هل يدفع اعتراف ترمب بمغربية الصحراء الجزائر نحو روسيا؟

هل يدفع اعتراف ترمب بمغربية الصحراء الجزائر نحو روسيا؟

تتجه منطقة شمال أفريقيا لتتحوّل إلى ساحة معركة بين موسكو وواشنطن، بعد الانحياز الأميركي إلى المملكة المغربية الذي استعجل تعزيز الجزائر تقاربها مع الشرق، الأمر الذي يوحي باحتمال عودة تحالفات الحرب الباردة إلى المشهد العالمي.

تغير ملامح خريطة المغرب العربي؟

يبدو أن اعتراف الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب بسيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية، سيغيّر ملامح خريطة المغرب العربي، سياسياً واقتصادياً وأمنياً وربما جغرافياً. وعلى الرغم من أن علاقات المملكة المغربية والولايات المتحدة الأميركية ليست جديدة، غير أن خطوة ترمب وما تبعها من تجديد الاتفاق مع إسرائيل، يجعل الجزائر التي عبّرت عن “غضبها”، تولي وجهها شطر موسكو وبكين وبشكل أقل أنقرة، للرد على “استفزازات” واشنطن قبل الرباط، على اعتبار أن الولايات المتحدة تنظر إلى الجزائر بعين الريبة من تقاربها مع روسيا، ووجدت في المغرب الذراع التي تقلق بها الجزائر ومن ورائها روسيا.

التناقضات الدولية

ويعتقد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر رابح لونيسي أن الجزائر تعتبر نفسها مستهدفة مما أقدم عليه المغرب الذي يبحث عن كسب نفوذ عبر القوى الكبرى التي تؤثر فيها اللوبيات الإسرائيلية”. وأمام هذا الوضع، يقول، “يجب على الجزائر التحرك لتخفيف الضغط عليها ولمواجهة هذه المناورة المغربية، من خلال العمل على استغلال مختلف التناقضات الدولية، ولن تجد الجزائر لتحقيق ذلك إلا روسيا والصين اللتين دخلتا في صراع حول الزعامة العالمية بالسيطرة على مواقع، خصوصاً في أوراسيا حيث قلب العالم ومن يسيطر عليها يسيطر على العالم كله، بحسب طرح بريجنسكي.

ويتوقع لونيسي أن تركز الجزائر أكثر على روسيا، بخاصة عسكرياً، والصين بدرجة أقل، ويلفت إلى أنه استخدم عبارة “أكثر” لأن علاقات الجزائر مع هاتين الدولتين، خصوصاً روسيا وفي الجانب العسكري، قديمة تعود إلى بدايات الاستقلال”. ويختم أن “الانحياز الكبير لموسكو مستقبلاً، سيفقد الجزائر نوعاً ما دبلوماسيتها المعروفة بالتوازن وتنويع العلاقات مع الدول كلها والقوى الكبرى، التي كانت تعتمدها من قبل، وهي المعروفة بالحياد الإيجابي”.

الحرب الباردة

في السياق ذاته، نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية تقريراً يشدد على أن اتفاق تجديد العلاقات بين المغرب وإسرائيل مقابل اعتراف أميركي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، قد يدفع الجزائر إلى تقارب أكبر مع روسيا. وأضاف التقرير أن “تدشين الخط الجوي هو النتيجة الأولى للصفقة والتصرف الذي يجدد خطوط القوة الإقليمية التي يعود تاريخها إلى الحرب الباردة”.

وأشار التقرير إلى أن علاقات الجزائر مع الولايات المتحدة ليست سيئة لكنها غامضة على طول الخط، كما هو الشأن مع دول الخليج، مضيفاً أن لدى الأميركيين والجزائريين اهتمامات مشتركة، وفي بعض الأحيان تحليلات متقاربة، لكن في النهاية وعلى الرغم من كل شيء فإنهم ليسوا في المعسكر ذاته حتى لو لم يكونوا أعداء.

صراع نفوذ قوى استعمارية

وفي السياق ذاته، يعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية علي لكحل أن “تجديد المغرب اتفاقه مع إسرائيل ليس جديداً، وإنما الإعلان عنه هو الجديد، الأمر الذي يعزر صدقية المقاربة الجزائرية لأمنها وأمن المنطقة”. ويعتبر أن “الصراع أصبح واضحاً، وهو لا يتعلق بخلاف جزائري- مغربي أو مغربي- صحراوي، وإنما هو صراع نفوذ قوى استعمارية تحاول فرض منطق القوة والسيطرة والابتعاد عن القانون والشرعية والحقوق، بالتالي فهو صراع جميع شعوب المنطقة مع كل من يضع نفسه في خدمة هذا المشروع”.

ويضيف أن “التحالفات الجزائرية الدولية كانت سابقة لحدث تجديد العلاقات، فالشراكة الاستراتيجية الجزائرية الروسية ليست وليدة اليوم، بل تمتد في التاريخ وفي مجالات مختلفة سياسية واقتصادية وعسكرية، لذلك فهي لا تتأثر بسلوك النظام المغربي تجاه إسرائيل، إنما تخضع لترتيبات استراتيجية قديمة تعززت في السنوات الماضية بفعل الرؤية المشتركة للبلدين لقضايا الأمن والسلم الدوليين، وتجاه قضايا التنمية والشراكة الاقتصادية الروسية الأفريقية”.

ويشدد لكحل على أن “تجديد العلاقات قد يؤثّر في طبيعة العلاقة الروسية المغربية، فروسيا لطالما نظرت إلى إسرائيل والمغرب كحليفين للغرب، خصوصاً الولايات المتحدة، في المنطقة العربية، بالتالي لا تتقاسم معهما الرؤية نفسها إلى القضايا”.

ويعتبر أن “قضايا التسلح والطاقة تحتل المقدمة في التعاون الروسي الجزائري، وقد جرى الاتفاق على تعزيز هذه العلاقة مرات عدة، لكن قد نشهد تسريع التفاعلات الجزائرية- الروسية في الفترة المقبلة، أولاً لتجاوز مخلفات أزمة كوفيد- 19 وتأثيرها الاقتصادي، وللدفع بحملة مشاريع تتمحور حول التسلح والطاقة والصيدلة والنقل”.

حسن ياحي

اندبندت عربي