تشكلت قوات الحشد الشعبي في العراق منتصف يونيو/حزيران 2014، في أعقاب سقوط محافظة نينوى (شمالي البلاد) على يد تنظيم الدولة الإسلامية، كجيش رديف للجيش الوطني لمواجهة التنظيم.
وبحسب مركز الفكر الإستراتيجي للدراسات، فإن الحكومة العراقية بادرت إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات السريعة لمواجهة حالة الانهيار الكامل في صفوف القوات العراقية في الموصل، تمثل أهمها في إعلان حالة التأهب القصوى.
وتلاشت دعوة بناء جيش رديف بعد يومين فقط من إعلانها، إذ أصدرت المرجعية الدينية في النجف فتوى “الجهاد الكفائي” التي تضمنت دعوة القادرين على حمل السلاح للتطوع لمقاتلة “الإرهابيين”، فيما وظَّفت الحكومة العراقية كل إمكاناتها بعد الفتوى لتأسيس الحشد الشعبي.
وسرعان ما اندمجت بعض “المليشيات” في الحشد، ومن أبرزها: منظمة بدر التي يرأسها هادي العامري، وعصائب أهل الحق التي يقودها قيس الخزعلي، وكتائب حزب الله (العراقي) التي يترأسها أبو مهدي المهندس.
حزب الله
وكتائب حزب الله العراقي الذي ذكرت أميركا أنها استهدفته مؤخرا بخمس ضربات مما أدى لمقتل وجرح العشرات، هو أحد الفصائل الشيعية المسلحة، وتأسس عام 2003 عقب الغزو الأميركي للعراق، ويحظى بتمويل وتسليح وتدريب إيراني، وعند إنشائه كان هدفه المعلن إخراج المحتل من العراق والدفاع عن المقدسات.
وظهرت بعد ذلك تباعا كتائب تحمل أسماء: لواء أبي الفضل العباس، وكتائب كربلاء، وكتائب السجاد، وكتائب زيد بن علي، وجميعها فصائل أعلنت توحدها تحت اسم حزب الله العراقي.
وكان لحزب الله العراقي الدور الكبير في محاربة تنظيم الدولة وصد هجماته على العاصمة بغداد، كما شارك في عملية تحرير مناطق جنوب بغداد وفك الحصار عن مدينة آمرلي، وعمليات تحرير محافظة صلاح الدين (شمال بغداد).
وحزب الله العراقي هو الأكثر تعرضا للقصف الأميركي في العراق، لأن واشنطن تعتبره مرتبطا بحزب الله اللبناني وبإيران، على الرغم من اندماجه في تشكيلات الحشد الشعبي الذي يصنف كقوة رسمية مرتبطة بالقوات المسلحة العراقية.
قانونية الحشد
وفور إعلان فتوى “الجهاد الكفائي”، باشرت الحكومة العراقية تأطيره في إطارٍ رسمي يُضفي عليها الصفة المؤسسية، بإعلان تأسيس “مديرية الحشد الشعبي” لتطويع القادرين على حمل السلاح من جميع المحافظات العراقية، ومن ثم فإن الحشد الشعبي يمارس نشاطاته بشكل رسمي كأي مؤسسة من مؤسسات الدولة العراقية التي يحميها القانون خلال أداء الواجبات القتالية.
وأقرّ قانون هيئة الحشد الشعبي بعد تصويت مجلس النواب العراقي بأغلبية الأصوات لصالح القانون في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ويتولى قيادة الحشد الآن فالح الفياض وينوبه أبو مهدي المهندس، وهما عضوان سابقان في حزب الدعوة الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وتوسع الحشد الشعبي من خلال المتطوعين الذين استجابوا لفتوى “الجهاد الكفائي”، وهم بغالبهم من الشيعة، وانضمت إليهم لاحقا العشائر السنية من المناطق التي سيطر عليها تنظيم الدولة في محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار، كما انخرط في صفوفه آلاف آخرون من مكونات العراق حتى بلغ تعداده -فقا لبعض الإحصاءات- أكثر من 130 ألف مقاتل.
وما زالت قوات الحشد تنتشر في المناطق المستعادة من تنظيم الدولة، فيما تقع مقراته الرئيسية في العاصمة بغداد، وتنتشر العديد من تشكيلاته على الحدود بين العراق وسوريا.
