تدفع القوى السياسية السنّية في العراق إلى تأجيل انتخابات مجلس النواب العراقي المقرر إجراءها أواسط أيار/ مايو 2018، فيما تصرّ الحكومة والأحزاب السياسية الشيعية على الموعد المقرر.
وحدد مجلس الوزراء العراقي، في وقت سابق، تاريخ إجراء الانتخابات البرلمانية في 15 أيار/ مايو 2018، شريطة أن تتولى الحكومة توفير «البيئة الآمنة» لإجراء الانتخابات، وإعادة النازحين إلى مناطقهم، فضلاً عن التشديد على ألا تكون للأحزاب «التي تخوض الانتخابات أجنحة مسلحة».
حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي، أكد «حرص الحكومة على إجراء الانتخابات في وقتها المحدد، كونها استحقاقاً دستورياً».
وقال مكتبه، في بيان، أمس الجمعة، إن «رئيس الوزراء استقبل رئيس المجلس الأعلى الإسلامي همام حمودي»، موضحاً أن «اللقاء بارك (…) الدعم والإشادة بخطوات العبادي التي حفظت وحدة البلاد»، فضلاً عن بحث «الأوضاع السياسية والأمنية وتأكيد حرص الحكومة على إجراء الانتخابات في وقتها المحدد، كونها استحقاقا دستوريا». كذلك، اتفق حسن خلاطي عضو مجلس النواب العراقي عن كتلة تيار الحكمة، بزعامة عمار الحكيم، المنشقّ عن المجلس الأعلى الإسلامي، مع موقف الحكومة الاتحادية بشأن إجراء الانتخابات.
وقال لـ«القدس العربي»، إن «التوقيتات الدستورية يجب أن تكون ثابتة، كما يجب أن تجرى الانتخابات التشريعية في وقتها وموعدها المحدد».
وأضاف: «مجلس النواب تنتهي دورته الحالية في تموز/ يوليو 2018، ويمكن إيجاد حلول للمشكلات التي تدفع القوى السياسية على الاعتراض على إجراء الانتخابات بسبب أوضاع النازحين وإعادة إعمار المدن المحررة، قبل هذه الفترة». وأكد «لا يوجد طرف مستفيد في تأجيل الانتخابات».
إعادة النازحين وتحقيق الاستقرار
في الأثناء، قال رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، في محاضرة ألقاها في معهد السلام بالولايات المتحدة، التي يزورها حالياً: «لا يمكن إجراء الانتخابات في وقتها، ما لم يتم توفير المستلزمات الضرورية لإنجاحها، مع أننا مع إجرائها في توقيتها الدستوري والقانوني».
وأضاف: «من أهم هذه المستلزمات هو إعادة النازحين وتحقيق الاستقرار لهم، لضمان مشاركة أوسع لمكونات الشعب الذي عانى الكثير وقدم الكثير ويستحق حياة أفضل توازي تلك التضحيات». طبقاً لبيان أورده المكتب الإعلامي للجبوري.
كما قال النائب عن تحالف القوى أحمد السلماني لـ«القدس العربي»، إن «الحديث عن إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، وفقاً للمعطيات على الأرض، ووجود مئات الآلاف من النازحين، غير مجدٍ». وأكد «الحاجة إلى وقت لإعادة النازحين وإعادة إعمار المدن المدمرة بفعل عمليات التحرير، خصوصاً إن في بعض منها تجاوزت نسبة الدمار الـ90٪»، مشدداً على أهمية الخوض في «مناقشات سياسية مطولة لتحديد موعد آخر للانتخابات عقب معالجة هذه الملفات».
ووجه زميله في الكتلة النائب محمد العبد ربه، رسالة إلى الحكومة والمجتمع العراقي مفادها «نحن مع إجراء الانتخابات في موعدها، لكن بعد عودة النازحين إلى ديارهم، ولا نرفض إجراء الانتخابات».
