الباحثة شذى خليل*
تلعب شركات الصرافة في العراق دورًا مهمًا في سوق العملات الأجنبية، خاصة في بيع الدولار الأمريكي. وقد ظهرت هذه الممارسة استجابةً للحاجة المتزايدة للعملة الأجنبية من قبل الأفراد والشركات، بما في ذلك المسافرين. نظرًا لأن الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل كبير على الدولار، حيث يتم استخدامه إلى جانب الدينار العراقي، أصبحت شركات الصرافة وسطاء رئيسيين لضمان توافر العملة الأجنبية لأغراض متعددة.
دور البنك المركزي العراقي
يشرف البنك المركزي العراقي (CBI) على شركات الصرافة وينظم مشاركتها في سوق العملات من خلال نافذة بيع العملة الأجنبية. هذه النافذة تتيح لشركات الصرافة والبنوك شراء الدولار بسعر ثابت يحدده البنك المركزي، مما يساعد في استقرار سعر الصرف في السوق المحلية. كما وضع البنك المركزي قواعد تحكم كيفية عمل هذه الشركات، بما في ذلك تحديد عمولة ثابتة على بيع الدولار للمواطنين.
في توجيه حديث، أشار البنك المركزي إلى وجود مشاكل في التزام شركات الصرافة بتعليمات العمولة. حيث لوحظ أن بعض الشركات تفرض على المواطنين عمولة قدرها 50 ألف دينار عراقي عند شراء الدولار، في حين أن العمولة الرسمية المحددة هي 25 ألف دينار فقط. وأكد البنك المركزي على ضرورة الالتزام بهذه اللوائح وحذر من أن عدم الامتثال قد يؤدي إلى استبعاد هذه الشركات من المشاركة في نافذة بيع وشراء العملة الأجنبية في المستقبل.
كيف تعمل شركات الصرافة
تقوم شركات الصرافة في العراق بشراء الدولار من خلال نافذة البنك المركزي ثم بيعه للأفراد والشركات. يعتمد الطلب على الدولار في العراق على عدة عوامل:
الاستيراد: يعتمد العراق بشكل كبير على الاستيراد، ويتم استخدام الدولار لدفع ثمن السلع المستوردة من الأسواق الخارجية.
السفر: يحتاج العراقيون الذين يسافرون إلى الخارج إلى العملة الأجنبية، وخاصة الدولار، لتغطية نفقات السفر مثل الإقامة والنقل وغيرها.
الادخار: يفضل بعض المواطنين العراقيين الاحتفاظ بمدخراتهم بالدولار كحماية ضد تقلبات الدينار العراقي.
يضمن البنك المركزي توفر الدولار لتلبية هذه الاحتياجات، وتعمل شركات الصرافة كوسطاء لتوفير عملية سلسة للحصول على العملة الأجنبية. يقوم المواطنون بزيارة هذه الشركات لتبادل الدينار بالدولار ويدفعون عمولة صغيرة، وهي عمولة منظمة من قبل البنك المركزي.
التأثيرات الاقتصادية لشركات الصرافة
لشركات الصرافة تأثيرات إيجابية وسلبية على الاقتصاد العراقي:
التأثيرات الإيجابية:
استقرار سعر الصرف: من خلال بيع الدولار بسعر ثابت يحدده البنك المركزي، تساعد شركات الصرافة في منع تقلبات كبيرة في سعر الصرف. هذا الاستقرار مهم للأعمال والأفراد الذين يعتمدون على سعر صرف ثابت للتخطيط لنفقاتهم.
دعم التجارة: تضمن شركات الصرافة أن الشركات يمكنها الوصول بسهولة إلى العملة الأجنبية اللازمة للمعاملات التجارية الخارجية، وهو أمر ضروري لاقتصاد العراق الذي يعتمد على السلع المستوردة.
تسهيل السفر والاستهلاك: توفر شركات الصرافة وسيلة سهلة للمواطنين العراقيين للحصول على العملة اللازمة للسفر إلى الخارج، مما يعزز من الحركة الدولية والاستهلاك.
التأثيرات السلبية:
التلاعب بالسوق: عدم الامتثال للوائح البنك المركزي، مثل فرض عمولات أعلى من المسموح بها، قد يقوض الجهود المبذولة لاستقرار سوق العملة. عندما تنحرف الشركات عن الإرشادات الرسمية، يؤدي ذلك إلى زيادة التكاليف على المواطنين، مما يثير الاستياء ويقلل من الثقة في النظام المالي.
مخاطر السوق السوداء: يمكن أن تدفع الطبيعة المقيدة لنافذة العملة الأجنبية للبنك المركزي بعض الأفراد إلى السوق السوداء، حيث يتم بيع الدولار بأسعار أعلى، مما يخلق أسواقًا موازية تشوه سعر الصرف الرسمي.
التفاوت الاقتصادي: يفيد توافر الدولار بشكل رئيسي الشركات والأفراد الذين يمتلكون ما يكفي من الدينار للمشاركة في التبادل، مما قد يزيد من الفجوة بين من يستطيع الوصول إلى العملة الأجنبية ومن لا يستطيع. هذا التفاوت يمكن أن يزيد من عدم المساواة الاقتصادية في البلاد.
الخاتمة
يعد تنظيم شركات الصرافة من قبل البنك المركزي العراقي جزءًا أساسيًا في إدارة احتياجات البلاد من العملة الأجنبية. في حين تقدم هذه الشركات خدمات ضرورية، مثل استقرار سعر الصرف ودعم التجارة، فإن الالتزام الصارم بلوائح البنك المركزي ضروري للحفاظ على التوازن الاقتصادي. يمكن أن يؤدي الفشل في الامتثال إلى زيادة التكاليف على المواطنين وتشويه السوق. ومع استمرار العراق في التعامل مع تحدياته الاقتصادية المعقدة، ستظل شركات الصرافة جزءًا مهمًا من المشهد المالي للبلاد، ولكن يجب مراقبة دورها بعناية لضمان إسهامها الإيجابي في الاقتصاد.
وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية