طهران – أصيبت امرأتان بجروح خطيرة في إيران بعد أن دهسهما رجل بسيارته بسبب عدم ارتدائهما الحجاب، في مؤشر يحيل على الضغوط والتهديدات التي تتعرض إليها النساء الإيرانيات من اللواتي يرفضن سياسة ارتداء الحجاب الإلزامي التي تفرضها طهران.
وأصبحت قضية الحجاب مثار جدل في إيران بعد الثورة الإسلامية عام 1979، حيث تمّ فرض الحجاب غطاء الرأس الإسلامي بالقوة على الإيرانيات، وتسخير قوانين وعقوبات لردع ما تسمّيه السلطة “المظاهر غير الإسلامية في لباس المرأة”.
واحتج سائق بصوت عال على خيارات الملبس للمرأتين، قائلا إن زيّهما غير إسلامي، وأدى ذلك إلى نزاع قبل أن يصدم المرأتين بسيارته ويدهسما في أورميا بشمال غربي إيران.
وتعرضت المرأتان إلى إصابات خطيرة، ولكن ليستا في حالة تهدد حياتهما، فيما تردد أن السائق حاول الفرار من مكان الحادث، ولكن تم إلقاء القبض عليه لاحقا.
وأدان المسؤولون القضائيون الهجوم وقالوا إنهم لن يتغاضوا عن العدالة، ووصفت معصومة ابتكار، نائبة الرئيس لشؤون المرأة في إيران، الهجوم بأنه محاولة قتل وطالبت بعقوبة قاسية.
لكن الإدانات الحكومية لا تحجب الوقائع وحجم الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة الإيرانية، حيث تجبر الشرطة النساء على ارتداء الحجاب في الشوارع، وتقوم شرطة الآداب أو ما يعرف في إيران بدورية الإرشاد، بالتمركز في الفضاءات العمومية وفي الشوارع، خاصة في فصل الصيف حيث تجنح النساء إلى تخفيف ملابسهن، بغية اعتقال كل امرأة لا تضع الحجاب على الطريقة الإسلامية الإيرانية، لتتعرض إلى الضرب والاعتقال بسبب مخالفتها قواعد الحجاب الإلزامي.
وظلت المرأة الإيرانية تواجه صنوفا متعددة من التمييز والتهميش على جميع المستويات، فضلا عن فرض قيود على حريتها الشخصية قبل أن تلوح في السنوات الأخيرة بوادر تمرد، من خلال الشجاعة التي أظهرتها البعض منهن من اللاتي خرجن خلال تظاهرات في سنة 2017، وقد علت أصواتهن ضد سياسة الحجاب الإجباري، وكانت أشهرن الشابة الإيرانية أعظم جنجروي، التي ظهرت مكشوفة الرأس واقفة على أحد صناديق الكهرباء ملوّحة بحجابها.
وألقت السلطات الإيرانية القبض على جنجوري وفُصلت عن وظيفتها في معهد أبحاث، وحُكم عليها بالسجن ثلاث سنوات بتهمة الحض على الفسق ومخالفة الشريعة الإسلامية عمدا. وهددت المحكمة بحرمانها من ابنتها لكنها تمكنت من الهروب من إيران مع ابنتها قبل أن تبدأ فترة سجنها.
وتمت عملية فرض الحجاب على مرحلتين: الأولى في عام 1979، عندما فرض على النساء تغطية رؤوسهن عند خروجهن إلى الشوارع وارتدائه في المؤسسات الحكومية في قرار قوبل بالرفض. وشهدت شوارع طهران خروج الآلاف من النساء آنذاك احتجاجا على القرار وانضم إليهن رجال من جميع الأعمار والمجالات، سواء من فئة الطلبة أو الأطباء أو المحامين، وأضرب كثيرون في طهران عن العمل احتجاجا على القرار.
أما المرحلة الثانية فكانت عام 1983، عندما أقر قانون تجريم عدم ارتداء الحجاب، ووصلت العقوبة إلى الحبس لمدة شهرين و74 جلدة، وقد احتجت الإيرانيات حينها بالنزول إلى الشوارع مرتديات ملابس سوداء.
وتحاول الإيرانيات مقاومة فرض الحجاب من خلال وضع غطاء لا يغطي الرأس كاملا، والذي أسمته وسائل الإعلام الإيرانية الموالية للحكومة باسم الحجاب “السيء”، فيما تقوم أخريات بتظاهرات مناهضة للحجاب الإجباري تنتهي غالبا باعتقالهن.
العرب