وفي الأول من يوليو/تموز الماضي، أصدرت الحكومة أمرا ديوانيا يقضي بأن تعمل جميع قوات الحشد كجزء من القوات المسلحة، كما نص على أن تتخلى فصائل الحشد عن جميع الأسماء التي عملت بها في المعارك ضد تنظيم الدولة، وتستبدلها بأخرى عسكرية وأن يحمل أفرادها الرتب العسكرية.
كما نص الأمر الحكومي على أن تقطع فصائل الحشد أي ارتباط سياسي لها بالأحزاب أو الكتل السياسية.
والواقع الحالي يقول إن فصائل الحشد تشارك في أغلبها في العملية السياسية، وقياداتها نواب في البرلمان، خاصة منظمة بدر وعصائب أهل الحق. كما أن ائتلاف الفتح الذي يقوده العامري وله تمثيل كبير في البرلمان، يعتبر أنه التمثيل السياسي للحشد الشعبي.
أسلحة الحشد
تتنقل فصائل الحشد الشعبي في ساحات القتال مستخدمة سيارات رباعية الدفع، ذات حمولة نصف طن، تحمل رشاشات أحادية أو ثنائية أو رباعية مضادة للأفراد والعجلات، وسيارات أخرى حمولة طنين اثنين تحمل مدافع ميدان متوسطة المدى شبيهة بالمدفعية التي تستخدمها وحدات الجيش العراقي، بالإضافة إلى عجلاتٍ خفيفة مخصصة لتكون منصات لراجمات الصواريخ، وسيارات إيرانية من طراز “سفير”.
واستخدم الحشد الشعبي “صواريخ إي تي فور التي استلمتها القوات العراقية من الحكومة الأميركية”، إضافة إلى قطع ثقيلة مثل الدبابات الأميركية الصنع (أم وان إبرامس)، والدبابات الروسية (تي 72)، وناقلات الجنود المصفحة (مثل: إم 113)، وكاسحات الألغام التي استلمت من وزارة الدفاع العراقية كجزء من الأسلحة الإضافية لدعم تحركات الحشد.
يُضاف إلى كل ذلك استخدامه مدافع المورترز وقاذفات آر بي جي 7 المضادة للدروع، الروسية الصنع أو ذات المناشئ الأخرى، وصواريخ غراد الروسية الصنع، وطائرات مسيرة للاستطلاع والتصوير، وغيرها من مستلزمات الحرب.
فصائل وتشكيلات
ويتألف الحشد الشعبي من 68 فصيلا، وتقدر أعداد أفراده بأكثر من 130 ألف مقاتل، في مقدمة هذه الفصائل: منظمة بدر، وعصائب أهل الحق، وتشكيلات تابعة للمجلس الإسلامي الأعلى الذي يتزعمه همام حمودي، وكتائب حزب الله التي يتزعمها المهندس.
ووفقا لمركز الروابط للبحوث والدراسات الإستراتيجية، فإن من بين هذه التشكيلات: لواء الإمام محمد الجواد من منظمة بدر، وفرقة الإمام علي القتالية، واللواء الثالث تشكيل أسد آمرلي من منظمة بدر، وتشكيل الكرار، وكتائب جند الإمام، ولواء المنتظر، وسرايا عاشوراء، ولواء علي الأكبر، وحركة النجباء، ولواء الطفوف، وكتائب سيد الشهداء، وقوات الشهيد الصدر، وسرايا الجهاد، وسريا الخرساني، وأنصار الله الأوفياء، وقوة التركمان، وفرقة العباس، وقوات سهل نينوى، وقوات وعد الله، وكتائب الإمام علي، وسرايا الدفاع الشعبي، ولواء بابليون، ولواء صلاح الدين، وتشكيل مالك الأشتر، ولواء حشد شهداء كركوك، وسرايا أنصار العقيدة، وفرسان الجبور، وحرس نينوى، وقوات أبو الفضل العباس، ولواء ذو الفقار.
مصادر التمويل
يتقاضى عناصر الحشد الشعبي راتبا شهريا من الحكومة العراقية من خلال هيئة الحشد بنحو 600 دولار، إضافة إلى بدل طعام بمئة دولار شهريا، وجميعها ممولة من قبل الحكومة العراقية.
المصدر : الجزيرة