بغداد – يسعى رئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي إلى تحويل الدعم السياسي السني الكردي الذي حصل عليه إلى ورقة ضغط على الأطراف الشيعية التي قد تعيق مهمته المتمثلة بتشكيل حكومة خلال نحو 25 يوما.
وكانت القوى السياسية السنية والكردية أعلنت دعمها للكاظمي قبل أن تستقر القوى الشيعية على تسميته مرشحا لمنصب رئيس الوزراء.
ويقول مراقبون إن القوى الشيعية الموالية لإيران لن تتردد في انتهاز أي فرصة للتراجع عن دعم الكاظمي، المتهم بميله الشديد إلى الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
ولا تخفي الولايات المتحدة دعمها للكاظمي الذي تعتبره معتدلا في مواقفه وقادرا على اتباع سياسات متوازنة. وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن بلاده تتطلع إلى تشكيل حكومة عراقية جديدة تكون قادرة على مكافحة فايروس كورونا والتخفيف من حدة الضائقة الاقتصادية الحالية في البلاد، ووضع الأسلحة تحت سيطرة الدولة.
وأضاف “نرحب بأن الزعماء السياسيين الشيعة والسنة والأكراد قد توصلوا إلى توافق في الأراء بشأن تشكيل الحكومة، ونأمل أن تضع الحكومة الجديدة مصالح العراق أولا وتفي باحتياجات الشعب العراقي”.
وتابع في منشور على موقع وزارة الخارجية على الإنترنت قوله “الشعب العراقي يطالب بإصلاح حقيقي وقادة جديرين بالثقة. وهذه المطالب تستحق أن تتم معالجتها دون عنف أو قمع”، مؤكدا “نقف مع الشعب العراقي الذي يسعى إلى عراق ذي سيادة ومزدهر وخال من الفساد والإرهاب”.
وتدور في الكواليس تصورات عن أن ترشيح الكاظمي هو محاولة لكسب الوقت، لأن هدف القوى الشيعية الموالية لإيران هو الإبقاء على الحكومة الحالية المستقيلة، التي يترأسها عادل عبدالمهدي. لكن السنة والأكراد لن يقفوا متفرجين هذه المرة، وفقا لمؤشرات عديدة.
ويقول نائب في البرلمان مقرب من رئيسه محمد الحلبوسي، إن “القوى الشيعية لا تنظر إلى الكاظمي بوصفه مرشحا مكشوفا، فتأييد السنة والأكراد له حتى قبل تكليفه، إشارة واضحة”.
وأضاف أن “الكاظمي يحظى بدعم غير مشروط من قبل ثلاث قوى شيعية رئيسية، ستصوت له في البرلمان، وهي كتلة سائرون التي يرعاها رجل الدين البارز مقتدى الصدر وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم وائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي”.
وتابع “بجانب أصوات النواب السنة الأكراد، ستتاح للكاظمي أغلبية مريحة في جلسة منح الثقة، حتى إذا تخلفت كل القوى الموالية لإيران” وهي تحالف الفتح بزعامة هادي العامري وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي وحزب الفضيلة بزعامة هاشم الموسوي.
ويتوقع حيدر الملا، القيادي في تحالف القوى العراقية الذي يتزعمه الحلبوسي، أن يقدم الكاظمي كابينته خلال 10 أيام.
وأشار الملا إلى “توافق وطني ليس فقط شيعيا وإنما من مختلف الكتل سواء الكردية أو السنية على تكليف مصطفى الكاظمي”. وتحدث عن “التقارب الكبير” بين الكاظمي والقوى السنية والكردية، لاسيما بشأن البرنامج الحكومي ومنهاج التشكيلة الوزارية.
وكان الكاظمي عبر عن ارتياحه لسير مشاورات تشكيل حكومته، و”تطلعه إلى تعاون الجميع”. وجاء هذا الإعلان خلال استقبال الكاظمي، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت.
وقال مكتب الكاظمي إن اللقاء شهد “بحث تطورات تشكيل الحكومة وجهود مواجهة جائحة كورونا واستمرار التعاون والتنسيق بين العراق والأمم المتحدة”. وأعرب الكاظمي عن “ارتياحه لسير مشاورات تشكيل الحكومة وتطلعه إلى تعاون الجميع وتمكين الحكومة من العمل على تلبية احتياجات المواطنين والاستجابة لتطلعاتهم المشروعة”.
ومن جهتها أكدت بلاسخارت “دعمها لجهود تشكيل الحكومة الجديدة في ظل الإجماع الوطني والرغبة في زيادة التعاون المشترك”.
وتقول مصادر مطلعة على الأجواء التفاوضية الداخلية إن المكلف يتجه لاختيار حكومة تضم خليطا من مرشحي الأحزاب السياسية والشخصيات الأكاديمية والتكنوقراط المستقل، فيما تتقاطع التقديرات بشأن نوايا الكاظمي خلال المرحلة التي تلي نيله الثقة بين إمكانية أن يجنح نحو التصعيد ضد القوى والمجموعات المسلحة الموالية لإيران أو أن يختار التهدئة إلى حين مرور عاصفة كورونا والتعافي من الأزمة المالية الناجمة عن انهيار أسعار النفط.
العرب