استُهدفت مقار دبلوماسية أميركية في العاصمة العراقية بغداد وفي البصرة (جنوبي البلاد) بالصواريخ أمس السبت، بعد يوم على حرق القنصلية الإيرانية في البصرة، وهو ما اعتبره مراقبون انعكاسا للصراع بين كتل سياسية مدعومة من إيران مع كتل أخرى مدعومة أميركيا.
كما تم إطلاق قذائف باتجاه المنطقة الخضراء في بغداد ، حيث تقع السفارة الأميركية.
يأتي هذا بعد يوم على إضرام متظاهرين غاضبين النيران في القنصلية الإيرانية في البصرة.
وكانت مظاهرات البصرة قد بدأت في هذا الصيف بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وللمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير وظائف لسكان المنطقة، لكنها استؤنفت من جديد بداية هذا الشهر، واشتعلت بعد مقتل متظاهرين عدة.
وأدت الاحتجاجات إلى مقتل 12 شخصا وجرح العشرات منذ بداية الشهر. وألقت منظمة العفو الدولية باللوم على قوات الأمن، قائلة إنها أطلقت النار على المتظاهرين، الذين ألقوا بدورهم الحجارة على رجال الأمن، وفي بعض الحالات قنابل مولوتوف.
والخميس الماضي أحرق المتظاهرون مكاتب معظم الأحزاب السياسية في البصرة، بما فيها الأحزاب المدعومة من إيران ومقر المحافظة.
وأرسلت الحكومة مزيدا من القوات إلى البصرة لاستعادة النظام، وأقال رئيس الوزراء حيدر العبادي قائد شرطة المدينة، وفرض حظر التجوال فيها.
تحذير
وعلى أثر حرق القنصلية الإيرانية، حذر زعيم حزب عصائب أهل الحق قيس الخزعلي -المدعوم إيرانيا- من أن “لكل فعل رد فعل”، و”إذا أرادوا أن يأخذوا الأمور أكثر من خلال حرق المكاتب وغيرها من الإجراءات، فيمكننا مقاومة ذلك في حدود الدفاع عن النفس”.
وبعد ساعات من تصريح الخزعلي، تم إطلاق القذائف باتجاه المنطقة الخضراء.
وأدانت الخارجية الأميركية “العنف ضد الدبلوماسيين، بما في ذلك ما حدث في البصرة”.
وأمس خلال جلسة طارئة للبرلمان، طالب تيارا “سائرون” الذي يتزعمه مقتدى الصدر و”الفتح” بزعامة هادي العامري، رئيس الحكومة بالاستقالة.
ويواجه العراق بالفعل قائمة من التحديات بعد ثلاث سنوات من الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، من بينها إعادة بناء المناطق المدمرة ومنع عناصر التنظيم من استعادة قوتهم.
وقال المحلل السياسي العراقي باسم العوضي إن استهداف المنطقة الخضراء يبدو أنه يرسل رسالة إلى الولايات المتحدة ضد التدخل في تشكيل الحكومة.
وأضاف أن إيران لعبت دورا بارزا في السياسة العراقية منذ الغزو الأميركي للعراق قبل 15 عاما وأطاحت بصدام حسين، مما مكن الأحزاب الشيعية في البلاد.
واعتبر العوضي أن الأحزاب الشيعية وسعت من وجودها العسكري في العراق خلال الحرب ضد تنظيم الدولة، وحوّلت تلك المكاسب إلى نفوذ سياسي أكثر في انتخابات مايو/أيار الماضي، عندما فاز تحالف موال لإيران في ثاني أكبر عدد من المقاعد، في إشارة لكتلة “الفتح” التي يتزعمها هادي العامري.
وفازت كتلة “سائرون” بأكبر عدد من الأصوات، لكن النتيجة لن تؤهلها لتشكيل الحكومة، وهو ما دفعها للتحالف مع ائتلاف العبادي لمنافسة تحالف يقوده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وهادي العامري -الذي يترأس أيضامنظمة بدر- المدعومين من إيران.
والولايات المتحدة الماضية في حصار إيران وفرض عقوبات عليها، حريصة على أن لا يتولى أقرب حلفاء إيران في العراق السلطة، وحثت أحزاب عراقية من مختلف المكونات على دعم العبادي.
الجزيرة