عرضت مجلة لونوفيل أوبسرفاتور الفرنسية مؤخرا كتابا تسرد فيه كاتبته مارتين غوزلان حياة الشاعرة راشيل بلوشتاين (1890-1931) التي هاجرت من روسيا إلى فلسطين في فترة منسية من تاريخ ذلك البلد قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وينطلق العرض من “فلسطين عام ١٩٠٩” في فترة كانت “الحرب الإسرائيلية الفلسطينية والمحرقة تنتميان إلى مستقبل لا يزال بعيدا”، ومع ذلك كانت البلاد
تبدو مريضة، وإن كان سكانها لا يعرفون ذلك بعد.
في تلك الحقبة كانت فلسطين تابعة للإمبراطورية العثمانية، التي قاتلت في ما بعد إلى جانب ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، قبل أن تبدأ في التفكك، وعلى أنقاضها كان الإنجليز والفرنسيون يرسمون الحدود الوهمية بين الدول العربية التي أصبحت حدودا رسمية، ولا تزال محط نزاع وسفك كثير من الدماء.
ولكن المعني هنا ليس تلك الحدود المثيرة للجدل التي حددت ما عرف في ما بعد بدولة إسرائيل، إذ إن الكاتبة هنا تتحدث عن فترة من التاريخ تنتهي عام 1931 بموت الشاعرة راشيل بلوشتاين، وهي يهودية من أصول روسية.
وحسب المؤلفة غوزلان، فإن هذه الفترة في حد ذاتها تستحق القراءة، خاصة إذا كان ذلك من خلال حياة وكتابات أول شاعرة تكتب باللغة العبرية الحديثة، التقطتها من طابور من المهاجرين القادمين من الروس عند نزولهم أرض فلسطين.
وذهبت الكاتبة إلى أن هؤلاء المهاجرين قدموا من روسيا وهم يحملون الرومانسية الروسية والأفكار الثورية لبناء مجتمع جديد تسوده العدالة والأخلاق، خلافا لموجة اليهود القادمين من بولندا والنمسا والمجر في تسعينيات القرن 19، حاملين معهم كل شيء من أوروبا، حتى أسماء القرى والأزقة التي تركوها وراءهم.
ورأت الكاتبة أن هؤلاء المهاجرين الروس -الذين عددت أسماء بعضهم- أصبحوا في النهاية في انسجام مع السكان العرب، الذين لم يروهم منافسين، بل وجدوا فيهم فرصة للعمل الزراعي في بلد يحتاج إلى التنمية.
ورغم حصول أحداث عنيفة عامي 1921 و1929، فإن العنف لم يكن خطيرا حسب رأي الكاتبة، وفي هذه الفترة كانت بلوشتاين تقول إنها لا تقبل العيش ضمن فئة سياسية مغلقة، وكانت تعيش في الأرض التي ستصبح إسرائيل، وتصفها بأنها لا يمكن الوصول إليها، تجسيدا لمفارقة الحلم الصهيوني، عندما يصل الشخص إلى البلاد، ولكنه يشعر بأنه لا يمتلكها.
الجزيرة