لندن – رجحت لجنة المالية في البرلمان العراقي أن يتأخر إقرار موازنة العام المقبل، حتى إذا قدمتها الحكومة إلى البرلمان في الموعد المحدد في العاشر من أكتوبر الجاري.
ومن المتوقع أن تربك التوترات الحالية بين الحكومة المركزية وسلطات كردستان على خلفية استفتاء الإقليم على الاستقلال، حسابات بغداد لتقدير حجم الإيرادات المتوقعة من صادرات النفط من حقول محافظة كركوك والتي ستكون موضع نزاع شديد.
وسينعكس ذلك على تقديرات الإنفاق والعجز المتوقع وبنود مخصصات الإقليم في الموازنة والتي تبلغ نسبة 17 بالمئة من الإنفاق الإجمالي رغم أنها تخضع لشد وجذب منذ عدة سنوات بسبب تصدير أربيل للنفط خارج سيطرة بغداد.
ونسبت صحيفة المدى العراقية إلى عضو اللجنة المالية أحمد حمة رشيد قوله إن “المعلومات الأولية عن مسودة الموازنة التي لم تصل إلى مجلس النواب حتى الآن، تتحدث عن وجود عجز في الموازنة يبلغ نحو ترليون دينار (31.6 مليار دولار) 37 تريليون دينار بضمنها ديون الكويت”.
وأضاف أن “تأجيل دفع الديون الكويتية التي تبلغ 4.6 مليار دولار سيؤدي إلى انخفاض العجز المتوقع إلى 27 مليار دولار”.
وأكد أن مبلغ النفقات في موازنة العام المقبل يقدر بنحو 120 تريليون دينار (102 مليار دولار). وقال إن “الأرقام ليست نهائية لأن الشكل النهائي للموازنة الاتحادية لم يكتمل حتى الآن”.
لكن المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح كان قد ذكر في تصريحات صحافية أن حجم الإنفاق في “موازنة عام 2018 لن يتجاوز 110 تريليونات دينار” (92 مليار دولار).
وقال إن “الحكومة تأمل إقرارها خلال الشهر الحالي وفقا لقانون الإدارة المالية” لكن معظم المحللين يرجحون صعوبة الوفاء بهذا الالتزام.
وأضاف أن الحكومة تحاول تعظيم الموارد غير النفطية إلى أقصى قدر ممكن، في ظل توجه الدولة لتشجيع خلق فرص العمل من خلال القطاع الخاص وتطوير برامج تقديم قروض ميسرة للشباب لتمكينهم من الانخراط في سوق العمل.
مظهر محمد صالح: الحكومة العراقية تحاول تعظيم الموارد غير النفطية إلى أقصى قدر ممكن
وأرجع رشيد سبب التأخير المتوقع إلى التوترات الأخيرة بين بغداد وأربيل، إضافة إلى غياب النواب الأكراد عن حضور جلسات البرلمان، الأمر الذي أوقف العمل على الموازنة.
وأضاف أن الموازنة لزيادة الإيرادات غير النفطية، لكن درجة نجاح الحكومة في ذلك مرتهن بطبيعة جديتها في تطبيق السياسات المخططة، خاصة وأن قروض صندوق النقد الدولي التي حصل عليها العراق ترهق كاهل الحكومة.
واستبعد أن تصل الموازنة الاتحادية للعام المقبل إلى البرلمان بتاريخ 10 أكتوبر في كل الأحوال. وأكد أن اللجنة المالية البرلمانية تنتظر وصولها لتتمكن من تحديد ومناقشة الأخطاء وإضافة التعديلات اللازمة.
ورجح أن تتضمن الموازنة الإبقاء على حصة الإقليم البالغة 17 بالمئة من حجم الإنفاق الإجمالي بسبب عدم وجود أي اتفاق اخر بين الحكومة الاتحادية وحكومة أربيل.
وقال رشيد لصحيفة المدى إن الإقليم ما زال يبيع النفط دون الرجوع إلى حكومة بغداد المركزية التي ستتجه حتما إلى عدم تسديد رواتب ونفقات موظفي الإقليم.
وأكد المستشار المالي لرئيس الوزراء ضرورة مواجهة مشكلة العجز بما يضمن استمرار النشاط الاقتصادي وإعادة تخصيص الموارد على نحو أمثل في الموازنة، وهو ما تعمل الحكومة لتحقيقه.
وأوضح أن الحكومة العراقية تجري مشاورات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج التعزيز المالي أي تقليص الإنفاق وتعظيم الموارد واستدامة تحمل الدين ضمن الحدود الاقتصادية الأمينة وتعظيم الإيرادات.
وقالت عضوة لجنة الاقتصاد والاستثمار نجيبة نجيب إن “الموازنة ما زالت في طور الإعداد وسيتم تقديمها إلى مجلس الوزراء للتصويت عليها ورفعها إلى مجلس النواب للمصادقة عليها”.
وأضافت لصحيفة المدى أن “العراق اقترض من صندوق النقد والبنك الدولي مبالغ تصل إلى 5 مليارات دولار وأن الصندوق أعلن عن مشروع لإصلاح الوضع الاقتصادي من خلال رفع حجم الموازنة الاستثمارية على حساب الموازنة التشغيلية”.
وكانت الحكومة أعلنت أنها تعتزم فرض ضرائب إضافية على عدة منتجات في الموازنة الجديدة، إضافة إلى خفض عدد الموظفين الحكوميين. وأكدت أن كل 5 موظفين يحالون على التقاعد سيحل مكانهم موظف واحد.
وتدفع الدولة العراقية رواتب لنحو 7 ملايين شخص، وهو العدد الممثل لنسبة التشغيل الحكومي في جميع دول العالم عند المقارنة بعدد السكان ويستنزف معظم الإنفاق في الموازنة.
العرب اللندنية