أخفقت مجدّداً اللجنة السياسية في العراق، والتي شكلتها كتل سياسية بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن اسم المرشح لشغل منصب رئيس الوزراء للحكومة الجديدة، في حسم الملف رغم توقعات سابقة، نهار أمس الأحد، بأن الإعلان سيكون خلال ساعات وسيقدم الاسم المتفق عليه لرئيس الجمهورية برهم صالح من أجل تكليفه.
وتضم اللجنة السباعية كلا من التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، تحالف الفتح بزعامة هادي العامري، تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، ائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي، وحزب الفضيلة بزعامة محمد اليعقوبي، وحركة عطاء بزعامة فالح الفياض.
واللجنة، التي تضمّ ممثلين عن سبع كتل سياسية تقدم نفسها على أنّها تمثل العرب الشيعة في العراق، عقدت اجتماعاً في ساعة متأخرة ليل أمس الأحد، كان من المفترض أن ينتج عنه الإعلان عن اسم المرشح، غير أن ذلك لم يتم.
وتنتهي المهلة الدستورية المتعلقة بتسمية رئيس جديد للحكومة عملياً، يوم غد الثلاثاء، وسط استمرار المفاوضات بين القوى السياسية وتلويح الرئيس صالح بأنه سيتجه إلى تكليف مرشح من قبله، في حال أخفقت القوى السياسية بالاتفاق على مرشح من قبلها.
وكشفت مصادر سياسية مقرّبة من اللجنة السباعية، لـ”العربي الجديد”، أنّ “خلافات غير بسيطة أخّرت الإعلان عن اسم المكلف الجديد، على الرغم من تضييق الخيارات إلى ثلاثة أسماء، بعد ظهور اعتراضات على اسم المرشح للمنصب نعيم السهيل من قبل إحدى الكتل السياسية البارزة الممثلة للجنة، ووصول توضيح من هيئة المساءلة والعدالة العراقية تشير إلى أن مرشحا آخر، وهو رئيس جامعة حالي، كانت له صلات بحزب البعث المنحل وهو ما يمنعه الدستور الجديد”.
وأكّدت المصادر نفسها أنّ “الأسماء الأخرى مثل مصطفى الكاظمي، وعلي الشكري، لا تزال مطروحة في ظل وجود إصرار من قبل بعض مكونات اللجنة السباعية على تكليف شخصية من التكنوقراط كأن تكون رئيس جامعة”، مشيرة إلى أن “الممثلين في اللجنة أجروا اتصالات مع قادة كتلهم وقد تحسم الأمور اليوم الاثنين”.
وكان عضو البرلمان عن تحالف “سائرون” علاء الربيعي قد أكّد لـ”العربي الجديد”، في وقت سابق الأحد، أن نعيم السهيل هو الأوفر حظاً لتولي منصب رئيس الوزراء.
وقال أحد مفاوضي اللجنة السباعية المكلفة بالاتفاق على اسم مرشح رئاسة الحكومة، لـ”العربي الجديد”، إن “اللجنة السباعية توصلت، يوم أمس، إلى اتفاق أولي على ترشيح نعيم السهيل أو مصطفى الكاظمي، لرئاسة الوزراء، ورفع الاتفاق إلى قادة الكتل الرئيسة، لكن بعض الزعامات نسفت ما توصلت إليه اللجنة، التي عملها أساساً هو تصفية الخلافات وإنجاز اسم أو اثنين وطرحهما للتصويت بين قادة الكتل الشيعية الرئيسة بالبلاد”.
وبين أن “الخلافات عادت مجدداً حول شكل الحكومة وما إذا كان رئيسها سيختار وزراءه بنفسه أم من الأحزاب ذاتها، وكذلك كيف تتعامل مع ملف الوجود الأجنبي”
وأضاف أن “عودة عقد حوارات واجتماعات بين القوى السياسية الشيعية، حالياً وخلال الساعات المقبلة، بات صعباً، وننتظر الآن قيادات الصف الأول لحسم الخلافات أو بقائها معلقة”.
واتهم أطرافاً بكتل سياسية شيعية مدعومة من إيران بأنها “تتعمد إبقاء الوضع على ما هو عليه، وإبقاء الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال برئاسة عبد المهدي لأهداف سياسية ومكاسب مالية، ولهذا هناك من يعرقل كل الحلول، التي تتوصل إليها بعض الأطراف السياسية”.
