشنر، هو من وضع خطة سلام عرفت بصفقة القرن كانت منحازة بشكل كبير لصالح إسرائيل.

أما عن وقف الحرب الروسية الأوكرانية، قال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الخميس، إن إدارته ستركز على الحرب بين روسيا وأوكرانيا.وأضاف ترامب، في تصريحات في حفل بمنتجعه مار إيه لاغو في فلوريدا: “سنعمل بجدية شديدة على الحرب روسيا وأوكرانيا، يجب أن تتوقف”، بينما أعرب عن أسفه على الوفيات التي تسببت فيها الحرب. وتابع: “سواء كانوا جنودا أو أشخاصا يجلسون في المدن، فسوف نعمل على حل هذه المشكلة”.

ربما يشكل الصراع الدائر في أوكرانيا الاختبار الأكثر إلحاحا لطموحات ترامب في إنهاء الحرب، ويبدو أن نهجه يبتعد بشكل كبير عن سياسة الإدارة الحالية المتعلقة بتقديم المساعدات العسكرية القوية إلى كييف.واقترح ترامب وحلفاؤه نهجا جديدا للتعامل مع الصراع، وتشير التقارير إلى أن إدارة ترامب المحتملة قد تربط تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا باستعداد كييف للدخول في مفاوضات سلام مع موسكو. وقد تتضمن هذه الاستراتيجية، التي حددها مستشارو ترامب السابقون، تجميد الخطوط الأمامية الحالية وإنشاء منطقة منزوعة السلاح.

ويرى المنتقدون أن مثل هذا النهج قد يجبر أوكرانيا فعليا على التنازل عن أراض لصالح روسيا، مما قد يعرض سيادتها وأمنها على المدى الطويل للخطر. وهناك مخاوف من أن يُنظر إلى هذه السياسة على أنها تستوعب طموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مما قد يشجع المزيد من العدوان. والسؤال الذي يطرح في هذا السياق، هل يفي ترامب في وعده في وقف الحروب الدائرة في الشرق الأوسط والحرب الروسية الأكرانية؟

إن وقف الحرب لا يعني بالضرورة أن الجماعة الدولية مقبلة على سلم عالمي اذ ان للسلم العالمي مبادىء رئيسية لابد من الالتزام بها. وفي حال عدم الالتزام بها سسيبقى الصراع هو الأساس في العلاقات الدولية.

أن وعد الرئيس المنتخب ترامب في وقف الحروب ليس إلا وعدًا انتخابيًا، دون ان يتجاوزه وهو رئيس سابق ويعرف عن العالم الذي سوف يتعامل معه الشيئ الكثير، الي الاعلان عن خطة ادارته الجديدة التي تنوي تنفيذها بشان ما سيكون عليه اسلوب تعاملها مع كل تلك الحروب والصراعات والازمات الدولية والاقليمية الساخنة التي تسحق العالم وتدمر للكثير من دوله كل مقومات حياتها، وهي الحروب والصراعات التي تتحمل الادارات الامريكية المتعاقبة علي البيت الابيض من ديموقراطية وجمهورية النصيب الاكبر من المسئولية عن تفجيرها وتصعيدها وتعقيدها وسد كل منافذ الحلول السلمية في وجهها، لانها تجد مصلحتها اكثر في عدم حلها منه في حلها وتسويتها..ولانها تجد نفسها اكثر في عالم منقسم على نفسه، وغارق في أزماته ومشكلاته وحروبه وصراعاته…

ما يجب ان يعلمه الرئيس ترامب هو ان السلم العالمي الحقيقي لا يتحقق بوقف الحروب فقط، وانما بالتعامل مع مشكلات العالم الحقيقية في العمق، من فقر وتخلف ومجاعات واخطار بيئية وهجرات بشرية عابرة للحدود تهيم علي وجهها ولا تعرف الي أين تذهب.

فالمهام المطلوبة كثيرة وكبيرة، والأدوار هائلة، والولايات المتحدة الأمريكية هي القوة العظمى في الجماعة الدولية التي تؤهلها في معالجة القضايا الدولية والإقليمة بما تمتلكه من قوة دبلوماسية” نفوذ وتأثير” وإقتصادية وعسكرية التي تواجدت في معظم القضايا الدولية المتعددة الأشكال في العالم وتركت بصمتها عليها.

إذا نجح ترامب في تنفيذ وعوده الانتخابية، فقد يؤدي نهج ترامب إلى إعادة تنظيم كبيرة لديناميكيات القوة العالمية، وقد يؤدي خفض التدخلات العسكرية الأمريكية في الخارج إلى تغيير المشهد الأمني الدولي، مما قد يخلق فرصا للقوى الأخرى لتوسيع نفوذها.إن تعهد دونالد ترامب “بإنهاء الحروب” يمثل نهجا جريئا وربما تحويليا للسياسة الخارجية الأمريكية، وفي حين أن الوعد بالسلام جذاب عالميا، فإن التنفيذ العملي لهذه الرؤية يواجه العديد من العقبات والمزالق المحتملة.

وبينما يستعد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، تراقب الجماعة الدولية عن كثب ليرى كيف سيترجم خطابه إلى أفعال. وستكشف الأشهر والسنوات المقبلة ما إذا كان نهج ترامب غير التقليدي يمكن أن يؤدي بالفعل إلى القرارات السريعة التي وعد بها، أو ما إذا كانت تعقيدات الصراعات العالمية ستقاوم الحلول السريعة.

وحدة الدراسات الدولية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية