الحياة تعود إلى جامعة الموصل رغم الدمار الكبير

الحياة تعود إلى جامعة الموصل رغم الدمار الكبير

في الطريق إلى جامعة الموصل بجانب المدينة الأيسر تبدو الشوارع المحيطة بها مزدحمة بالسيارات والمارة، فقد أعلنت إدارتها عن قرب بدء الدوام الرسمي فيها، وبعد إجراءات تفتيش روتينية تدخل الجامعة ليستقبلك مبنى رئاستها الذي تهدم جراء قصف طيران التحالف الدولي.

ورغم حرارة الشمس الحارقة فإن الجامعة تعج بالحركة، ويتنقل الطلبة بين البنايات التي سلمت من التدمير ليكملوا إجراءات تسجيلهم أو نقلهم، شبان وفتيات قدموا من الموصل وخارجها يحلمون بعام دراسي خال من الأزمات والحوادث الأمنية التي عانت منها الجامعة طوال السنوات الثلاث الماضية.

وتقول رئاسة الجامعة إنها ستبدأ رسميا في الأول من أكتوبر/تشرين الأول القادم، مما يستلزم حضور جميع الطلاب من المواقع البديلة التي انتقلوا إليها أيام سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة للمباشرة بالدوام في الموقع الأصلي.

وضمن صفوف الواقفين لإكمال معاملات تسجيلهم مجموعة من طلاب المواقع البديلة للجامعة في دهوك وكركوك قدموا للالتحاق بالموقع الأصلي، من بينهم عمر وعد الذي اضطر لمغادرة مدينته عام 2014 والتحق بفرع الجامعة في كركوك، وهو يشتكي من المشاكل والمضايقات الأمنية التي واجهها وزملاؤه هناك، ويرى أن من شأن عودتهم أن تسهم في استقرار دراستهم وحياتهم بشكل عام.

بنايات مدمرة
دمار كبير حل بمباني الجامعة العريقة التي تأسست عام 1959 وصارت أحد أبرز المراكز العلمية في العراق، ويقول مدير إعلام الجامعة ثامر معيوف إن 13 من بناياتها تعرضت للتدمير الكامل أو شبه الكامل، وهو ما يعادل 20% من مبانيها، ومن البنايات التي نالها النصيب الأكبر من الضرر كليتا الطب البيطري والهندسة، ومتحف الفنون الجميلة، بالإضافة إلى المكتبة المركزية، وكلية الطب البشري في الجانب الأيمن.

ويتهم بعض العاملين هنا الجهات الرسمية بالتقصير في متابعة المشاكل التي تعانيها الجامعة، ومن بينها النقص الكبير في القاعات الدراسية بعد أن تعرض العديد منها للتدمير.

وذكر عضو لجنة التعليم العالي في البرلمان العراقي عبد القهار السامرائي للجزيرة نت أنه تم تشكيل وفود زارت الجامعة لبحث جاهزيتها لاستقبال الطلاب. وأضاف أن الحل الأمثل في الفترة الحالية هو استخدام القاعات بالتناوب.

ويواجه بعض الطلاب الجدد مشكلة السكن، حيث فقد العديد منهم منازلهم في الساحل الأيمن كما يقول ياسر الطائي الذي كان يسكن في المدينة القديمة، وانتقلت أسرته إبان المعركة الأخيرة إلى مخيم ديبكة في قضاء مخمور جنوب شرقي الموصل وما زالت تقيم هناك، كما أن بنايات السكن الداخلي التابعة للجامعة تم قصفها.

جهود تطوعية
وعلى أنقاض مكتبة الجامعة يتجمهر مجموعة من الطلبة استعدادا لانطلاق حملة جديدة لتنظيفها وإحيائها بعد حملة سابقة استطاعوا فيها إنقاذ مئات الكتب التي نجت من الإحراق، وذهب نتيجة الحريق الذي حل بالمكتبة آلاف الكتب والمخطوطات النادرة ولم يبق منها إلا القليل.

وللتعويض عن النقص الحاصل في الكتب الدراسية والمراجع العلمية قامت رئاسة الجامعة بافتتاح معرض للبيع المباشر مختص بالكتاب الجامعي، وفي القاعة الجديدة ثمة طلاب منشغلون بترميمها وصبغ جدرانها ورصف أرضيتها، وكلهم يعملون دون مقابل، ويمتلئ المعرض بمصادر علمية وأدبية تقدم للطالب بأسعار رمزية.

ويقول أحد العاملين في المكتبة إنهم يقدمون الكتاب للطالب بأسعار زهيدة لتعويض الخسارة التي ألمت بالجامعة، ومعظم الكتب الموجودة في المعرض جديدة، لكن بعضها قديم منحته لهم بعض دور النشر من أجل الاستمرار بمزاولة نشاطهم.

سفيان النعيمي واحد من هؤلاء الطلبة، كان يدرس في كلية القانون حين سيطر التنظيم على الموصل فاضطر لترك الدراسة، وقرر بعد استعادة المدينة أن ينضم إلى فريق طلبة جامعة الموصل التطوعي الذي يقوم برفع مخلفات الحرب من بناياتها وترميم ما يمكن ترميمه، ويشير النعيمي إلى أنهم استعانوا بخبرات بعض أصدقائهم من الحرفيين، واستطاعوا ترك بصماتهم بشكل واضح، وهم مستمرون في عملهم رغم غياب الدعم الحكومي، على حد قوله.

الجزيرة