في الثاني من نيسان/إبريل الحالي أكد وكيل وزارة النفط العراقي ضياء جعفر، أن الفترة القريبة المقبلة ستشهد توقيع اتفاق أنبوب النفط العراقي مع الأردن. وأضاف في تصريح الى على هامش أعمال «قمة الطاقة الدولية الأردنية الثالثة» في عمّان، أن «رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ووزير النفط جبار اللعيبي مهتمان بإتمام هذا المشروع في أقرب وقت ممكن»، لافتاً إلى «تكثيف التفاوض مع الشركة المستثمرة والتوصل معها إلى اتفاق على القضايا الفنية والاقتصادية كافة».
وأضاف: «توصلنا إلى مراحل متقدمة وحصلنا على موافقة مبدئية من مجلس الوزراء العراقي لإنشاء المشروع، وسيتبع ذلك اجتماع مع وزارة النفط العراقية والدائرة المالية في مجلس الوزراء العراقي مع النظراء في المملكة الأردنية الأسبوع المقبل لمراجعة مذكرة التفاهم التي وقعت سابقاً بين الجانبين».وأكد جعفر «إمكان إجراء بعض التعديلات بحسب المستجدات الجديدة، وبعد مراجعة الاتفاق والموافقة عليه من الجانبين سيوقع العقد بصيغته النهائية»، موضحاً أن «هذه العملية لن تستغرق أكثر من شهرين، وبعدها سيبدأ تنفيذ المشروع».
وأكد أن «الأردن والعراق لن يتحملا أعباءً إضافية من كلفة المشروع والتي تبلغ نحو 5.6 بليون دولار، ستتحملها شركة ماس العالمية المستثمرة في المشروع، والتي ستستعيد التكاليف من خلال الأجر الذي ستدفعه الحكومة العراقية».وقال إن اجتماعات ستعقد ما بين مسؤولي وزارة النفط العراقية والدائرة القانونية في مجلس الوزراء العراقي ونظرائهم في الأردن خلال الأسبوع المقبل، لمراجعة مذكرة التفاهم التي تم توقيعها سابقا بين البلدين في عهد الحكومة السابقة، إضافة إلى إمكانية إجراء تعديلات على بعض “الأمور” في الاتفاقية حسب المستجدات الجديدة. وأضاف المسؤول العراقي أنه وبعد العمل على مراجعة المذكرة وتثبيت الموافقة عليها بين الجانبين الأردني والعراقي، سوف “نعيد الاتصال مع مجلس الوزراء العراقي والمستثمر لتوقيع العقد بصورته النهائية”.
يضمن مشروع الانبوب نقل النفط الخام المُستخرج من حقول البصرة الواقعة جنوبي العراق، إلى مدينة العقبة في جنوبي الأردن، حيث تمتد مساحته بمسافة مقدارها 1700 كم، وذلك عبر مرحلتين، الأولى تمتد من البصرة إلى حديثة في غربي العراق، والثانية تمتد إلى أن ينتهي في ميناء العقبة لتصدير النفط إلى باقي العالم.
إن لهذا المشروع أهمية كبيرة من ناحية تعزيز التعاون الاقتصادي العربي حيث يعول العراق والمملكة الاردنية الهاشمية كثيراً عليه لتحقيق منافع اقتصادية، وفق الخبراء، فهو بالنسبة للعراق منفذ دائم لتصدير نفطه من خلال ميناء العقبة الأردني،حيث يفتح هذا المشروع المجال أمام العراق لزيادة صادراته النفطية الى الأسواق العالمية بواقع مليون برميل يومياً عبر ميناء العقبة. كما أن هذا الأنبوب يعد بديل ناجح للعراق في خال إقدام إيران على غلق مضيق هرمز على خلفية التوترات السياسية والعسكرية في المنطقة أو على أقل تقدير جعل الملاحة فيه غير آمنة. كما يمكن لدول الخليج العربي أن تمد خط أنبوب نفطي عبر الأردن ومن ثم للأسواق العالمية، وبذلك تطوي صفحة التهديد الإيراني بغلق مضيق هرمز أمام صادراتها النفطية.
أما للأردن فهو يؤمن احتياجاتها من النفط الخام بكلفة أقل ويتيح الاستغناء عن الصهاريج التي تقوم بعمليات النقل حالياً، وسيزوّد الأنبوب الأردن بحاجاته من النفط الخام بواقع مئة ألف برميل يومياً وبذلك ينوع الأردن من مصادر الطاقة لديها، إضافة إلى الحصول على عائد مادي بدل مرور الخط بأراضيه والتصدير إلى دول أخرى.
أن مد أنبوب النفط الخام العراقي إلى الأردن سيكون له آثار إيجابية جمة ووفيرة، من خلال خلق فرص العمل وتشغيل شركات المقاولات في العراق والأردن وفتح مزيد من الفرص التمويلية من المصارف في الدولتين لمشروعات استراتيجية واستدامة تدفق الطاقة إلى الأردن، ويعيد فتح المصانع العراقية في الأردن والتي كانت توقفت نتيجة الأوضاع غير المواتية في العراق، وبالتالي ترسيخ المصالح المشتركة وتعزيز التعاون المشترك في كافة المجالات التجارية والاستثمارية والسياحية واللوجستية.
ان التحديات الاقتصادية والتجارية والأحداث السياسية بالمنطقة يستدعي النهوض بعلاقات البلدين على مختلف الصعد لتدعيم قاعدة المصالح الاقتصادية المشتركة بالاتجاهين الأردني والعراقي من خلال مزيد من الاستثمارات العراقية في الأردن وتوطين استثمارات اردنية في العراق، واستثمارات ثنائية من خلال المشروعات المشتركة.
من الناحية السياسية، سيعمل المشروع النفطي على إعادة العلاقات العراقية الأردنية إلى سابق عهدها، وبإجراءات عملية ملموسة، فالدولتان ما يزالان ينظران إلى بعضهما كعمق استراتيجي، كل للآخر، وأن المنافع من جميع الشراكات تنعكس علىهما بدون أدنى شك، والعراق، كما الأردن، يدرك ذلك.فالأردن والعراق كانا على الدوام العمق الاستراتيجي والظهير والسند لكل منهما الآخر. فالعراق المتعافي القوى هو أيضًا يشكل العمق على مستوى العلاقات الاستراتيجية والجيوسياسة لدول المشرق العربي.
كما سيمكن هذا المشروع الأردن للقيام بدور حيوي في إعادة العراق إلى البيت العربي، كما كان حاله دائما، وأيضا للأردن منزلة وعلاقات تؤهله للقيام بدور مهم في محاولة إتمام المصالحة العراقية، ومساعدة حكومة العراق على تنفيذ رؤيتها في هذا المجال.
في حال تم توقيع اتفاقية النفط في موعدها، سيكون ذلك انطلاقة لمرحلة جديدة من العلاقة بين الدولتين. يعكس الانعطافة الجديدة في العلاقة بينهما، والحرص على مزيد من التعاون والشراكات جمهورية العراق والمملكة الأردنية الهاشمية.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية