عقبات تعرقل محاولات الحكومة العراقية لمحاربة فساد الكهرباء

عقبات تعرقل محاولات الحكومة العراقية لمحاربة فساد الكهرباء

بالتوازي مع استمرار أزمة تجهيز قطاع الكهرباء في العراق والذي شهد قبل نحو أسبوعين انهيارا تاما، بسبب موجة الحر واستهداف أبراج نقل الطاقة، يواصل رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، تنفيذ حملة لتطهير الوزارة من الفاسدين، قلل مسؤولون من أهميتها، مؤكدين أن عقبات كبيرة تعترض طريقها.
وكان الكاظمي قد اتخذ إجراءات في بداية الأزمة، بإقالة مسؤولين في وزارة الكهرباء بتهم التقصير الإداري.

وما زال العراق ينتج أقل من نصف احتياجاته الفعلية للطاقة البالغة نحو 30 ألف ميغا واط مع استمرار عدم استقرار واردات الغاز الإيراني لتشغيل محطات الطاقة، فضلا عن خطوط الكهرباء الأربعة التي يستورد العراق منها نحو 1200 ميغا واط.

ووصلت ساعات تجهيز الكهرباء في العاصمة بغداد خلال الأيام الأخيرة الماضية إلى 10 ساعات من مجموع 24 ساعة، ويتم تعويض المتبقي من خلال المولدات الأهلية التي تبيع وحدات الطاقة (الأمبير) للمواطنين بواقع يصل إلى 30 ألف دينار (نحو 22 دولارا) بالشهر.ووفقا لمسؤول في الوزارة فإن الكاظمي، “يتابع ملف الوزارة بشكل مباشر، وشكّل لجانا تحقيقية خاصة، وكلفها بمهام متابعة العمل في الوزارة ومحاولة تطهيرها، محاولا تطهير الوزارة من الفاسدين ماليا وإداريا”.

وأوضح المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد”، أن “اللجان تجري تحقيقات مع العديد من المسؤولين وموظفي الوزارة، للوقوف على أسباب انهيار المنظومة الكهربائية”.

وأكد أن “الكاظمي يحاول من خلال حملته أن يطهر الوزارة من الفساد ويعيد السيطرة على المنظومة الكهربائية”، مبينا أن “عقبات كبيرة تعترض حملة الكاظمي، من بينها الارتباطات الحزبية للمسؤولين، وارتباطاتهم بفصائل مسلحة”.

وأوضح أن “الكثير من المسؤولين في الوزارة محميون من أي قرارات لعدة أسباب منها الاستحقاق الحزبي وفقا لمبدأ تقاسم المناصب التي عملت به الحكومات العراقية المتعاقبة، وأن أي قرار قضائي يتخذ بحق هؤلاء المسؤولين، سيفسر على أنه قرار سياسي، وسيقابل باعتراض”.

وأكد المسؤول أن “عملية تطهير الوزارة من أعمدة الفساد أمر صعب للغاية، وأن القرارات التي تتخذ هي قرارات هامشية لن تستهدف الفاسدين الكبار في الوزارة”، مرجحا أن “يستمر عمل لجان التحقيق لفترة، وسينتهي حال انتهاء موجة الحر، وحصول أي استقرار نسبي بتجهيز الطاقة”.

والثلاثاء، صدر حكم قضائي بالحبس 4 سنوات بحق مدير عام في وزارة الكهرباء، بتهم بالفساد، ووفقا لخبر نشرته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، فإنه “بناء على تحقيقات لجنة مكافحة الفساد، صدر حكم بحق مدير عام دائرة الاقتصادية والعقود والاستثمارات في وزارة الكهرباء، بالحبس لأربع سنوات، وغرامة مالية قدرها 10 ملايين دينار عراقي (ما يعادل 6900 دولار)”.

وأوضحت الوكالة أن “القرار القضائي جاء نتيجة تحرير المسؤول صكا لقاء إحالة مشاريع لصالح شركات محددة”.

لجنة الطاقة البرلمانية من جهتها، كشفت عن ملفات فساد في الوزارة، وقال عضو اللجنة، النائب محمد كامل أبو الهيل، إن “اللجنة لديها العديد من ملفات الفساد بحق الوزارة على مدار السنوات الماضية”، موضحا في تصريح صحافي أنه “تم تسليم هذه الملفات إلى هيئة النزاهة، لكن لغاية الآن لا توجد أية تحركات بخصوصها”.

واشنطن تهدد بتقويض الاقتصاد العراقي
وتنصلت اللجنة من مسؤولية الفشل بملف الطاقة، وأكد النائب أن لجنته “غير معنية بالأمور الفنية التي تتعرض لها الكهرباء في العراق، وأن دور اللجنة يكمن في الرقابة والتشريع فقط”، داعيا رئيس الوزراء، إلى “وضع الحلول السريعة لأزمة الكهرباء وإيقاف ومنع استهداف أبراج نقل الطاقة”.

يجري ذلك في وقت يشهد فيه العراق احتجاجا يومية، بسبب الانخفاض الكبير بساعات تجهيز الطاقة الكهربائية، بالتزامن مع موجة الحر الشديدة التي تصل فيها درجات الحرارة الى نصف درجة الغليان.

وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة خطوات مشددة لحماية أبراج الطاقة، إلا أن عددا من المحافظات مازالت تشهد تفجيرات جديدة تستهدف الأبراج، ما يتسبب بانقطاع التيار الكهربائي عن مناطق عدة في البلاد.

ويعول العراق في تجاوز أزمة الطاقة الكهربائية على مشروع الربط الخليجي للكهرباء مع العراق، وهو المشروع الذي أقر عام 2019 وبدعم أميركي في حينها. إذ سيحصل العراق على الكهرباء من خلال السعودية والكويت وبأسعار رمزية تسهم في تقليص حجم ما تحتاجه مدن جنوب ووسط وغرب العراق من الطاقة بشكل كبير.

وأكد رئيس الوزراء العراقي نهاية الشهر الماضي، حدوث تقدم في إنجاز الربط الكهربائي مع دول الخليج، وذلك في معرض حديثه عن أزمة الطاقة المتفاقمة في البلاد مع تصاعد الحرارة التي وصلت إلى قرابة الخمسين درجة مئوية في البلاد آنذاك.

أكثم سيف الدين

العربي الجديد