فيما قال زعيم تيار “الحكمة” عمار الحكيم، في بيان صحافي، إنه “بسبب رفضنا البقاء في معادلة التلكؤ وتحفظنا على حسابات سياسية لا تأخذ بنظر الاعتبار المصلحة العليا للعراق والعراقيين، ولا تراعي الظروف الحالية التي تمر بها البلاد، فإننا قررنا ألا نتدخل في مهمة اختيار أسماء المرشحين لمنصب رئيس الوزراء للمرحلة الانتقالية بعد الآن”.
وأضاف أن “دخول تيار الحكمة الوطني كان لإيجاد مخرج للانغلاق السياسي وتعطيل مصالح الناس ليس إلا”، مشدداً على ضرورة أن “تنحصر مهمة المرشح القادم في إطار إعادة هيبة الدولة والتهيؤ لإجراء الانتخابات المبكرة خلال هذا العام”.
في المقابل، انتقد عضو مجلس النواب كاظم الصيادي أداء اللجنة السباعية، قائلاً في تغريدة على موقع تويتر “اللجنة المكلفة باختيار رئيس الوزراء مسيرة وليست مخيرة”.
أمّا عضو البرلمان عن “تيار الحكمة” علي المرشدي فقال، في تصريح صحافي، إنّ “الخلافات بين القوى السياسية الممثلة في اللجنة السباعية عميقة، وتسببت بعدم حدوث توافق على رئيس الوزراء الجديد”، موضحاً أنّ “الخلافات الشيعية ــ الشيعية كبيرة جداً، فما زالت هناك خلافات وصراعات ومشاكل بين قوى هذا المكون”.
وأضاف أنّ “المصالح الحزبية هي الغالبة في المفاوضات”، مبيناً أن “طبيعة الخلافات أكبر من القدرة على حلها ضمن إطار اللجنة السباعية”.
بدوره، قال عضو مجلس النواب العراقي باسم خشان، عن محافظة المثنى (جنوب)، في اتصال مع “العربي الجديد”، إن “الخلافات الشيعية – الشيعية، سببها المصالح الشخصية والحزبية والسياسية، وتقسيم المغانم والمناصب، ولهذا تجد هذه القوى تتصارع فيما بينها على مغانم ونفوذ الحكومة الجديدة”.
وبيّن أن “هناك أطرافاً سياسية تريد بقاء الوضع العراقي على ما هو عليه حالياً، فهي تريد استمرار عادل عبد المهدي في منصبه من أجل استمرار نفوذها في الدولة العراقية، وكذلك عدم محاسبتها على عمليات الفساد، وغيرها من القضايا الخارجة عن القانون”.
وحذّر من أن “استمرار الوضع السياسي، وسط الخلافات والصراعات على المغانم والمناصب، سيدفع الشارع العراقي إلى التصعيد من جديد ضد الطبقة السياسية، وكذلك سيكون هناك ضغط جماهيري كبير على رئيس الجهورية برهم صالح، من أجل القيام بمهامه الدستورية، وتكليف شخصية من دون الرجوع الى الكتل السياسية، وتكون شخصية لها مقبولية جماهيرية”.
من جهتها، قالت عضوة البرلمان عن “الحزب الديمقراطي الكردستاني” ميادة النجار إن الرئاسات الثلاث (رئاسة الإقليم، ورئاسة الحكومة، ورئاسة البرلمان) في إقليم كردستان تنسق فيما بينها، وتتحاور مع الأحزاب من أجل توحيد الخطاب الكردي تجاه ملف تشكيل الحكومة الجديدة.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن النجار قولها إن “الكتل الكردية ستدعم رئيس الوزراء المقبل داخل البرلمان مقابل مراعاة ما يلي، أولاً أن يكون شخصية مقبولة لدى جميع مكونات الشعب العراقي وخصوصا المكونات الرئيسة، ثانياً أن يلتزم المرشح بتطبيق الدستور، ثالثاً أن يراعي الحقوق والمطالب الدستورية لإقليم كردستان”، مشيرةً إلى أن “الشرط الرابع يتمثل بمراعاة خصوصية إقليم كردستان في حوارات تشكيل الحكومة، وحل جميع المشاكل بين بغداد وأربيل، وتفهم مطالب المتظاهرين في العاصمة بغداد وبقية المحافظات”.
وشهدت ساحة التحرير في العاصمة العراقية بغداد، مساء الأحد، احتجاجات رافضة للتسريبات التي تتحدث عن احتمال تكليف رئيس ديوان الرئاسة نعيم السهيل بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
براء الشمري، عادل النواب
العربي الجديد