ميسان (العراق) – تشهد محافظة ميسان جنوب العراق اغتيالات متبادلة بين سرايا السلام التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وفصيل عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، على وقع صراع سياسي محتدم بين القوى الشيعية المنضوية في ما يعرف بالإطار التنسيقي والتيار الصدري بشأن تشكيل حكومة جديدة.
وأرسل الصدر وفدا الخميس إلى محافظة ميسان، بعد ليلة صاخبة عاشها أنصاره إثر اغتيال القيادي في سرايا السلام كرار أبورغيف بعد إطلاق النار عليه من قبل مجهولين، عندما كان في سيارته بصحبة زوجته، وقد شيع جثمانه بمشاركة حشد كبير من أتباع الصدر وسط مدينة العمارة مركز المحافظة.
ووجه أنصار التيار الصدري اتهامات لميليشيا عصائب أهل الحق بالوقوف خلف اغتيال أبورغيف، متوعدين بالرد.
مقتدى الصدر: هناك من يريد إشعال الحرب الشيعية – الشيعية
وقال الصدر في بيان الخميس إنه أرسل وفدا مكونا من ثلاثة رجال دين شيعة بهدف “تهدئة الفتنة التي أججتها السياسة بين الإخوة في التيار والعصائب”. وأضاف أن “هناك من يريد إشعال الحرب الشيعية – الشيعية وتهديد السلم الأهلي”، دون تسمية جهات محددة، فيما دعا الطرفين إلى التعاون مع الوفد “ودرء الفتنة”.
وجاء اغتيال القيادي في سرايا السلام بعد مقتل ضابط بوزارة الداخلية يدعى حسام العلياوي خلال الأسبوع الماضي على يد مجهولين. وحسام العلياوي هو شقيق وسام العلياوي، القيادي في حركة عصائب أهل الحق، الذي قتل بدوره في أكتوبر 2019 في ميسان.
وسبق أن توعد زعيم عصائب أهل الحق بالانتقام لعلياوي في حال لم يتخذ التيار الصدري موقفا حازما حيال محاسبة المتورطين في الاغتيال، في اتهام مباشر للتيار بتورط منتسبين إليه في العملية.
ويعود تاريخ الخلافات بين الفصيلين إلى سنوات طويلة منذ انشقاق قيس الخزعلي عن التيار الصدري وتأسيسه عصائب أهل الحق عام 2006، وهو فصيل مقرب من إيران.
ويرى مراقبون أن الأزمة السياسية المستفحلة في العراق ساهمت في تأجيج التوتر بين الطرفين، وهو ما قد يؤدي إلى حرب شيعية – شيعية في حال لم يجر احتواؤها.
وحذر تحالف “الفتح”، المظلة السياسية للميليشيات الموالية لإيران، الخميس من اندلاع اقتتال داخلي بين القوى الشيعية في العراق.
وقال زعيم التحالف هادي العامري في بيان إن “ما تشهده ميسان من حوادث دموية أمر يبعث على القلق، وحذرنا سابقا من حالات التصعيد التي قد تتسع بها دائرة العنف المتبادل لتتخذ منحى خطيرا يصعب وضع حد له”.
ودعا العامري التيار الصدري وعصائب أهل الحق إلى “التحلي بأعلى درجات ضبط النفس”، دون أن يشير صراحة إلى مسؤوليتهما عن أعمال العنف الأخيرة. وحذر من أن “الدم لا يجلب إلا الدم، وإن الاقتتال المحلي الذي أنفق لإنجاحه الأعداء المليارات، لربما يقدم إليهم مجانا، على طبق من ذهب”.
وناشد الأجهزة الأمنية “أخذ دورها المنشود بكل جدية واقتدار من أجل بسط الأمن وفرض القانون وإعادة هيبة الدولة”.
ودفعت الحوادث الأخيرة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى زيارة المحافظة الأربعاء، واتخاذ قرار قبل ذلك يقضي بتشكيل قيادة عمليات للجيش لضبط الأمن فيها.
وفي اليوم ذاته قال زعيم التيار الصدري في بيان إن جزءا من أعمال العنف في ميسان سببه الخلافات بين تياره وعصائب أهل الحق، دون أن يقدم تفاصيل.
هادي العامري: دائرة العنف قد تتسع لتتخذ منحى خطيرا يصعب وضع حد له
وتختلف القوى الشيعية، التي تملك معظمها أذرعا مسلحة، حول اختيار رئيس للحكومة المقبلة وكيفية تشكيلها، عقب نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي.
ويسعى التيار الصدري، الفائز بـ73 مقعدا (من أصل 329)، لتشكيل حكومة أغلبية وطنية، بخلاف قوى شيعية تطالب بحكومة توافقية تشارك فيها جميع القوى السياسية داخل البرلمان.
وطرح الإطار التنسيقي الخميس مبادرة سياسية لحل الأزمة، ترتكز على الحوار بين جميع الكتل الفائزة بالانتخابات لتشكيل ائتلاف برلماني يتولى تسمية رئيس الوزراء المقبل وتشكيل الحكومة.
وقال الإطار في بيان “نمد أيدينا إلى القوى المعنية بتشكيل الكتلة النيابية الأكثر عدداً (التي ستكلف بتشكيل الحكومة) ونخص بالذكر الإخوة في التيار الصدري، للجلوس والتحاور حول تشكيل الكتلة الأكثر عدداً بشكل جديد لخدمة الوطن والمكون الوطني الأكبر (الشيعة)، ونبتعد فيها عن منطق المحاصصة وتقسيم الغنائم”.
وشدد الإطار على ضرورة “اتفاق الكتلة النيابية الأكثر عدداً على معايير اختيار رئيس وزراء قوي وكفؤ، ومواصفات تشكيل الكابينة الحكومية وفق معايير النزاهة والكفاءة”.
ويشكك المراقبون في قبول الصدر المبادرة التي تستهدف الإبقاء على حظوظ زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي للمشاركة في السلطة.
ويضع الصدر فيتو على مشاركة المالكي في الحكومة المقبلة، معتبرا أنه أحد أضلاع منظومة الفساد التي أضرت بالعراق، فيما يرى المراقبون أن الموقف من زعيم ائتلاف دولة القانون لا يخلو من خلفيات سياسية ودوافع شخصية.
العرب