مستقبل الاقتصاد العراقي في 2026: إصلاحات حاسمة أم أزمة مؤجلة؟

مستقبل الاقتصاد العراقي في 2026: إصلاحات حاسمة أم أزمة مؤجلة؟

 

 

الباحثة شذا خليل*

يدخل العراق عام 2026 عند مفترق اقتصادي حاسم. فبالرغم من استمرار الإيرادات النفطية وتواصل مشاريع الإعمار، ما تزال البنية الاقتصادية تعاني من اختلالات هيكلية عميقة تهدد الاستقرار على المدى الطويل. يساعد تحليل هذه التحديات على فهم لماذا سيكون عام 2026 سنة مفصلية للنمو والاستقرار المالي ومستقبل معيشة المواطنين.
الاعتماد الشديد على الإيرادات النفطية
يبقى النفط العمود الفقري للاقتصاد العراقي، إذ يشكل أكثر من 90 بالمئة من إيرادات الدولة. في سنة 2025، شهدت أسعار النفط تقلبات بسبب التوترات الجيوسياسية، وقيود الإنتاج ضمن تحالف أوبك+، وتباطؤ الطلب العالمي. هذا يبرز هشاشة الاقتصاد العراقي، حيث يرتفع أو يتراجع الدخل الوطني بناءً على عوامل خارجية لا يتحكم بها العراق.
أما في 2026 فمن المتوقع نمو بطيء في الطلب العالمي على النفط، مع أسعار مستقرة دون ارتفاعات كبيرة. وهذا يعني أن العراق لا يمكنه الاعتماد على زيادات مفاجئة في الإيرادات، مما يفرض إعادة النظر في الإنفاق العام، وتقليل العجز، وتسريع التنويع الاقتصادي نحو الزراعة والصناعة والطاقة المتجددة.

استقرار العملة وإصلاح القطاع المصرفي
ظل استقرار الدينار محوراً أساسياً منذ تشديد قواعد الامتثال المالي الدولية خلال 2023–2025، مما قلل تدفقات الدولار وكشف هشاشة القطاع المصرفي. في 2025، عزز البنك المركزي رقابته الرقمية، وطور إجراءات “اعرف عميلك”، وبدأ بتحديث الأنظمة المصرفية.
يتوقع في 2026 أن يتحسن الاستقرار النقدي مع استمرار التحول نحو المدفوعات الرقمية وربط المصارف العراقية بشكل أوسع بالأنظمة المالية العالمية. ومع ذلك ما تزال التحديات كبيرة، إذ لا يمكن جذب الاستثمارات الأجنبية بدون زيادة ثقة المواطنين في البنوك وتقليل الاعتماد على التداول النقدي.
3. تحديات القطاع الخاص
يعاني القطاع الخاص من منافسة غير عادلة أمام القطاع الحكومي الضخم الذي يوظف ملايين الأشخاص لكنه يقدم إنتاجية محدودة. سيحتاج العراق في 2026 إلى تحسين بيئة الأعمال، وتسهيل القوانين، وتقليل البيروقراطية، وتقديم إعفاءات ضريبية لجذب المستثمرين.
كما أن بطالة الشباب تبقى مشكلة خطيرة، فأكثر من نصف سكان العراق دون سن 25 عاماً، ما يجعل خلق الوظائف أو دعم ريادة الأعمال ضرورة اجتماعية واقتصادية.
الاستثمار الأجنبي وإعادة الإعمار
شهدت مناطق مثل بغداد والبصرة ونينوى والأنبار توسعاً واضحاً في مشاريع إعادة الإعمار. كما تطورت الشراكات الاقتصادية مع دول الخليج خاصة في مجالات الطاقة والغاز والطاقة المتجددة والممرات اللوجستية.
أبرز الفرص المتوقعة لعام 2026 تشمل:
• تطوير حقول الغاز وتقليل الاعتماد على الاستيراد
• توسيع مشاريع الطاقة الشمسية
• تطوير الممرات التجارية نحو الأردن والسعودية وتركيا
• مشاريع الإسكان والتوسع العمراني
لكن الفساد والتأخير الإداري ما يزالان يحدّان من ثقة المستثمرين. فإذا نجحت الإصلاحات، قد يجذب العراق مليارات إضافية خلال العامين المقبلين

شح المياه وتراجع الزراعة
يواجه العراق أزمة مائية متفاقمة بسبب انخفاض مستويات دجلة والفرات، ما يؤثر مباشرة في الإنتاج الغذائي. تعود الأزمة إلى تغيّر المناخ، وقلة الأمطار، والسدود في دول الجوار.
في 2026 سيكون من الضروري:
• تحديث أنظمة الري
• تنويع المحاصيل
• تبني تقنيات توفير المياه
• تقوية التفاوض حول حقوق المياه العابرة للحدود
الإهمال سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء وهجرة ريفية وفقر متزايد في المحافظات الزراعية.
6. النظرة المستقبلية لعام 2026: عام انتقال اقتصادي
تبدو توقعات الاقتصاد العراقي لعام 2026 متوسطة. إذ ستبقى إيرادات النفط مستقرة، بينما تستمر الإصلاحات المصرفية تدريجياً. وستعطي مشاريع الإعمار والشراكات الخليجية دفعة مهمة، إلا أن عدم الاستقرار السياسي وبطء البيروقراطية قد يعيقان التقدم.
التوقعات المحتملة لعام 2026:
• نمو اقتصادي يتراوح بين 2.5 و3.2 بالمئة
• تضخم معتدل عند استقرار سعر الصرف
• إنتاج نفطي ثابت ضمن اتفاقات أوبك+
• زيادة تدريجية في الاستثمار الأجنبي
• استمرار البطالة عند مستويات مرتفعة ما لم يتم تحفيز القطاع الخاص
يمتلك العراق القدرة على بناء اقتصاد متنوع وحديث وأكثر صلابة، لكن تحقيق هذه الرؤية في 2026 يتطلب التزاماً سياسياً، ومؤسسات قوية، وإصلاحات مستمرة.

 

وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا

مركز الروابط  للبحوث والدراسات الاستراتيجية