أعلن الجيش الإسرائيلي أنه تم استهداف عصر يوم العشرين من تموز 2024 ميناء الحديدة اليمني باستخدام (12) طائرة مقاتلة نوع أف 35 وأف 16 واصابة
منشآت تكرير النفط في الميناء ومحطة كهرباء محافظة الحديدة وخزانات مازوت الكهرباء.
وجاءت العملية العسكرية الإسرائيلية ردًا على قيام جماعة الحوثيين فجر يوم التاسع عشر من تموز 2024 باستهداف مدينة تل أبيب في العمق الإسرائيلي بطائرة مسيرة سقطت بالقرب من مبنى السفارة الأمريكية وأدت إلى
مقتل إسرائيلي وإصابة 10 آخرين.
يمكن الاستدلال على الأهداف الرئيسية من هذه الضربة انها تأتي لتشكل انعطافة ميدانية في عملية المواجهة بين إسرائيل والحوثيين وبعد العديد من العمليات التي قام بها الحوثيين باستخدام الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة في إصابة أهداف عسكرية وموانئ للشحن والنقل البحري في العمق الإسرائيلي، ولتكون رسالة واضحة في إعادة تكوين مفهوم فك الاشتباك بين الطرفين والتي تعتبر أول عملية إسرائيلية تنفذ في اليمن بعد أحداث السابع من تشرين الأول 2023 في قطاع غزة، ولتعطي انطباع عن طبيعة الرؤية الإسرائيلية في معالجة أي استهداف لها ولمنشأتها في الداخل ومن قبل أي جهة كانت، وهي تعني أن المستهدف القادم ستكون جميع التشكيلات والفصائل المسلحة والمليشيات العاملة ضمن مفهوم وحدة الساحات والتي تدعم من قبل الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس.
جاءت العملية في ضوء التطور الحاصل في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي واشتداد حالة المواجهة مع حزب الله اللبناني وإسرائيل والعمليات الإستخبارية التي أدت إلى استهداف العديد من القيادات العسكرية والسياسية لدى حزب الله، مع الإشارة إلى أن نوع تنفيذ الضربة الجوية على ميناء الحديدة تم من قبل القوات الجوية الإسرائيلية دون أي مشاركة فعلية من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وهذا ما يعطي دلالة عن ابتعاد واشنطن عن أي مواجهة ممكن ان تسبب انعطافة في الأحداث القائمة في المنطقة وعدم مشاركتها فيها وهي تتنتطر بل تعمل على التهئ للانتخابات الرئاسية القادمة ولا ترغب بأي حال من الأحوال أن تتدخل في مواجهة مباشرة رغم ما تقوم به مع بريطانيا بضرب بعض الأهداف والاماكن التابعة لجماعة الحوثيين و التي تعترض السفن المارة عبر خليج عدن والبحر الأحمر.
اختيار إسرائيل لهدف اقتصادي مهم يشكل العصب الرئيسي والشريان الاقتصادي المهم الذي يشكل 70٪ من واردات الحوثيين ويعمل على استمرار الحياة في الأماكن التي تسيطر عليها هذه الجماعة، فالميناء الذي استهدف بالهجوم الإسرائيلي يعتبر من أبرز الموانئ المطلة على البحر الأحمر، ويرتبط بقناة ملاحية بطول 11 ميلاً بحريا، وعرض 200 متر، وحوضاً للاستدارة بقطر 400 تصل الميناء بمناطق انتظار،
وبإمكان هذا الميناء استقبال السفن ذات حمولة 31 ألف طن كحد أقصى، كما يمكنه استقبال سفن الركاب والسياحة، ويتميز بقربه من الخطوط الملاحية العالمية، وكونه غير معرض للرياح الموسمية، إلى جانب كونه محميا بشكل طبيعي من الأمواج والتيارات البحرية،
ويكتسب ميناء الحديدة أكبر موانئ اليمن على البحر الأحمر، أهمية إستراتيجية فائقة، إذ يشكل قيمة اقتصادية كبيرة للبلاد، ويعد الممر الأول إلى كافة الجزر اليمنية ذات العمق الإستراتيجي وأهمها جزيرة حنيش الكبرى والصغرى وجبل صقر الذي يرتفع أكثر من 3700 قدم عن مستوى البحر.
وتعتبر الضربة العسكرية انذارًا واضحًا ورسالة ميدانية لجميع الأدوات والوكلاء والمليشيات المرتبطة بإيران، وهذا ما أكده
وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في بيان له (إن النيران المشتعلة حاليا في الحديدة يمكن رؤيتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط).
يأتي قرار تنفيذ العملية في وقت يحتاج فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاثبات وجوده وقدرته أمام معارضه ولاعاة بعض من عوامل تأييدهما من قبل الاسرائلين، وأنه أراد أن يقول ان الأهداف الإيرانية أصبحت أكثر قربًا من قبل وأن إسرائيل جادة في مواجهة الأفعال والصربات التي تشن عليها بدعم وإسناد من النظام الإيراني.
وحدة الدراسات الإقليمية
مرحز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة