عدن – تحاول الإمارات إعادة إيقاف مدينة عدن، ثاني أكبر مدن اليمن، على قدميها مجددا عبر ضخ استثمارات كبيرة في صورة مشاريع ومساعدات وتدريب جيش جديد استعدادا لمواجهة حاسمة مع الحوثيين، لكن تحديات الإخوان والقاعدة وأجندة الرئيس عبدربه منصور هادي تقف عائقا أمام إحراز تقدم سريع.
وبعد هيمنة بريطانية مطلقة في الجنوب، تبعها نفوذ للاتحاد السوفيتي قبل الوحدة مع الشمال بعد حرب انتهت عام 1994، تصعد الإمارات كقوة إقليمية جديدة كان لها الدور الأساس في تحرير جنوب اليمن، وتتمكن من بسط نفوذها على منطقة بحر عدن ومضيق باب المندب في مواجهة إسلاميين متطرفين سنة وشيعة على حد سواء.
وتحاول القوات الإماراتية التي ساهمت منذ انطلاق “عاصفة الحزم” ضمن تحالف عربي تقوده السعودية في طرد الحوثيين المدعومين من إيران من عدن، استعادة الأمن تحت وطأة هجمات متشددين ينتمون إلى القاعدة، كانت القوات الإماراتية نفسها القوة الضاربة في ضمان طردهم من ميناء المكلا الاستراتيجي شمالي عدن.
لكن تقاعس القوات المحسوبة على حركة الإصلاح، ذراع الإخوان المسلمين في اليمن، تسبب في عرقلة التوصل إلى حسم الصراع عسكريا وفقا لرؤية قوات التحالف.
ولم تكن الإمارات تعول كثيرا على علاقة تجمع هادي بحركة الإصلاح، عبر نائب الرئيس علي محسن صالح الأحمر.
وحاولت قيادات الحركة الترويج لقدرتها “الحاسمة” على عقد تحالفات مع القبائل في الجنوب، إلى جانب حشد أعداد كبيرة من عناصرها قد تتمكن من الضغط عسكريا على الحوثيين، وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
لكن على الأرض ظل الحال كما هو عليه. ففي مدينة تعز الاستراتيجية وسط اليمن، مازال الحوثيون يسيطرون على محاور استراتيجية تربط الشمال بالجنوب، ولم تتمكن قوات الإصلاح التي أسندت لها المعركة، من تحقيق تقدم يذكر.
كما تسبب الإخوان المسلمون في إشعال صراع ولاءات في عدن، أسفر عن إقالة محافظ عدن عيدروس الزبيدي، وتعيين عبدالعزيز المفلحي بدلا منه.
ورغم نجاح القوات الإماراتية في طرد الحوثيين والقاعدة على حد سواء، مازالت شوارع عدن مزدحمة بسيارات بيك أب تحمل جنودا مدججين بالسلاح.
صحيفة “تايمز”: الإمارات تضمن الأمن في الجنوب حتى بعد الحل السياسي
ومازالت أنقاض أكبر الفنادق في المدينة ظاهرة للعيان بعد استهدافه بصاروخ أثناء القتال. كما يعاني المستشفى الرئيسي في المدينة من نقص الإمكانيات.
ووسط كل ذلك، تمكنت القوات الإماراتية من تجنيد أكثر من 30 ألف مقاتل من أبناء القبائل ومن بين آخرين ينتمون إلى عائلات من الطبقة الوسطى، كقاعدة لجيش من المقرر أن يتقدم شمالا.
وقالت صحيفة “تايمز” البريطانية، إن 20 ألفا منهم يداومون في معسكرات التدريب.
وسيبدأ التقدم شمالا بمعركة تحرير ميناء الحديدة الاستراتيجية على البحر الأحمر. وتقول مصادر إن قوات التحالف حصلت على دعم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتحرير الميناء، وهي آخر نقطة تمركز للحوثيين على البحر الأحمر، بعدما فرضت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما خطا أحمر على البدء بالمعركة.
ويمر من ميناء الحديدة اليمني أكثر من 80 بالمئة من احتياجات البلد الغذائية.
والسيطرة المحتملة للقوات المدعومة من الإمارات على ميناء الحديدة هي ضربة كبيرة للقوات الموالية لحركة الإصلاح، التي كانت تمهد الطريق لتولي قيادة المعركة الحاسمة، لكنها استمرت بالمماطلة وعدم تنفيذ المهمة لشهور.
وقال مسؤول إماراتي رفض الكشف عن هويته في تصريحات نقلتها التايمز “حتى لو تم التوصل إلى حل سياسي مع الحوثيين في المستقبل… يجب علينا أن نحافظ على قدرة قتالية عالية في جنوب اليمن تمكننا من ضرب القاعدة إذا ما حاولت المراوغة مرة أخرى”.
وأنفقت الإمارات 1.5 مليار دولار لدفع رواتب موظفين محليين كمقدمة للاستثمار في البنية التحتية بهدف دفع الاقتصاد إلى النمو.
وقال عبدالناصر الوالي، مدير الإدارة الصحية في عدن، إن “منظمة الهلال الأحمر الإماراتي تنوي إرسال شحنات جديدة من المعدات الطبية والأدوية إلى المستشفى الرئيسي في المدينة”.
وفي المكلا، حيث تسيطر القوات الإماراتية على الأرض بعد طرد القاعدة قبل نحو عام، اصطحب مسؤولون محليون ريتشارد سبنسر مراسل “تايمز” وصحافيين آخرين، لزيارة زورق سحب كبير أرسلته الإمارات من أجل إعادة استقطاب السفن التابعة لشركات شحن عالمية، من بينها شركات صينية.
العرب اللندنية