واشنطن- قبل أقل من شهر من مغادرته البيت الأبيض، منح باراك اوباما نفسه حرية التعبير عن شعوره بالإحباط حيال اسرائيل وقرر اتخاذ موقف بسيط هو الامتناع عن التصويت في خطوة ترتدي أهمية سياسية ودبلوماسية هائلة.
قال البيت الأبيض ان اوباما قرر قبل ساعات فقط السماح بتبني قرار الأمم المتحدة الذي يطالب اسرائيل بوقف النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية فورا.
وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت أي انها لم تستخدم حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به الدول الخمس الدائمة العضو في المجلس.
وتتحدث تكهنات في الأمم المتحدة منذ اشهر عن قرار بشأن الاستيطان، وكان البيت الأبيض يدرك ان عليه اتخاذ قرار اذا طرح نص من هذا النوع.
وقال بن رودس احد المستشارين القريبين من اوباما ان “رئيس الوزراء (بنيامين) نتانياهو كان يمكنه اتباع سياسات قد تفضي إلى نتيجة إخرى”.
واضاف ان “حدوث ذلك في نهاية ولايتنا التي استمرت ثمانية أعوام يدل على انه لم يكن التطور الذي كنا نفضله”، مؤكدا انه “لو كان هذا هو النتيجة التي نسعى اليها لكنها حصلنا عليها منذ فترة طويلة”.
ومنذ اشهر، تصدر واشنطن إشارات بإلحاح متزايد، تفيد ان الاستيطان يقوض آمال التوصل الى اتفاق سلام على أساس حل اقامة دولتين هما اسرائيل والدولة الفلسطينية.
وبعد تصويت الجمعة، قال المبعوث الخاص للولايات المتحدة الى الشرق الاوسط فرانك لوينشتاين ان وزير الخارجية جون كيري سيطرح قريبا افكارا لاطلاق عملية السلام من جديد.
شعور متبادل بعدم الثقة
يرى البيت الابيض ان القرار يعكس توافق الأسرة الدولية بشأن الاستيطان. لكن قرار اوباما الامتناع عن التصويت واجه انتقادات قاسية من الديمقراطيين والجمهوريين الذين تحدثوا عن خيانة اقرب حليف للأميركيين في الشرق الاوسط.
وحرص الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي تدخل شخصيا في هذا الملف وحصل الخميس على ارجاء طرح القرار، على طمأنة الاسرائيليين. وقال في تغريدة على تويتر “بشأن الامم المتحدة، الامور ستكون مختلفة بعد 20 يناير” موعد توليه مهامه.
ووصف السناتور الديمقراطي تشاك شومر الذي مارس ضغوطا حتى اللحظة الأخيرة على ادارة اوباما القرار بأنه “يسبب احباطا وخيبة امل كبيرين”.
ورأت لجنة الشؤون العامة الأميركية الاسرائيلية (آيباك) مجموعة الضغط المؤيدة لاسرائيل في واشنطن ان هذا التصويت يثبت مرة جديدة ان “الأمم المتحدة هي منتدى هدف عزل اسرائيل والتشكيك في شرعيتها”.
ويعتبر عدد من الخبراء ان قرار اوباما الذي اتخذ بينما يمضي الرئيس المنتهية ولايته عطلة نهاية العام في هاواي يفسر بعلاقاته الشخصية السيئة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو.
وقال جوناثان شانزر نائب رئيس المركز الفكري “مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات” انها علاقات يشوبها “شعور متبادل بعدم الثقة”.
ولم يعمل الرجلان معا ولم يخف البيت الأبيض يوما استياءه من الخطاب الامني الذي يستخدمه التحالف اليميني الحاكم في اسرائيل.
واضاف شانزر انه لو فازت الديمقراطية هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية التي جرت في الثامن من نوفمبر، لاتخذ اوباما ربما قرارا مختلفا في الأمم المتحدة يتيح لها على الأرجح اعادة بناء علاقات افضل مع اسرائيل.
لكن مواقف ترامب المؤيدة للاستيطان الاسرائيلي دفعت باراك اوباما الى السماح بتبني قرار في مجلس الأمن الدولي يمكن ان يضعف موقف اسرائيل في مفاوضات مقبلة.
وقال شانزر “لم يعد من الممكن العودة الى الوراء”، بما انه لا يمكن الغاء قرار تم تبنيه في مجلس الامن الدولي.
العرب اللندنية