شرع نواب بالبرلمان العراقي من ائتلاف دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي وكذلك أعضاء من حزبه، حزب الدعوة الإسلامية، في بذل مساع لإقالة محافظ بغداد علي التميمي المنتمي إلى التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.
وتأتي تلك المساعي كأولى إجراءات الانتقام من التيار المتّهم من قبل أنصار المالكي بتفجير موجة الاحجاجات التي قوبل بها رئيس الوزراء السابق خلال جولته الأخيرة في محافظات بالجنوب العراقي، حيث كان الرجل يقوم بجولة أراد من خلالها استعادة جزء من شعبيته المنهارة في أكبر معاقل التيارات والأحزاب الشيعية العراقية، لكن النتيجة جاءت عكسية تماما، حيث تعرّض لإهانة كبيرة وبات يشار إليه في الأوساط الشعبية العراقية بـ”طريد الجنوب”.
وأثار ذلك الأوساط الإعلامية والسياسية المحسوبة على المالكي والتي لم تتردّد في التلويح باستخدام العنف ضدّ الصدريين من خلال التلويح بـ”صولة فرسان” جديدة ضدّهم في إشارة إلى العملية العسكرية التي تحمل نفس الاسم، وقد خاضتها القوات العراقية سنة 2008 بقيادة المالكي حين كان يشغل منصب رئيس الوزراء ضدّ ميليشيا جيش المهدي التابعة لمقتدى الصدر.وبما أنّ استخدام القوّة لا يبدو متاحا للمالكي في الوقت الراهن، فإن “الصولة” يتوقّع لها أن تكون إعلامية وسياسية بالأساس وهادفة إلى طرد أتباع الصدر من المواقع والمناصب السياسية وحتى الإدارية التي يشغلونها.
ويمثّل استهداف محافظ بغداد مقدّمة لتلك “الصولة” التي يراها متابعون للشأن العراقي بلا أفق، ويعتبرونها مظهرا لما بلغه الصراع داخل البيت السياسي الشيعي من “صغائر وتفاهات”، في وقت يخوض فيه البلد حربا ضدّ تنظيم داعش توصف بالمصيرية، وبالتزامن أيضا مع ترويج أطراف قيادية شيعية لـ”تسوية تاريخية” تقوم على مصالحة شاملة بين مختلف مكونات المجتمع العراقي.
وجمع ائتلاف المالكي أصوات عشرين عضوا في مجلس محافظة بغداد، جميعهم من دولة القانون، لاستجواب محافظ بغداد علي التميمي الذي ينتمي إلى التيار الصدري. وفي المقابل يحظى التميمي بتأييد عدد مماثل من الأعضاء ينتمي بعضهم لكتلة الأحرار التابعة للصدريين، وينتمي البعض الآخر إلى المجلس الأعلى الإسلامي وإلى كتل سنية.
ويتكوّن مجلس محافظة بغداد من ثمانية وخمسين عضوا. ويرجّح أن يلتزم ممثلو الأقليات الحياد في قضية استجواب المحافظ.
ويسعى رئيس الوزراء السابق إلى العودة إلى رئاسة الحكومة التي قضى فيها فترتين بين سنة 2006 و2014 كانت حصيلتهما كارثية على البلد في كل الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية. وعلى الجهة المقابلة لن يدّخر زعيم التيار الصدري وسيلة لمنع خصمه اللدود من العودة إلى موقع رئيس الوزراء، لعلمه أنّه سيستخدم المنصب للقضاء عليه سياسيا.
وجاء تحرك ائتلاف دولة القانون ضد المحافظ الصدري كردّ عملي على إفساد الصدريين جولة المالكي في الجنوب، مطلع الشهر الجاري، حيث تظاهروا ضد زيارته إلى ذي قار وحاصروا مقر إقامته في ميسان، ومنعوه من حضور مؤتمر لحزب الدعوة الذي يتزعمه في البصرة.
وفي محاولة لتعطيل الاستجواب، قدم التميمي إجازة مرضية صادرة عن مستشفى حكومي، ينتهي مفعولها في منتصف الشهر القادم، إذ يعتقد الصدريون أنها مدة كافية لتشكيل تحالف يجهض خطة ائتلاف المالكي لإقالة المحافظ.
ويستند الاستجواب إلى عدد من التهم، منها إهدار المال العام، وتجاهل مجلس المحافظة في إحالة عقود تنفيذ المشاريع، وتشكيل إدارات دون توافق سياسي.
ويطرح متابعون للشأن العراقي علامات استفهام كثيرة في بغداد بشأن قدرة المالكي على حفظ مكانته في المشهد السياسي، بعد سلسلة الضربات السياسية التي تلقاها، وآخرها ما تعرض له في محافظات الجنوب.
صحيفة العرب اللندنية