لم يتوصل «الإطار التنسيقي» الشيعي، إلى تفاهم مع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، يُفضي إلى توحيد البيت الشيعي، والمضي باختيار رئيس الوزراء الجديد، وكابينته الحكومية، في ظل إصرار الصدر على «حكومة أغلبية وطنية» الأمر الذي يعارض مبدأ «التوافق» الذي يتبناه قادة «الإطار» في المرحلة المقبلة.
وفي «تدوينة» نشرها الصدر على منصّته في «تويتر» كتب يقول: «لا شرقية ولا غربية. حكومة أغلبية وطنية».
وجاءت «تغريدة» الصدر بعد أقل من 24 ساعة على لقاء جمعه بزعيم تحالف «الفتح» وأبرز قادة «الإطار التنسيقي» الشيعي، هادي العامري، في «الحنّانة» في النجف، مقر إقامة الصدر، من دون أن يُعلن عن نتائجه.
وسبق للصدر أن جدد تأكيده على المضي بتشكيل حكومة «أغلبية وطنية» فيما أكد أن بابه مفتوح أمام البعض «ممن يحسن الظنّ بهم».
وشدد، في «تدوينة» سابقة، على «عدم السماح لأحد كائنا من كان أن يهدد شركاءنا أو يهدد السلم الأهلي، فالحكومة القادمة حكومة قانون، لا مجال فيها للمخالفة، أياً كانت، وممن كان».
وفي حال مضى الصدر بمشروعه، بدعم السنّة (تحالف العزم وتقدم) والأكراد (الحزب الديمقراطي الكردستاني) فإنه سيكون الأقرب لاختيار رئيس الوزراء الجديد وتشكيلته الحكومية، في حين ستذهب الأطراف الأخرى (الإطار والاتحاد) إلى المعارضة، الأمر الذي لا يمكن قبوله لدى الطرفين الأخيرين.
النائب عن ائتلاف «دولة القانون» ثائر مخيف، أكد، مضي «الإطار التنسيقي» بالسعي إلى تشكيل حكومة «توافقية» مع التيار الصدري، وأنه لن يذهب للمعارضة مطلقا.
تمسك بالتوافق
ونقلت مواقع إخبارية مقرّبة من «الإطار» عن مخيف، قوله: «الإطار التنسيقي ما زال متمسكا بالسعي إلى تشكيل حكومة توافقية مع التيار الصدري، وهذا هدف الإطار الأول، والحوارات مستمرة مع الكتل السياسية الأخرى بشأن هذا الموضوع، ولم تنقطع».
وأضاف النائب عن الائتلاف الذي يتزعمه نوري المالكي، إن «الإطار التنسيقي لن يذهب إلى المعارضة البرلمانية مطلقا، ولن يكون بهذا الاتجاه، وبالتالي الإطار التنسيقي يسعى إلى إيجاد توافق مع الكتلة الصدرية، لتشكيل حكومة توافقية تضم الجميع».
ووفق قوله، «جميع النواب، بغض النظر عن كتلهم، يسعون في هذه الدورة إلى إيجاد تشريعات تخدم المواطن وتصب في مصلحته، وسد الثغرات السابقة التي كانت في الحكومات الماضية، للسير نحو كل ما هو أفضل للبلد».
ولتجاوز الأزمة (الشيعية ـ الشيعية) شُكلت لجنة مشتركة بين «الإطار» والتيار الصدري هدفها التوصل إلى حلول بشأن تشكيل الحكومة.
لجنة مشتركة
عضو «الإطار التنسيقي» النائب عن «دولة القانون» محمد القدري، قال: «هناك لجنة مشتركة بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، لتجاوز الأزمة الحالية والذهاب بكتلة شيعية متماسكة لتشكيل الحكومة الجديدة».
ووفقاً للمصدر ذاته، فإن «بعض القوى السياسية تعمل حاليا على إطلاق مبادرة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الشيعية» مبينا أن «الوضع الحالي لا يتحمل خلافات سياسية لإزالة الاحتقان لكون الشارع يتأثر بالخلافات السياسية التي لا تخدم المواطن».
وانعكاساً للأزمة في بغداد، عزّز ترشيح القيادي في الحزب «الديمقراطي الكردستاني» هوشيار زيباري، لمنصب رئيس الجمهورية، منافساً للرئيس الحالي، برهم صالح، الانقسام (الكردي ـ الكردي) بين الحزبين الرئيسيين «الديمقراطي» و«الاتحاد».
