برلين – عرقل مجلس الولايات الألماني (بوندسرات)، كما هو متوقع، مشروع قانون للحكومة الاتحادية الألمانية يصنف الجزائر وتونس والمغرب باعتبارها “دول منشأ آمنة” بغرض تسريع إجراءات ترحيل اللاجئين المرفوضين من تلك الدول.
ولم يحصل مشروع القانون، الجمعة، على الأغلبية الضرورية لتمريره، والتي تمثل 35 صوتا من إجمالي 69 صوتا في المجلس.
ولم تتمكن الحكومة الألمانية من بلوغ هدفها بتصنيف هذه الدول الثلاث كـ”دول منشأ آمنة” بعدما رفض مجلس الولايات المصادقة على المشروع الحكومي.
وباستثناء ولاية بادن-فورتمبرج، تساور الحكومات المحلية في الولايات التي يشارك فيها حزب الخضر وحزب اليسار مخاوف من مشروع القانون، الذي وضعته الحكومة الاتحادية التي تضم التحالف المسيحي، بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل، والحزب الاشتراكي الديمقراطي.
ومن المحتمل أن تستدعي الحكومة الاتحادية أو البرلمان لجنة الوساطة المختصة بالتوسط في خلافات الإجراءات التشريعية بين البرلمان (بوندستاغ) ومجلس الولايات (بوندسرات).
وناقش مجلس الولايات الألماني مشروع القانون لأول مرة في مارس عام 2016. وفي مايو الماضي، وافق البرلمان على مشروع القانون دون تعديلات. ولم يطرح مشروع القانون منذ ذلك الحين للتصويت في مجلس الولايات.
وتمت تنحية مشروع القانون من جدول أعمال مجلس الولايات لفترة قصيرة في يونيو الماضي بسبب عدم وجود رغبة لدى غالبية المجلس في مناقشته.
وأعيد طرح مشروع القانون في مجلس الولايات مجددا، بناء على طلب من ولاية بافاريا الألمانية، رغم عدم ظهور بوادر لوجود أغلبية مؤيدة له.
ويري حزب الخضر (يسار) أن هذه الدول “غير آمنة” لأنها تشهد “انتهاكات لحرية التعبير فضلا عن عمليات تعذيب”.
ويشارك الخضر في حكومات 11 ولاية من أصل 166 ممثلة في مجلس الولايات (البوندسرات) الذي يتكون من 69 مقعدا، ويشارك في التشريع، ما يمكنه من عرقلة حصول القرار على الأغلبية اللازمة لتمريره.
توماس دي ميزير: عدم تمرير مشروع القانون يضر بجهود وقف الهجرة غير الشرعية
وذكرت الصحيفة الألمانية أن منظمات حقوق الإنسان أبرزها “دعم اللجوء” الألمانية غير الحكومية، تعارض أيضا تصنيف الجزائر وتونس والمغرب كـ“دول آمنة”، نظرا “لانتهاكات حقوق الإنسان فيها”.
ويقول القانون الألماني إن الحماية الدولية (منح المهاجرين صفة لاجئ وعدم ترحيلهم مرة أخرى)، تمنح للمنحدرين من دول “غير آمنة”، وهو التصنيف الذي تحصل عليه الدول الثلاث المذكورة، وهو ما يعطي المهاجرين حاملي جنسية تلك الدول حق اللجوء.
وفي حال تغيير تصنيف هذه الدول إلى “آمنة” فإنه سيتم رفض طلبات اللجوء من مهاجريها ومن ثم إعادة ترحيلهم، وهو ما تعهد حزب الخضر بمنعه.
وانتقد وزير الداخلية توماس دي ميزير في أول رد فعل من الحكومة الألمانية، عدم تمرير المجلس لمشروع القانون، واعتبر أن ذلك جاء نتيجة حسابات سياسية للولايات التي عرقلت القانون. وأضاف أن هذا يضر بالجهود التي تبذل لوقف الهجرة غير الشرعية و“يتحمل المسؤولية حزب الخضر”.
ورحبت منظمة “برو أزيل” المدافعة عن اللاجئين، بقرار مجلس الولايات وعدم تمريره لمشروع القانون، وقالت في بيان لها إن الإجراءات العادلة تقتضي “التوضيح بعناية لأسباب اللجوء وإمكانية اللجوء إلى القضاء لدى اتخاذ الدوائر الرسمية لقرار خاطئ”.
يذكر أن ألمانيا سعت إلى تصنيف تونس والجزائر والمغرب على أنها دول منشأ آمنة لتسهيل إجراءات البت في طلبات اللجوء للمواطنين القادمين من تلك الدول. وطالب دي ميزير، سابقا، بضرورة معالجة أمور المهاجرين في مخيمات خارج الاتحاد الأوروبي في حالة حدوث “تدفق جماعي” للاجئين.
وقال دي ميزير، في تصريحات على هامش لقاء وزراء الداخلية الأوروبيين الأخير في مالطا، إنه “يتعين على أوروبا أن تتأكد من أن اللاجئين لن يصلوا إلى أوروبا على الإطلاق، بل تتم إعادتهم إلى أماكن آمنة”.
واستطرد قائلا إنه من هذه الأماكن الآمنة الواقعة خارج أوروبا سيتم السماح “للأكثر عرضة للخطر والمحتاجين فقط” بالقدوم إلى الاتحاد الأوروبي. ولم يوضح دي ميزير، الذي كان يطالب بإقامة مخيمات للاجئين في شمال أفريقيا، المكان الذي يمكن إقامة هذه المخيمات فيه.
وسجل عدد المهاجرين القادمين من دول المغرب العربي إلى ألمانيا تراجعا كبيرا في 2016، مقارنة بالعام الذي سبقه، حسب تقرير لصحيفة ألمانية.
وقالت الصحيفة اليمينية، الخميس، إن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين سجل دخول ثمانية آلاف مهاجر من دول المغرب العربي، تونس والجزائر والمغرب، إلى الأراضي الألمانية، في 2016، مقارنة بـ25 ألف مهاجر في 2015.
العرب اللندنية