بيروت – كسر السيد علي الأمين، إحدى أهم المرجعيات الشيعية في لبنان، احتكار حزب الله الموقف المعارض لحياد لبنان الذي طالب به البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي.
وأكّد الأمين خلال زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من الديمان، على أن “الحياد الذي نطلبه ليس بين الحق والباطل إنما يعني السياسة المستقلة والدولة المستقلة التي تخرج الوطن من الصراعات الخارجية”.
وشدد على أن الحياد يجعل من لبنان دولة مستقلة، ويعني الدولة التي تفرض سلطتها على كامل أراضيها.
جاءت زيارة الأمين إلى مقر الراعي لتأكيد أن هناك من يعترض من الداخل الشيعي على موقف حزب الله من الدعوة إلى حياد لبنان التي أطلقها الراعي.
وقال الأمين بعد زيارته الراعي “كان الحديث عن موقف الراعي الذي دعا فيه إلى حياد لبنان والحياد هو الذي يجعل من لبنان شخصية مستقلة تفرض سيادتها وتكون مرجعية لجميع الفئات والقوى والأحزاب”.
ورفض المرجع الشيعي المعتدل، الذي يحظى باحترام إقليمي ودولي، منطق الاستقواء بالأكثرية والأغلبية، مطالبا بمرجعية الدولة ذات الشخصية المستقلة الخارجة عن الهيمنة الحزبية والطائفية.
وتأتي زيارة الأمين إلى الراعي، في لقاء جمع مرجعيتين مسيحية وشيعية، بعد تصريحات أدلى بها البطريرك الماروني خلال عظتي الأسبوعين الماضيين، مطالبا بحياد لبنان، وأعقبهما لقاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون.
ويعارض الأمين الطائفية في لبنان ويعدها نقيض العدالة الاجتماعية كما لا يضع في اعتباره الكثير من المرويات الشيعية التي يتبناها حزب الله في خطابه السياسي، ويعد تبنيها سببا لإحداث فتنة بين مكونات المجتمع الواحد، الأمر الذي جعله هدفا لهجوم متواصل من حزب الله.
وسبق أن شرح البطريرك الماروني لرئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون الأسباب التي دعته إلى إطلاق مبادرته الأخيرة القائمة على “حياد” لبنان تجاه أزمات المنطقة.
وأكد الراعي لعون في لقاء عقد في القصر الجمهوري في بعبدا الأسبوع الماضي أن هذه المبادرة ليست موجّهة ضده شخصيا في ضوء ثوابت البطريركية المارونية، وذلك على الرغم من الدعوة إلى “تحرير الشرعية اللبنانية من الحصار”.
وقال الراعي بعد لقاء الرئيس عون إن الحياد يأتي بالاستقرار والنمو وهو يخرجنا من الحالة التي نحن فيها اليوم ومن الفقر والجوع.
في المقابل، نقل رئيس الجمهورية إلى الراعي رسالة من حزب الله تؤكّد رفض الحزب أي تحييد للبنان وتعتبر أن مثل هذه الدعوات تصبّ في خدمة إسرائيل والسياسة الأميركية، كما أنّها جزء من الضغوط التي تمارس في الوقت الحاضر على لبنان.
وأفاض البطريرك الماروني أثناء لقاء الرئيس عون في شرح الظروف الإقليمية والدولية القائمة حاليا والتي تنعكس سلبيا على لبنان لعدّة أسباب.
وأوضح أن من بين هذه الأسباب التي تجعل لبنان عاجزا عن الحصول على أي مساعدات عربية ودولية الوضع السياسي اللبناني الذي يتحكّم فيه حزب الله.
وأشار البطريرك في هذا المجال إلى أنّ لبنان صار، بسبب حزب الله، محسوبا على المعسكر الإيراني، وهذا أمر لا يصبّ في مصلحته.
ويعيش لبنان أزمة اقتصادية يُنظر إليها على نطاق واسع باعتبارها أكبر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990.
ومع تزايد ندرة النقد الأجنبي فقدت الليرة اللبنانية نحو 80 في المئة من قيمتها وتعذر حصول المودعين على أموالهم من البنوك وارتفعت نسبة البطالة وزاد الفقر.
وكان المدير العام لجهاز الأمن العام اللبناني اللواء عبّاس إبراهيم قد فشل في الحصول على مساعدات فورية خلال زيارة إلى الكويت وقطر في الأيام الماضية كمبعوث للرئيس ميشال عون.
وسمع اللواء إبراهيم من المسؤولين الكويتيين الذين التقاهم كلاما جميلا عن لبنان والحاجة إلى الوقوف إلى جانبه في هذه المرحلة الصعبة التي يمرّ بها. كذلك سمع وعودا سخيّة، لكنّه سمع إضافة إلى ذلك تلميحات فحواها أن الكويت ليست في الوقت الحاضر في وضع يسمح لها بأن تقدم إلى لبنان مساعدات مباشرة.
وحيال الأزمة الاقتصادية والسياسية المتفاقمة ورفض الدول العربية دعم حكومة رئيس الوزراء حسان دياب دون الخروج من سطوة حزب الله، لا يتردد اللبنانيون في اتهام الطبقة السياسية بالتسبب في المعاناة المستمرة.
وعبرت شارلوت كرم، الأكاديمية الرائدة بالجامعة الأميركية في بيروت، عن استيائها من الحكومة، قائلة “لقد ضقنا ذرعا بالطبقة السياسية الراسخة… من العار أن يدعوا البلد يخرج عن السيطرة على هذا النحو السيء”
العرب