في هذا الشأن، صرّح سكرتير الحزب «الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني» محمد الحاج محمود، أن منصب رئاسة الجمهورية، وأي منصب «مهم» في البلاد لابد أن يحظى بقبول الزعيم الكردي، مسعود بارزاني.
وقال الحاج محمود المعروف لدى الأوساط الشعبية بـ «كاكه حمه» في تصريح للصحافيين أمس في السليمانية، إن «منصب رئاسة الجمهورية من المناصب المهمة لنا كقومية كردية لما يتمتع به من أهمية بالتمثيل الدبلوماسي بين 193 دولة».
وأضاف: «وفقا للعرف السياسي هو استحقاق كردي ويخضع إلى توافقات الأطراف الكردستانية» مؤكدا أن «موافقة ورأي الزعيم الكردي مسعود بارزاني مهم لشغل هذا المنصب».
وعن الخلاف بين الأطراف السياسية الكردستانية، حول منصب رئيس الجمهورية، أوضح أن «هذا المنصب في حاجة إلى توافق كردستاني، ويجب أن يُنظر للموضوع من منظور قومي وأن نتجاوز الخلافات لحسم المنصب».
الصدر يصر على حكومة الأغلبية الوطنية بعد لقاء جمعه مع العامري
وعن عدد المرشحين لهذا المنصب بين أن «العرف السياسي والدستور لا يشيران إلى وجود مرشح واحد لهذا المنصب بل يحق للجميع الترشيح له» مستدركا القول إن «عرفا سياسيا بين الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني حول تقاسم السلطة وكان هذا الاتفاق ساري المفعول لغاية العام 2018».
واختتم بالقول: «الخلافات الكردية ستضعف التمثيل المكون في بغداد».
وخلافاً للأزمات في البيتين الشيعي والكردي، يبدو السنّة أكثر وحدة، خصوصاً بعد تشكيل تحالف مشترك بين «العزم» بقيادة خميس الخنجر، و«تقدم» برئاسة محمد الحلبوسي، أثمر عن منح الأخير منصب رئيس البرلمان.
لكن هذه «الوحدّة السنّية» اصطدمت بأزمة جديدة تتمثل باستهداف مقار ومكاتب التحالفات وقيادات السنّة في بغداد، طال آخرها، مقرّ القيادي في تحالف «تقدّم» عبد الكريم عبطان، ليلة السبت/ الأحد.
وأدان تحالف «تقدم والعزم» أمس، ما وصفه «الاستهداف السياسي» لقياداته ومكاتبه، مطالباً بملاحقة «المجاميع الإرهابية» المنفذة وتقديمها للعدالة.
«استهداف سياسي»
وذكر بيان صدر عن التحالف، أن «تحالف (تقدم والعزم) يدين تكرار الاستهداف السياسي لقيادات ومكاتب التحالف ولأسباب مكشوفة للجميع» داعياً إلى «ملاحقة المجموعة الإرهابية التي هاجت مقر النائب الشيخ عبد الكريم عبطان الجبوري، وتقديمهم للعدالة، دون تأخير».
وأضاف أن «استخدام هذه الأساليب الإجرامية في تغيير إرادتنا لن يفلح في شيء ولن يثنينا عن توجهاتنا في بناء دولة قوية ذات سيادة بعيدة عن الأجندات المشبوهة وخالية من الإرهاب والسلاح المنفلت».
وأكد أن «التحالف متمسك بحقه في ملاحقة المروجين للفتنة وأبواق الطائفية المريضة» مطالباً الحكومة وجميع المؤسسات الأمنية «بضرورة حماية العمل السياسي من الإرهاب والسلاح المنفلت حفاظاً على السلم الأهلي».
وفي الأسبوع الماضي، استهدف مسلحون مقار تحالفات «تقدّم» و«العزم» بالإضافة إلى «الديمقراطي الكردستاني» في العاصمة بغداد، في هجمات جاءت متزامنة لاستهداف آخر طال السفارة الأمريكية في «المنطقة الخضراء» شديدة التحصين.
«معاقبة المنفذين»
ووصف المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، استهداف مقر الحزب، ومقار الأحزاب الأخرى في العاصمة العراقية الأخرى، بالأفعال «التخريبية» داعيا إلى معاقبة المنفذين.
