كركوك (العراق) – يثير ظهور مسلّحين مجهولي الانتماء، في مناطق بشمال العراق، تقع بين مواقع القوات الاتحادية وقوات البيشمركة الكردية، مخاوف بشأن إمكانية أن يستغل تنظيم داعش الخلافات بين بغداد وأربيل لإعادة تنظيم صفوفه وشن هجمات قاتلة.
ونفذت القوات العراقية، في أكتوبر الماضي، عملية واسعة لإعادة الانتشار في مناطق كانت تخضع لسيطرة قوات البيشمركة الكردية منذ 2014. ونتج عن هذه العملية فراغ عسكري في بعض المناطق على خط التماس بين الطرفين.
ويعزز هذه المخاوف عودة العنف إلى مدينة كركوك الغنية بالنفط منذ سيطرة القوات الاتحادية عليها بعد أعوام من خضوعها لقوات البيشمركة، في مرحلة اتسمت بالاستقرار الأمني النسبي.
وتقول مصادر أمنية وشهود عيان إن مناطق بين محافظتي ديالى وكركوك تشهد نشاطا لمسلحين مجهولي الانتماء، ما يثير مخاوف السكان.
وتشير المصادر إلى أن “المئات من المسلحين يتحركون في مناطق وعرة خالية من الوجود الأمني العراقي بين أطراف ديالى وصلاح الدين الشمالية وأطراف كركوك الشرقية”.
وتقع هذه المناطق في مساحة خالية من الوجود العسكري، ووعرة بين مواقع انتشار القوات الاتحادية ومواقع قوات البيشمركة الكردية.
ويقول شهود إنهم رصدوا حركة قوافل تضم المئات من المسلحين في هذه المناطق. لكنهم قالوا إن المسلحين تجنبوا الاحتكاك بسكان القرى التي ظهروا في أطرافها.
ويعتقد خبراء أمنيون أن هؤلاء المسلحين هم عناصر تنظيم داعش الذين نجحوا في الفرار من منطقة الحويجة، جنوب غرب كركوك، لدى اقتحامها من قبل القوات العراقية أواخر سبتمبر الماضي.
ومنذ سيطرة القوات العراقية على كركوك، في الـ16 من أكتوبر، نفذ تنظيم داعش مجموعة عمليات انتحارية استهدفت مواقع أمنية وأسواقا شعبية في مركز المدينة بعد مرحلة من الاستقرار الأمني النسبي فيها تلت دخولها من قبل قوات البيشمركة إثر انسحاب الجيش العراقي منها صيف العام 2014.
وكانت وزارة الداخلية العراقية أعلنت في الخامس من الشهر الجاري عن مقتل شخص وإصابة 16 آخرين باعتداء إرهابي مزدوج نفذه انتحاريان في شارع أطلس وسط كركوك، وأنهما كانا داخل كركوك مختبئين في أحد المنازل بالمدينة قبل الانطلاق لتفجير نفسيهما.
وتقول مصادر استخبارية عراقية لـ”العرب” إن “قيادات بارزة في داعش وعددا كبيرا من مقاتلي التنظيم تنقلوا بين الموصل والحويجة قبل تحريرهما، ثم تجمعوا في منطقة تلال حمرين بين ديالى وكركوك”.
وتمثل هذه المنطقة معقلا تقليديا للجماعات المتشددة في العراق منذ 2004، واستخدمت لتنسيق المئات من الهجمات التي استهدفت مواقع متفرقة من البلاد.
ويستغل عناصر تنظيم داعش وعورة هذه المناطق وتلالها ووديانها للاختباء.
ويقول الخبراء إن الطائرات العراقية والأميركية شنت طيلة سنوات الآلاف من الغارات على مواقع المتشددين في تلال حمرين من دون تأكيدات بأن ضرباتها كانت مؤثرة.
ويضيف هؤلاء أن “صعوبة وصول القوات العراقية والأميركية إلى عمق هذه التلال حوّلها إلى مواقع حصينة، حفر فيها المتشددون أنفاقا ومخابئ تحت الأرض”.
ويقول الخبراء إن محاصرة هذه المنطقة الشاسعة التي تنفتح على 4 محافظات، هي ديالى وكركوك فضلا عن صلاح الدين والموصل، يبدو ضربا من المستحيل، مرجحين الحاجة إلى سنوات للقضاء على التنظيمات المتشددة التي تتخذها مواقع اختباء لها.
ويسمح وجود التنظيمات المتشددة في هذه المنطقة بشن هجمات في محيط واسع يضم مدنا كثيفة السكان ومنشآت نفطية.
ويقول الخبراء إن الحد من خطورة هذه المناطق على المحافظات التي تتصل بها يتطلّب تنسيقا فعالا بين القوات الاتحادية والبيشمركة الكردية ودعما جويا أميركيا.
واستجابة لهذه المخاوف أطلقت القوات العراقية عملية بحث وتفتيش في جزء من هذه المناطق. وقال اللواء علي فاضل عمران، قائد عمليات كركوك، إن عملية عسكرية انطلقت الخميس لتطهير مناطق تمتد من شمال غرب كركوك، وتحاذي حقولا نفطية عملاقة، وصولا إلى حدود محافظة صلاح الدين.
وأوضح عمران، أن العملية التي نفذت بمساندة طيران الجيش العراقي وهي تستهدف “الفارين من عصابات داعش، والبحث والتفتيش عن المتفجرات والأسلحة التي تركها الإرهابيون بعد هزيمتهم بالحويجة، وتحرير مناطق جنوبي كركوك وغربيّها”.
وأشار عمران إلى أنّ القوّات العراقية، منذ تحرير الحويجة، قتلت أكثر من 200 عنصر في داعش فيما عثرت على 25 نفقا ومخبأ للسلاح في هذه المناطق. لكنّ المسؤول العسكري لم يعلق على أنباء ظهور المئات من المسلحين في هذه المناطق خلال الأيام الماضية.
العرب اللندنية