طهران – تخطط السلطات الإيرانية للمخاطرة بإعادة الحياة إلى عجلة اقتصادها خوفا من انهياره خاصة أنه واقع تحت وقع أزمات متعددة بعضها يتعلق بمخلفات فايروس كورونا والبعض الآخر يتعلق بالعقوبات الدولية، فضلا عن استثمار الموازنة في التسليح وتغذية الحروب الإقليمية وتمويل الميليشيات المختلفة.
ومن شأن هذه المخاطرة أن تهدد حياة الإيرانيين بموجة جديدة من الوباء سريع الانتشار، خاصة أن البلد هو الأكثر تضررا من الوباء في الشرق الأوسط بعد أن سجل إجماليُّ حالات الإصابة 71 ألفًا، بينما وصل إجماليّ حالات الوفيات بسبب الفايروس إلى أكثر من 4400 حالة.
وشددت الحكومة الإيرانية على أهمية إيجاد توازن بين التدابير الهادفة إلى كبح تفشي الوباء وإعادة العجلة الاقتصادية إلى الدوران.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي إن “الحفاظ على أرواح المواطنين في مواجهة كورونا وكذلك من تداعياته الوخيمة، يمثل التوجه الأساس للحكومة”، وفق ما نقلت عنه وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء “إرنا”.
وتابع “لذلك فإن الحكومة تتبع سياسة الصحة محورا، رغم أن خطة ‘التباعد الاجتماعي’ الذكية، والتوازن بين الصحة والاقتصاد، يكونان فاعلين حينما يكون الرصيد الاجتماعي في أعلى مستوياته”.
وأضاف “علينا تحقيق قفزة في توليد الرصيد الاجتماعي. ففي حال تعزيز الثقة بين المواطنين والدولة، وإيجاد التوازن بين الصحة والاقتصاد، سيكون بإمكان إيران أن تقدم نموذجا جيدا للعالم”.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد أعلن الأسبوع الماضي استئنافا “تدريجيا” للأنشطة الاقتصادية لدى “الشركات التي لا تمثل خطورة” كبرى جراء تفشي الفايروس، مع التقيّد بتعليمات الحكومة على الصعيد الصحي.
وقال روحاني في اجتماع لمجلس الوزراء “صحة الناس هي الأولوية الأولى للبلاد، ولكن التوظيف والإنتاج والأعمال في عام يسمى بـ’زيادة الإنتاج’ يجب أن تؤخذ في عين الاعتبار أيضًا. لذلك، يجب اتخاذ جميع التدابير اللازمة للانطلاق السريع لاقتصاد البلاد من خلال مراعاة البروتوكولات الصحية مع إعطاء الأولوية لصحة الناس”.
وحتى مع تحرك حكومة روحاني لإعادة الاقتصاد إلى المسار الصحيح، أصدر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي تحذيرا للإيرانيين من أن الفايروس لا يزال يمثل خطرًا مميتًا سيظهر تأثيره في شهر رمضان المبارك الذي يبدأ خلال أقل من أسبوعين.
وحث خامنئي الإيرانيين على الالتزام بالصلاة في المنزل وتجنب التجمعات الجماهيرية وصلاة الجماعة خلال شهر الصيام.
وعلى الرغم من التحذيرات، فإن خطة روحاني لإعادة تشغيل الاقتصاد تمضي قدما. وكشف الرئيس النقاب عن برنامج قروض بقيمة حوالي 17.4 مليار دولار للشركات ووعد بدفع دعم قدره 230 دولارًا لكل 23 مليون أسرة فقيرة.
وقوبل قرار إعادة فتح الأعمال التجارية “منخفضة المخاطر” بانتقادات من خبراء الصحة وحتى من بعض المسؤولين الحكوميين، لكن الرئيس روحاني قال إنه “لا توجد طريقة أخرى”.
وطلب الرئيس الإيراني أيضًا قرضًا بقيمة خمسة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي. ويعتبر هذا أولَ طلب إيراني لمساعدة من صندوق النقد الدولي منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979.
وقال كالي توماس من مركز الأمن الأميركي الجديد، وهو مركز أبحاث بواشنطن، “إن هذه التحركات التي يقوم بها النظام الإيراني تظهر عزمه على تجاوز الأزمة، ولكن خطر فايروس كورونا لم يمر بعد”.
ولم يذكر روحاني تفاصيل حول الشركات التي سيسمح بإعادة فتحها. وقال إن “الشركات التي تشكل خطورة ستظل مغلقة حتى إشعار آخر”. ولم يتضح بعد ما هي الشركات التي لا تشكل خطورة.
وقالت صحيفة فاينانشال تريبيون الإيرانية إن “حمامات السباحة والمراكز الرياضية أو أي مكان للتجمع” لن يُسمح لها بإعادة التشغيل. حيث يمكن أن تؤدي العودة السريعة للنشاط الاقتصادي الطبيعي إلى حدوث موجة ثانية من الإصابات.
وحصل روحاني على إذن من خامنئي لأخذ 1.1 مليار دولار من صندوق التنمية الوطنية، وهو صندوق الثروة السيادية للبلاد. وسيتم استخدام الأموال لمكافحة فايروس كورونا ومساعدة العاطلين عن العمل.
وقال فرهانغ جانبور، أكاديمي بريطاني من أصل إيراني ومعلق على الشؤون الإيرانية، عبر البريد الإلكتروني إن انخفاض عائدات النفط بسبب العقوبات الأميركية يجبر حكومة روحاني على اللجوء إلى صندوق الثروة السيادية لمواجهة التحديات التي تفرضها الأزمة الاقتصادية في أوقات الوباء.
وأضاف أنه “بالنظر إلى التأثير السلبي للوباء على المجتمع والاقتصاد، سيكون من المنطقي تماما أن تلجأ الحكومة إلى صندوق التنمية الوطنية من أجل دعم الاقتصاد ومساعدة أضعف فئات المجتمع”.
وتشعر حكومة روحاني بالتشجيع في جهودها لإنعاش الاقتصاد من خلال ما تدّعي أنه انخفاض تدريجي في حالات الإصابة بفايروس كورونا. وتقول إن تدابير التباعد الاجتماعي تُظهر تأثيرًا.
العرب