تسمّرت عيون المقدسيين أمام شاشات التلفاز قبيل خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي أعلن من البيت الأبيض الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ووجّه أوامره إلى الخارجية الأميركية لبدء نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
ورغم الإيمان العميق لدى المقدسيين بانحياز ترمب لإسرائيل، فإن كثيرين منهم علقوا الآمال على إمكانية تراجعه عن هذا الإعلان في اللحظات الأخيرة، وانعكست حالة الترقب على مواقع التواصل الاجتماعي التي عبر من خلالها المقدسيون عن استهتارهم بالرئيس الأميركي من جهة، وتمسكهم بالقدس عاصمة أبدية للفلسطينيين من جهة أخرى، وكثف النشطاء من استخدامهم وسم #القدس_عاصمة_فلسطين_الأبدية قبل وأثناء وبعد الإعلان.
الشابة المقدسية لطيفة عبد اللطيف ترى أن خطاب ترمب يعكس الوجه الحقيقي لأميركا وسياستها؛ فبعد محاولات عدة من الإدارة الأميركية لتجميل حقيقة دعمها الكامل لإسرائيل وقف ترمب اليوم ليعلن ذلك بكل صراحة، غير مكترث بتداعيات خطابه على كافة المستويات.
مأزق للقيادة الفلسطينية
وعن توقعاتها لردة فعل المقدسيين تجاه هذا الإعلان تقول لطيفة للجزيرة نت إنه يصعب التكهن بذلك، حيث فوجئ الجميع بقوة ردهم على البوابات الإلكترونية على أبواب المسجد الأقصى في تموز/يوليو المنصرم، مضيفة أن “الاحتجاجات والمواجهات في الشوارع والإضرابات جميعها واردة وهي وسائل تقليدية، لكن ربما يبتدع المقدسيون طرق احتجاج جديدة ضد هذا القرار الذي لن يمر عليهم مرور الكرام”.
ويعتبر الشاب نضال جدّة، في حديثه للجزيرة نت، اعتراف أميركا بالقدس عاصمة لإسرائيل رشقا للمياه الحارقة على وجوه من حملوا نهج التسوية والمفاوضات على مدار عقود، حيث “طالبنا بعدم الرهان على أميركا وبعض الدول العربية التي يحركها الاستعمار العالمي كالدمى، هذا الإعلان ينقل أميركا من راعية لعملية السلام إلى طرف مساو لدولة الاحتلال”.
وحول الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها لمواجهة اعتماد القدس عاصمة لإسرائيل يجد جدّة أن هناك ضرورة لنسف كل النهج الفلسطيني الحالي القائم على التنسيق مع الاحتلال، واستبداله بمشروع وطني حقيقي عموده الفقري مقاومة الاحتلال على صعيد الشعب الفلسطيني وكافة الشعوب العربية والإسلامية والمسيحية، واختيار قيادة فلسطينية جديدة قادرة على التعامل مع كل المتغيرات الحالية.
ويطالب الشاب جدّة بإنهاء حقبة أنصاف الحلول والبحث عن حلول جذرية تستند إلى حقوق الشعب الفلسطينيغرد النص عبر تويتر، بعد قطع كل العلاقات مع الاستعمار والاعتماد على الجبهة الداخلية وسواعد الفلسطينيين شعبا وقيادة.
مرحلة جديدة
وبعد مسلسل الخذلان الطويل الذي تعرض له الفلسطينيون من زعماء الدول العربية، وقبلهم من القيادة الفلسطينية، ترى الشابة مروة وزوز أن الكلمة بعد إعلان ترمب الأخير هي للشعب الفلسطيني وحده لتحديد مسار المرحلة المقبلة وتقرير المصير.
ولفت المحامي المقدسي زياد أبو زيّاد لنقطتين في خطاب دونالد ترمب: أولاهما أن الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل لا يتعلق بتحديد حدود منطقة السيادة الإسرائيلية، وهذا يعني أنه اعتراف بإسرائيل ضمن حدود معينة وليس كل القدس. والنقطة الأخرى تناول الجانب الديني وتأكيد ترمب حق اليهود في الصلاة بحائط المبكى والمسيحيين في كنيسة القيامة والمسلمين في المسجد الأقصى، وضرورة عدم المساس بالوضع القائم في هذه الأماكن المقدسة.
وفي ما عدا ذلك يؤكد أبو زيّاد للجزيرة نت أن القدس الغربية تحتضن كل مقومات العاصمة فهي تضم الكنيست الإسرائيلي ومجلس الوزراء والمحكمة العليا، وهذا ما برره ترمب في خطابه.
وفي تعريجه على ردود الفعل المطلوبة في هذه المرحلة يشدد أبو زيّاد على ضرورة السماح للشارع الفلسطيني بالتعبير عن غضبه ومشاعره بكل الوسائل الممكنة دون تدخل وقمع من الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وعدم عرقلة السلطة الفلسطينية الغاضبين للخروج بمسيرات شعبية من كافة المدن والقرى باتجاه القدس.
ورغم ترجيحه اندلاع مواجهات واحتجاجات في المدينة المقدسة، فإن أبو زيّاد يستبعد أن تكون بحجم سابقاتها في تموز/يوليو المنصرم على أبواب المسجد الأقصى.
المصدر : الجزيرة