وقال المكتب السياسي للحزب في بيان صحافي، «مجدداً ترتكب التصرفات غير المشروعة والمنافية للأخلاق السياسية والتعايش والمخالفة للقانون، ضد مقر حزبنا في بغداد ومقرات عدد من الأطراف السياسية بالاعتداء عليها».
وأضاف البيان: «نحن في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، نعدُّ مهاجمة مقر حزبنا ومقرات الأطراف الأخرى عملاً تخريبياً مداناً، ونقول لمنفذي وأصحاب هذه الأعمال إن هذه الأساليب والممارسات ليست سبيلاً لمعالجة المشاكل بل ستزيد الوضع تعقيداً».
واختتم قائلاً: «على المؤسسات والأجهزة المعنية في الحكومة الاتحادية القبض على منفذي هذه الهجمات ومعاقبتهم وفق القانون» مبيناً أن «حماية مقرات وكوادر حزبنا وبقية الأطراف السياسية تقع على عاتقها ولا بد من توفير الأمن لها».
تنديد تركي
في الأثناء، نددت تركيا، بالهجمات التي استهدفت المنطقة الخضراء وسط العاصمة العراقية بغداد، فضلاً عن مقار حزبية.
وقالت الخارجية التركية في بيان، «نشعر بقلق وندين الهجمات التي استهدفت مقرات الأحزاب السياسية والمنطقة الخضراء ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين جراء الهجمات».
وأضاف البيان أن «استكمال إجراءات تشكيل الحكومة في الوقت المناسب في البلد الجار العراق على أساس التوافق يشكل أهمية كبيرة من حيث ضمان السلام والاستقرار الدائمين في البلاد».
وتابع: «نوصي جميع الأطراف المعنية في هذه العملية الحساسة بضبط النفس». وختم البيان بالقول: «ستواصل تركيا دعمها القوي لتحقيق الأمن والاستقرار الدائمين في العراق».
«أمر مرفوض»
وتعليقاً على تصاعد وتيرة الهجمات المسلحة الأخيرة، والتي تحمّل طابعاً سياسياً، على ما يبدو، قال النائب المستقل سجاد سالم، إن استعمال السلاح في السياسة أمر مرفوض وينذر بكارثة، «خصوصا وأننا نعاني من وجود فصائل مسلحة لها أذرع سياسية» حسب قوله، فيما حذر من العودة إلى التحاصص في الحكومة المقبلة «كون ذلك ستقابله ثورة شعبية كما جرى».
وذكر سالم في تصريح صحافي، أن «العمل السياسي حالياً جوهره السلاح، ولا لغة سياسية لديهم حاليا سوى استخدام السلاح، وهذا ما يشيع إلى خطورة أن السلاح الموجود وخارج إطار الدولة يجب نزعه».
وأوضح أن «القوى المسلحة الموجودة تحاول أن تفعل المستحيل من أجل المشاركة بالحكم سواء بخلط الأوراق أو استهداف الخصوم، ولا ننسى أنه منذ المظاهرات، كان من شيمة تلك القوى، هو الاغتيال السياسي واستخدام العنف والقوة» حسب قوله.
وعن الحراك السياسي بشكل عام، قال «إنهم لا يتكلمون بلغة المكونات إنما الأهم الحالة الوطنية، كما إنهم يؤيدون فقط حكومة أغلبية كونها الأفضل وهي شيء متقدم، لكن لا يصوتون عليها ولا يشاركون فيها» مردفا أن «الصيغة التوافقية السابقة أضرت بالبلد كثيرا وخلقت أزمات».
وأشار إلى أهمية «كسر بعض الأعراف السياسية التقليدية الماضية، وأهمها الصيغة التوافقية والتي جوهرها التحاصص والفساد». وفي شأن اللقاءات السياسية الجارية بين رؤساء الكتل، قال إن «الأطراف السياسية تفعل المستحيل من أجل المشاركة بالحكم كون وجودها بالحكومة يهدف للحصول على مناصب تنفيذية، وأخذ وزارات والإفساد بها، وهذا ما لا يتحمله الشعب، وحال حصول ذلك، فستكون الدورة البرلمانية الخامسة الحالية قصيرة وسيقابلها ثورة شعبية عارمة « حسب قوله.