تسعى الولايات المتحدة إلى توسيع مهام قوات حفظ السلام المعروفة بـ”اليونيفيل” في جنوب لبنان، لتشمل التحقيق في انتهاكات حزب الله، في مرحلة أولى.
وتحول حزب الله في السنوات الأخيرة إلى مصدر صداع للولايات المتحدة لما يمثله من تهديد لها ولمصالحها ومصالح حلفائها في الشرق الأوسط، باعتباره الضلع الأبرز في الاستراتيجية الإيرانية التوسعية بالمنطقة.
وتضع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في صدر أولوياتها ضرب النفوذ الإيراني في المنطقة، ولا يمكن أن ينجح ذلك دون وضع حد لنشاطات الحزب اللبناني.
وتدرس الإدارة الأميركية خيارات عدة للتعاطي مع هذا التهديد مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع في لبنان، والدليل على ذلك هو أنها لا تزال مترددة حيال إقرار قانون عقوبات جديد ضد الحزب، يثير قلق الأوساط السياسية اللبنانية لما سيكون له من تداعيات على الوضع المالي والاقتصادي الهش بطبعه لهذا البلد.
حانت ساعة الصفر لمعركة القاع
بيروت – انعقد الثلاثاء المجلس الأعلى اللبناني للدفاع بدعوة من الرئيس ميشال عون، وبحضور رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وقد جرى خلاله بحث المعركة ضد تنظيم داعش في جرود القاع ورأس بعلبك، والتوصيات اللازمة من أجل ضمان إنجاحها.
ويأتي هذا الاجتماع بعد استكمال الجيش اللبناني جميع استعداداته للمعركة المرتقبة.
وسبق الاجتماع لقاء منفرد بين الحريري وعون تناول آخر المستجدات والأوضاع العامة، كما اجتمع الرئيس عون باللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام اللبناني في أعقاب الجلسة.
وكانت الحكومة اللبنانية قد أوضحت أن المعركة المنتظرة على الحدود السورية اللبنانية سيتولى مهمتها حصريا الجيش ولن تكون هناك مشاركة لحزب الله فيها.
ويعتقد كثيرون أن انعقاد هذا المجلس في هذا التوقيت مؤشر على قرب إعلان ساعة الصفر لبدء العملية ضد داعش التي لن تكون حسب خبراء عسكريين سهلة خاصة وأن هناك رفضا لبنانيا للتفاوض مع التنظيم الجهادي دون معرفة مصير الجنود الأسرى التسعة لديه منذ العام 2014، فضلا عن أن داعش يبدو أنه غير مستعد للتفاوض، وترجم ذلك بإطلاقه الاثنين لصواريخ غراد صوب منطقة القاع.
وأكد كل من الرئيس اللبناني ورئيس مجلس الوزراء خلال الاجتماع على التزام الحكومة بتحرير كافة الأراضي اللبنانية من الإرهاب.
وعقب الاجتماع توالت مواقف الكتل النيابية اللبنانية المؤيدة حيث أكدت كتلة المستقبل على دعمها الثابت للجيش في مواجهة كافة أشكال الإرهاب، ومن جهتها شددت كتلة التغيير والإصلاح التابعة للتيار الوطني الحر على ضرورة ترك المؤسسة العسكرية تحديد مجريات إدارة معركة القاع ورأس بعلبك وتفاصيلها.
وترى إدارة الرئيس دونالد ترامب أنه لا بد من إيجاد استراتيجية فعالة لمحاصرة الحزب وتحجيم نفوذه تمهيدا للقضاء عليه، خاصة بعد أن تغول وامتلك قدرات في الحرب السورية جعلت منه تهديدا لا يقل خطورة عن تنظيم داعش الآخذ في الانحسار في كل من سوريا والعراق.
وتعتبر واشنطن أن اليونيفيل، وهي قوات تم نشرها في العام 1987 عقب الاجتياح الإسرائيلي للجنوب اللبناني، يمكن أن تكون جزءا من تلك الاستراتيجية.
وأعلنت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي الاثنين أنها تريد من قوات حفظ السلام الأممية في جنوب لبنان توسيع مهامها والتحقيق في انتهاكات حزب الله.
وسبق أن وجهت هايلي اتهامات للقوات الأممية بغض الطرف عن تحركات الحزب في المنطقة الحدودية الجنوبية، وتجاهلها لتوسيعه مراكز المراقبة التابعة له على الحدود تحت ستار منظمات بيئية غير حكومية.
ومن المقرر أن يصوت مجلس الأمن على تمديد مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) في 30 أغسطس مبدئيا، وقالت هايلي إنها سوف تسعى لإجراء “تحسينات ملحوظة” على تفويض اليونيفيل.
وأبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجلس الأمن في رسالة الجمعة بأنه ينوي النظر في سبل تعزيز اليونيفيل لجهودها “في ما يتعلق بالوجود غير الشرعي لأفراد مسلحين وأسلحة أو بنية تحتية داخل منطقة عملياتها”، ما يؤكد وجود دعم دولي لهذا التوجه.
وقالت هايلي في بيان “نشارك الأمين العام رغبته القوية في تحسين جهود اليونيفيل من أجل منع انتشار الأسلحة غير الشرعية في جنوب لبنان”.
وأضافت “هذه الأسلحة، التي هي بمعظمها في يد إرهابيي حزب الله، تهدد أمن واستقرار المنطقة”، متابعة “على اليونيفيل أن تعزز قدراتها والتزامها بالتحقيق في هذه الانتهاكات والإبلاغ عنها”.
ومن المتوقع أن يناقش غوتيريش لاحقا هذا الشهر مهمة اليونيفيل عندما يزور إسرائيل والمناطق الفلسطينية للمرة الأولى منذ تولي منصبه.
وسبق أن أبدت إسرائيل غضبها من طريقة تعاطي قوات اليونفيل مع تحركات حزب الله في الجنوب، معتبرة أن تلك القوات باتت غير مجدية.
واعتبر مراقبون أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين لا تعدو كونها مجرد تهديد للضغط باتجاه توسيع مهام القوات، حيث أنه ليس من صالحها في واقع الأمر حلها.
وتعتبر هايلي من المناصرين الأقوياء لإسرائيل التي خاضت حربا استمرت لشهر كامل ضد حزب الله في يوليو عام 2006، بعد اختطافه لجنود إسرائيليين.
وكانت هناك تكهنات حول إمكانية اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل وحزب الله بعد عقد على المواجهة المباشرة الأخيرة بينهما، ولكن هذه التوقعات انحسرت في ظل انخراط حزب الله في تثبيت موطئ قدم لإيران في أكثر من بلد عربي، ولكن تبقى المواجهة مطروحة.
وأنشئت اليونيفيل عام 1978 وقد تم تعزيز أفرادها بعد حرب عام 2006 ولديها حاليا 10.500 جندي على الأرض لمراقبة وقف إطلاق النار ومساعدة الحكومة اللبنانية على حماية حدودها.
صحيفة العرب اللندنية