الخروج الإعلامي للواء أحمد مساعد حسين أحد أبرز القيادات السياسية والقبلية في مسقط رأسه بمحافظة شبوة جنوب شرقي اليمن مطلع سبتمبر/أيلول الجاري وما جاء فيه من مضامين منتقدة بالخصوص للدور الإماراتي، عزز الصراعَ الخفي بين حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وأبو ظبي.
وبهيئته الوقورة وشعره الأبيض، ألقى اللواء -الذي يوصف بأنه الرجل الأقوى في المحافظة النفطية – خطابا أمام ملتقى محافظة شبوة (تجمع للقبائل)، قال فيه إن على أبناء شبوة جمع الكلمة ووقف الثارات والتعصب والاقتتال القبلي والتكاتف والبناء والاستفادة من الثروة النفطية، منتقدا التحالف السعودي الإماراتي في اليمن بشكل عام، والدور الإماراتي في المحافظة بشكل خاص.
وسخِر مساعد حسين الذي تولى رئاسة الأمن الوطني (المخابرات العامة) في دولة جنوب اليمن (1968ـ1980)؛ من الموالين للتحالف السعودي الإماراتي ومن يرفع أعلامهما، وقال إن ذلك يعمّق الشقاق.
وبنبرة حادة، هاجم اللواء مساعد الذي تولى أيضا منصب محافظ لمحافظة ريمة (2004-2008)، وحقيبة وزارة المغتربين (2009-2011)، وشغل عضوية مؤتمر الحوار الوطني؛ التحالف الذي ينتهج سياسة مدمرة في شبوة.
وقال في خطابه الموجه لرجال القبائل في شبوة إن التحالف دمر المصالح العامة في المحافظة. كما طال دمار التحالف اليمن واقتصاده بشكل واسع، مبديا رفضه للتشكيلات العسكرية والأمنية التي شكلتها الإمارات خارج سلطة الحكومة الشرعية، في إشارة إلى قوات “النخبة الشبوانية”.
إصلاح الوضع
وهذه من المرات القليلة التي يوجه فيها سياسي وزعيم قبلي هجومه على الإمارات بهذه الحدة، خصوصا أن ذلك يأتي بعد أيام فقط من وصوله إلى شبوة قادما من صنعاء الخاضعة للحوثيين.
وغلب على تحركات مساعد في المحافظة الطابع والحضور الرسمي رغم أنه لا يحمل أي منصب، فقد أجرى جولة في مدينة عتق -مركز شبوة- وزار عددا من المكاتب والهيئات والمؤسسات الحكومية والخدمية، وفق ما نقله مصدر مقرب منه للجزيرة نت.
وأثارت تحركات اللواء السابق -الذي كان له دور فاعل خلال فترة الحرب الأهلية بجنوب البلاد في ثمانينيات القرن الماضي- غضب قيادة قوات “النخبة الشبوانية” الموالية للإمارات، وقال قائدها محمد سالم البوحر في تصريحات صحفية إن “الماضي لن يعود، ومن ينكر دور التحالف فهو جاحد”.
وحدة القبائل
وتعليقا على الموضوع، رأى مسؤول حكومي في محافظة شبوة أن تحركات اللواء مساعد بين رجال القبائل، ورعايته لاتفاق “الوحدة” القبلي مؤخرا بين سبعة من مرجعياتها، كل ذلك يجري بحماية من الأجهزة الأمنية الحكومية.
وأضاف للجزيرة نت أن “الرجل له دور جديد في شبوة، مع عودته حاليا بعد سبع سنوات من الانقطاع التام عن العمل العام، وهو على علاقة جيدة بالرئيس هادي، فتحركاته حتى اللحظة توضح أنه مدفوع من الرئاسة لمواجهة الإمارات”، مشيرا إلى أن هجوم حسين ضد التحالف أول مواجهة ضد أبو ظبي والرياض في شبوة.
وفي السياق ذاته، أفاد مسؤول محلي آخر في شبوة للجزيرة نت بأنه “لا توجد معلومات واضحة عن الجهة التي تقف خلف تحركات اللواء مساعد، لكن المؤشرات تدل على أنه مدفوع من هادي لتحجيم الدور الإماراتي في شبوة على غرار ما يحدث في محافظة المهرة”.
إثارة للصراع
وكانت الإمارات قد بسطت سيطرتها بشكل كبير على معظم محافظة شبوة الغنية بالنفط عبر قوات النخبة الشبوانية التي أنشأتها، وسيطرت على كامل ساحل المحافظة ومعظم مديرياتها، بالإضافة إلى مدينة عتق.
كما بسطت نفوذها على الطريق الرسمي الرابط بين مدينة عتق ومنطقة العبر باتجاه الحدود السعودية، بالإضافة إلى سيطرتها على موقع العلم الذي يحوي محطة ضخ النفط إلى ميناء النشيمة على ساحل البحر العربي.
وتسعى تلك القوات للتقدم نحو مديريتي بيحان وعسيلان اللتين تسيطر عليهما قوات موالية للرئيس هادي، وتقعان ضمنها مواقع للشركات النفطية.
في الجهة المقابلة، اعتبر موالون للإمارات أن عودة الرجل ستذكي الصراع الذي ربما قد يصل إلى مواجهة بين القوات الموالية لحكومة هادي والنخبة الشبوانية.
ورأى عبد اللطيف أحمد -وهو أحد سكان مدينة عتق- أن عودة مساعد في هذا التوقيت ودوافعه ومصلحته تثير الريبة، خصوصا أنه متورط في قضايا ثأر منذ أن كان رئيسا للمخابرات في دولة الجنوب، وأن “يده ملطخة بالدماء”.
غير أن أحد الصحفيين في المحافظة اعتبر في حديث للجزيرة نت أن “عودة مساعد ستعمل على توازن القوى في المحافظة، بعدما استباحت الإمارات المحافظة بالكامل، وشنت القوات الموالية لها (النخبة الشبوانية) اعتقالات بحق المعارضين”.
المصدر : الجزيرة