ناقش المحرر الدبلوماسي في صحيفة “الغارديان” باتريك وينتور، إن إيران تتميز من الناحية العسكرية على أمريكا وحلفائها في الشرق الأوسط، بسبب قدرتها على شن حرب من خلال طرف ثالث كالجماعات الشيعية المسلحة.
وأشار وينتور إلى نتائج المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الذي توصل في تقرير لها إلى أن قدرات إيران في مجال الطرف الثالث أصبحت سلاحها المفضل.
وقام المعهد بدراسة استمرت 16 شهرا ونشرها تحت عنوان “شبكات التأثير الإيراني” وجاء فيها أن هذه الشبكات مهمة للقوة الإيرانية أكثر من برامجها للصواريخ الباليستية وخططها النووية المفترضة أو قواتها العسكرية التقليدية.
ومن الناحية الإجمالية فالقدرات التقليدية لا يزال ميزانها في صالح أمريكا وحلفاءها بالمنطقة أما ميزان القوة الفعلية فهو من صالح إيران. ورغم العقوبات المفروضة عليها فلم تواجه أي مقاومة دولية لاستراتيجيتها العسكرية، رغم أنها تواجه تحديات جديدة من المعارضين الوطنيين في عدد من الدول التي تمارس عليها تأثيرا.
ومن المتوقع أن تؤدي النتائج إلى تقوية موقف الدبلوماسيين الغربيين الذين لن يشترطوا احتواء الاتفاقية الجديدة على ضوابط تتعلق ببرنامجها النووي بل التزامات تتعلق بدورها في المنطقة. وبحسب التقرير تم تنظيم الشبكة الإيرانية وتمويلها في كل بلد حسب ظروفه ويتم نشرها كوسيلة رئيسية لمواجهة أعداء إيران.
وتوصل معدو التقرير إلى أن إيران تخوض حروبا بين الشعوب وليس بين الدول. وتتجنب طهران خوض حرب منسقة بين دولة ودولة، لمعرفتها أنها لن تنتصر فيها. ولكنها بدلا من ذلك تخوض حربا غير منسقة من خلال اللاعبين غير الدول. ويزعم التقرير أن استخدام القوة التقليدية لم تكن ناجعة في مواجهة قدرات إيران السيادية نظرا لأن حروب الشرق الأوسط في العقود الأربعة الماضية لم تكن بين دولة وأخرى وشاركت فيها جيوش ملتزمة بقوانين الحروب الدولية و “لكنها كانت معارك معقدة ومزدحمة بدون احترام القوانين الدولية او المحاسبة وبدون ظهور بارز، وشارك فيها لاعبون عدة يمثلون فسيفساء من المصالح الإقليمية والمحلية”. ولهذا كانت إيران الأكثر فعالية ونشاطا في نزاعات المنطقة الحديثة. ولم تتجاوز كلفة الحروب التي تقوم بها الشبكات نيابة عنها الـ 16 مليار دولار في سوريا فيما يحصل حزب الله منها على 700 مليون دولار سنويا.
وطورت إيران قدرتها من خلال فيلق القدس العابر للدول والذي يقوم بتجنيد عدد من الميليشيات المحلية ويصل مجموع أفرادها إلى 200.000 مقاتل وتعمل في “منطقة رمادية” وتحافظ على مستوى من النزاع يظل أدنى من الحرب بين دولة وأخرى.
ويرى المعهد أن استراتيجية إيران وايديولوجيتها بدت من خلال خطاب ألقاه ممثل المرشد الأعلى للجمهورية آية الله خامنئي في ولاية رضوي خرسان أحمد علم الهدى وقال فيه: “إن إيران اليوم لا تضبطها الحدود الجغرافية كما في الماضي، فإيران اليوم هي قوات الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في إيران وأنصار الله في اليمن والجبهة الوطنية في سوريا وحركتي الجهاد الإسلامي وحماس في فلسطين، وكلها تمثل إيران، وليس نحن فقط. وأعلن سيد المقاومة (حسن نصر الله) أن المقاومة في المنطقة لا قائد لها وقائدها هو المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران”.
ولاحظ تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن محاولة التأثير الإيراني تختلف من بلد لآخر، ففي العراق استخدمت المتمردين لضرب الجيش الأمريكي، وفي سوريا عزز قاسم سليماني، قائد فيلق القدس من قدرة الجيش السوري لمحاربة جماعات وطنية متعددة معارضة مدعومة من الولايات المتحدة، وفي لبنان تطورت علاقة حزب الله مع إيران، وحصل منها على مقذوفات صاروخية وصواريخ مضادة للدبابات وصواريخ متقدمة ولديه احتياط من 25.000 مقاتل، ولدى حزب الله كتلة برلمانية كبيرة ونمت قوته بسبب ضعف الدولة.
واستنتج معدو التقرير أن مواجهة التأثير الإيراني لا تأتي من خلال الردود المحلية فقط ولكن عبر فهم قدراتها السيادية بشكل عام والتي أصبحت حجر الأساس في استراتيجيتها الأمنية.
وحذر التقرير من الرؤية التبسيطية للطرف الثالث وتصويرها بالجماعات “الوكيلة”، خاصة أن طهران لا تطمح بالحصول على مردود مالي منها بل وتقوم بتمويلها.
وناقش كتاب التقرير أن إيران لديها قدرة على مواجهة موجات من الإحتجاجات المعادية لها ولكنها تواجه مشاكل “لأن تأثيرها يعتمد على جماعات لا تريد الحكم مباشرة، مثل حزب الله أو لا قدرة لها على الحكم كما في العراق”.