في ظل تصاعد عمليات استهداف المصالح الأميركية بالعراق، والرفض لمخرجات الحوار الاستراتيجي الذي جرى الأسبوع الماضي بين بغداد وواشنطن، وضعت الفصائل العراقية المسلحة الحليفة لإيران شروطاً مقابل وقف هجماتها على المصالح الأميركية في العراق، وسط انتقاد لضعف هيبة الدولة وعجزها عن السيطرة على تلك الفصائل.
يأتي ذلك بعد يومين من هجمات متتالية تعرضت لها المنطقة الخضراء في بغداد وعدد من الأرتال التي تحمل معدات غير عسكرية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في مدن جنوب العراق ووسطه.
وقال النائب عن “تحالف الفتح”، الجناح السياسي لـ”الحشد الشعبي” حامد الموسوي، في تصريح صحافي، إن البرلمان يستعد لتشكيل لجنة لمتابعة الانسحاب الأميركي، وفقاً للاتفاق الذي جرى ضمن الحوار الاستراتيجي، مبيناً أن “اللجنة ستشكَّل خلال جلسات البرلمان المقبلة، وستُمنَح تخويلاً للقيام بزيارات ميدانية للمواقع التي توجَد فيها القوات الأميركية، لمتابعة الانسحاب التدريجي”.
وشدد على أن رفض فتح تلك القواعد أمام اللجنة، سيكون مبرراً لاستمرار الهجمات عليها من قبل الفصائل المسلحة، مشيراً إلى أن “الاتفاق سيكون باطلاً في حال عدم تنفيذ الانسحاب التدريجي”.
من جانبه، أكد مسؤول مقرب من الحكومة لـ”العربي الجديد”، أن “تشكيل تلك اللجنة البرلمانية شرط وضعه عدد من الفصائل المسلحة لأجل وقف هجماتها”، مبيناً أن الحوار الذي يجري مع عدد من الفصائل لأجل التهدئة والقبول بنتائج الحوار الاستراتيجي لم تنته بعد، موضحًا أن هناك بعض الفصائل متشددة بمواقفها، والبعض الآخر وضع هذا الشرط لأجل وقف القصف على المصالح الأميركية.
وأشار إلى أن “مطلب تلك القوى صعب التنفيذ، خاصة أن الموضوع عسكري وأمني، وهناك لجنة من الجيش العراقي ومستشارية الأمن الوطني هي التي تتابع ملف انسحاب القوات القتالية”، معرباً عن اعتقاده بأن الأميركيين لن يسمحوا بدخول غير العسكريين لمواقع يوجدون فيها داخل القواعد العراقية، مثل حرير في أربيل، و”عين الأسد” في الأنبار، مبيناً وجود اتصالات مستمرة مع تلك القوى المسلحة، وكذلك كتل “تحالف الفتح” لوقف التصعيد والمزايدة في هذا الملف”، على حد تعبيره.
اتخذت قيادة عمليات بغداد إجراءات مشددة لمنع استهداف المصالح الأميركية ومقار البعثات الدبلوماسية
بدوره، حذر رئيس كتلة الوطنية البرلمانية النائب كاظم الشمري، من استمرار التجاذبات بشأن الانسحاب الأميركي، لما له من تأثير في الوضع الأمني.
وقال الشمري في حديث مع “العربي الجديد”، إن الحكومة حسمت الأمر بما يتعلق بالوجود الأميركي، مشيراً إلى الاتفاق على مغادرة القوات القتالية، والبقاء على المستشارين فقط، معتبراً أن محاولة التشكيك في الموضوع من قبل الفصائل تأتي في سياق البحث عن حجج لإطالة الأزمة بين العراق والولايات المتحدة.
وأضاف: “الأميركيون لو أرادوا البقاء في العراق لأفصحوا عن ذلك، لكن رغبة الحكومة في مغادرة القوات القتالية واضحة ولا تقبل التشكيك”، مؤكداً أهمية أن “تتعامل الفصائل مع القرار بإيجابية وانتظار التنفيذ وبعد ذلك يجري التقييم”.
وحذر من انهيار الوضع الأمني في حال استمرار التجاذبات، مؤكداً أن “إبقاء بعض الجهات وضع يدها على الزناد بانتظار التنفيذ يجعل البلد على حافة الانفجار”، مشدداً على ضرورة أن تعتمد الحكومة على الحوار والإقناع، باعتبار أن الدور الذي تؤديه الفصائل يلحق ضرراً بسمعة العراق الخارجية، فضلاً عن أنه يزعزع استقرار البلد.
ودعا النائب، الحكومة إلى أخذ دورها ببسط سلطتها والحفاظ على أمن البلاد وأمن لبعثات الدبلوماسية.
من جانب آخر، اتخذت قيادة عمليات بغداد (المسؤولة عن أمن العاصمة)، إجراءات مشددة لمنع استهداف المصالح الأميركية ومقار البعثات الدبلوماسية.
وقال قائد عمليات بغداد، الفريق الركن أحمد سليم، إن “قيادة عمليات بغداد ومن خلال القطعات الملحقة بها اتخذت عدة إجراءات لمنع استهداف المنطقة الخضراء والبعثات الدبلوماسية ومطار العاصمة بالنيران غير المباشرة”.
وبيّن في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أن “الإجراءات تضمنت مسك الفضاءات الفارغة بكمائن لمنع الجماعات الخارجة عن القانون من استخدامها في عمليات الاستهداف، فضلاً عن تفعيل الجهد الاستخباري بالتعاون مع المواطنين، وإحكام السيطرة وتفتيش المركبات المشكوك بأمرها”.
وأضاف أن “هذه الإجراءات أدت إلى إحباط ثلاث محاولات لاستهداف مطار بغداد من مناطق قريبة من المطار”، مشيراً إلى أن القوات الأمنية استطاعت أن تستولي على 10 صواريخ نوع “كراند” قبل أكثر من أسبوعين، وأكد أن القوات الأمنية استولت في وقت سابق على ثمانية صواريخ نوع “كاتيوشا” كانت معدة لاستهداف المطار الدولي.
وحتى الآن يلف الغموض مواقف بعض الكتل السياسية، إزاء نتائج الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن الذي وقعه الكاظمي الثلاثاء الماضي، عقب لقائه الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض، والذي تضمن سحب القوات القتالية من البلاد بحلول نهاية العام الحالي، وتغيير مهمة القوات الموجودة إلى تدريبية واستشارية، لكن مليشيات مسلحة حليفة لطهران اعتبرته “خداعاً والتفافاً” على مطلب سحب القوات الأجنبية كافة من العراق، بما فيها التحالف الدولي وقوات حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
العربي الجديد