وقال لـ«القدس العربي»، إنه «من غير المنطقي إجراء الانتخابات وهناك مئات الآلاف من النازحين لا يزالون خارج مدنهم، ويسكنون في المخيمات»، موضّحاً أن «هذه المخيمات تدار من قبل جهات عسكرية، فكيف يمكن أن نضمن عدم تأثير هذه الجهات على النازحين بانتخاب شخص معين، والتأثير على إرادته؟».
وكشف النائب، وهو من محافظة نينوى، عن وقوف السياسيين السنّة إلى جانب أي توجه يفضي إلى «إجراء الانتخابات في المحافظات المستقرة، وتأجيلها في المحافظات غير المستقرة».
في الطرف المقابل، قال زاهر العبادي النائب عن تيار الإصلاح، بزعامة إبراهيم الجعفري، لـ«القدس العربي»، إن «على البرلمان استكمال تشريع قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية، إضافة إلى قانون المحافظات، وقانون انتخابات مجلس النواب، خلال الأيام المتبقية بهذا الشهر (…) حتى يمكن أن نتحدث عن إجراء انتخابات في موعدها المحدد من عدمه».
وعن أبرز المشكلات التي تعترض طريق تمرير قانون انتخابات مجالس المحافظات، بيّن أن «هناك خلافاً حول عدد أعضاء الحكومة المحلية في كل محافظة، فضلا عن وضع محافظة كركوك»، مشيراً في الوقت عيّنه إلى وجود «تداخل بين مشروع قانون تعديل قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم؛ من جهة، وبين قانون انتخابات مجالس المحافظات من جهة ثانية».
الصدر يحذّر من حكومة «ميليشياوية»
ويعتبر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أبرز المعترضين على مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات، كونه ينصف الكتل السياسية الكبيرة، فضلاً عن الآلية التي اختير على أساسها أعضاء مفوضية الانتخابات الجديدة.
ودعا الصدر، أمس الجمعة، إلى تجمع مليوني دعماً لحكومة «تكنوقراط» عبر الانتخابات المقبلة، مشددا على أن تكون الحكومة المقبلة «ليست ميليشياوية او حزبية».
وقال أثناء خطبة صلاة الجمعة في مسجد الكوفة بالنجف، «أود ان انوه لامر مهم، وهو إني أحاول جاهدا إصلاح العملية السياسية برمتها».
وأضاف: «أريد أن أكمل المشروع معكم كما بدأناه في ساحة التحرير (وسط العاصمة بغداد)، وذلك من خلال تجمع مليوني دعما لانتخاب حكومة مستقلة من التكنوقراط»، مشدداً على أن تكون الحكومة المقبلة «ليست ميلشاوية اوحزبية». على حدّ قوله.
دعم أممي لإجراء الانتخابات
وأعلنت الأمم المتحدة وقوفها مع توجه الحكومة الاتحادية في إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المقرر.
وفي لقاء عضو هيئة رئاسة مجلس النواب همام حمودي بالممثل الخاص لبعثة الأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، اتفق الطرفان على «وجوب عدم تأجيل الانتخابات، باعتبار ان عدم إجرائها بالموعد المقرر يعني الذهاب للمجهول، والفراغ الدستوري للبلاد الذي يكرس لغة فرض الأمر الواقع، فضلا عن غياب المواقع الحساسة بالدولة». وفقاً لبيان صحافي.
وحذّر حمودي من «خطابات تصعيدية مع قرب الانتخابات»، داعياً البعثة الأممية لأخذ دورها في إبعاد الشبهات التي تطالب بالتأجيل».
كما أكد «حرص الحكومة على الإسراع في عودة النازحين وضمان استقرارهم وتوفير الأموال المخصصة لإعادة اعمار مدنهم وبما يحفظ حرية الناخب لأداء صوته»، مشدداً على ان «إجراء الانتخابات بموعدها المحدد يدعم التوجه الحكومي بانهاء حقبة الشد الطائفي ومرحلة العنف والإرهاب». بدوره أكد كوبيتش، وفقا للبيان، أهمية البدء بمناقشات جادة بين بغداد واربيل حول القضايا العالقة وبناء مستوى عال من التفاهم وفق الدستور.
بغداد ـ «القدس العربي»