اتخذت تونس جملة من القرارات بشأن تشديد القيود على تفشي وباء كورونا، منها حظر التجوال الليلي ومنع التظاهرات والتجمعات، في وقت تسعى فيه قوى سياسية تعارض الرئيس قيس سعيّد للتظاهر في الشارع الجمعة رغم تغيير موعد الاحتفال بـ”عيد الثورة”.
تونس – قررت السلطات التونسية منع التظاهر في الشوارع بعد تغيير موعد الاحتفال بـ”عيد الثورة” من الرابع عشر من يناير إلى السابع عشر من ديسمبر، حيث أكّد والي تونس العاصمة عدم الترخيص لتنظيم مظاهرات بالمناسبة، في خطوة يرى مراقبون أنها اتخذت لاعتبارات صحية بالتزامن مع إعلان السلطات عن جملة من الإجراءات لكبح انتشار وباء كورونا.
وأكد والي تونس كمال الفقي الأربعاء أنه لن يسلم ترخيصا لأية جهة لتنظيم مظاهرة يوم الجمعة المقبل في صورة تلقيه طلبا في ذلك، مشيرا إلى أنه “لم يتوصل إلى حد الآن بأي طلب ترخيص في الغرض”.
وقال الفقي في تصريح لإذاعة محلية إنه “يساند عدم تسليم السلطات المركزية لتراخيص لتنظيم مظاهرات غير ضرورية بالنظر إلى الوضع الوبائي”، مشددا على “ضرورة تطبيق البروتوكول الصحي لمدة خمسة عشر يوما للحد من انتشار الوباء”.
وبالموازاة مع ذلك أعلنت السلطات التونسية فرض حظر التجوال الليلي ومنع كل التجمعات لمدة أسبوعين اعتبارا من الخميس، وذلك لمواجهة انتشار الفايروس.
وأصدرت السلطات قرارا بحظر التجوال الليلي مع إلغاء وتأجيل كافة التظاهرات المفتوحة عقب دعوات من أحزاب ومنظمات ومبادرات إلى التظاهر في ذكرى الثورة ضد ما أسمته بـ”انقلاب” الرئيس قيس سعيّد.
جليلة بن خليل: لا بد من قطع الطريق على كل مصدر لتفشي الوباء
وأعلنت رئاسة الحكومة التونسية في بيان لها أن المجلس الوزاري الذي انعقد الثلاثاء الماضي اتخذ هذه القرارات بناء على توصيات من اللجنة العلمية.
وتقضي قرارات الحكومة بمنع التجوال ابتداء من الساعة العاشرة مساء إلى الخامسة صباحًا من اليوم التالي، فيما تتولى السلطات المحلية اعتماد مؤشر معدّل الإصابات لإقرار الإجراء.
كما اتخذت قرارا بتأجيل أو إلغاء كافة التظاهرات المفتوحة لمشاركة أو حضور العموم وذلك سواء في الأماكن المفتوحة أو المغلقة، موضحة أن تطبيق الإجراءات سيتسمر لأسبوعين وهي قابلة للتجديد على أن تتم المراجعة من قبل وزارة الصحة حسب تطور الوضع الوبائي.
وأكد مراقبون أنه تم اتخاذ قرار منع التظاهر في الشارع يوم الرابع عشر من يناير لاعتبارات صحية فرضتها خطورة الوضع الوبائي، وأكّد هؤلاء أنه لا علاقة للقرار باستهداف الأحداث السياسية أو أنشطة ثقافية أو غيرها.
وأفادت المتحدثة باسم اللجنة العلمية لمجابهة فايروس كورونا الدكتورة جليلة بن خليل أن “اللجنة أوصت بمنع كل التجمعات على اختلاف أهدافها (سياسية وثقافية واجتماعية)، فضلا عن حظر التجوال الليلي”.
وقالت لـ”العرب” إنه “لا بد من قطع الطريق على كل مصدر لتفشي الوباء، وهدفنا الأول هو حماية المواطنين”.
واعتبرت شخصيات سياسية أنه لا بد من احترام توصيات اللجنة العلمية في وقت تتزايد فيه أعداد المصابين بالفايروس، معتبرة أنه تم الاستيلاء على عيد الثورة يوم الرابع عشر من يناير.
وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي إن “الرئيس قيس سعيّد قال إنه لا مساس بالحريات، والسلطات التونسية اتخذت هذا القرار تطبيقا لتوصيات اللجنة العلمية لوزارة الصحة”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “أنصار سعيّد يعتبرون أن عيد الثورة الحقيقي هو يوم السابع عشر من ديسمبر وليس الرابع عشر من يناير، لأنه تم الاستيلاء على الثورة في هذا التاريخ”.
نبيل الرابحي: اتخاذ الإجراء تمّ لاعتبارات صحية ولا علاقة له بالسياسة
وتابع الرابحي “الإجراء ليس له علاقة بالأحداث السياسية، بل تم اتخاذه لاعتبارات صحية”.
وكانت عدة أطراف وقوى سياسية رافضة لقرارات الخامس والعشرين من يوليو قد دعت إلى التظاهر يوم الرابع عشر من يناير بمناسبة عيد الثورة، وردا على قرار الرئيس سعيّد تغيير تاريخه إلى يوم السابع عشر من ديسمبر.
وفي أول رد فعل على الإجراءات الحكومية أعلنت حركة النهضة عن استجابتها لدعوة “مواطنون ضد الانقلاب”، حيث دعت كل القوى الاجتماعية للمشاركة بقوة في التظاهرات المزمع تنظيمها يوم الرابع عشر من يناير المقبل في ذكرى الثورة التونسية.
وقال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي إن “كل الخشية أن تضع سلطة الخامس والعشرين من يوليو يدها على اللجنة العلمية كما وضعتها على أغلب الهيئات والمؤسسات لخدمة أجندتها السياسية والتضييق على الحريات أكثر فأكثر”.
وأضاف في تدوينة على صفحته بفيسبوك “مع ذلك لن نتنازل عن حقنا في النزول إلى الشارع في ذكرى ثورتنا المجيدة”.
وقال الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي في تصريح إعلامي “سنكون في شارع الثورة شارع الحبيب بورقيبة مهما كانت القرارات التي ستصدرها السلطة القائمة”.
ومنذ أكثر من أسبوعين توجه الحراك بالدعوة إلى عامة الشعب للخروج يوم الرابع عشر من يناير للاحتجاج في العاصمة وكل الجهات. ويقول الحراك إن هذا التاريخ سيكون حاسما وفارقا ويوم غضب عارم، و”سيسقط الانقلاب”، في إشارة إلى إجراءات الرئيس سعيّد.
ويعدّ حراك “مواطنون ضد الانقلاب” أول من واجه قرارات سعيّد، وأعلن رفضه لها ونزل إلى الشارع عدة مرات.
وكانت السلطات التونسية قد أغلقت عددا من المدارس والمنشآت التعليمية الثلاثاء مع التزايد المستمر في عدد الإصابات بفايروس كورونا المستجد بالبلاد، لتصل إلى ستة وأربعين قسما وإحدى عشر مؤسسة.
وأعلنت وزارة الصحة التونسية تطعيم تسعة آلاف و887 شخصا باللقاح المضاد لكورونا، بينهم أربعة آلاف و570 شخصا تلقوا التطعيم الأول من اللقاح، و2440 آخرين تلقوا الجرعة الثانية، و2860 تلقوا الجرعة الثالثة.
العرب