أخرج زعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله وساطته بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى العلن بجمعهما على مائدة إفطار السبت، ويسعى حزب الله من خلال وساطته لتحصين نفسه بعد الانتخابات النيابية وتشكيل جبهة قادرة على إحكام سيطرتها على الساحة اللبنانية.
بيروت – استضاف الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله السبت رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، في خطوة قال مراقبون إنها تندرج ضمن مساعي حزب الله لبناء تحالفات ما بعد الانتخابات النيابية المقررة في الخامس عشر من مايو المقبل.
وتقول دوائر سياسية لبنانية إن حزب الله أخرج إلى العلن مساعي يقودها منذ مدة للمصالحة بين فرنجية وباسيل اللذين دخلا منذ فترة في قطيعة وتجاذبات سياسية استعدادا لبناء تحالفات بعد الانتخابات النيابية قد تحسر نجاحات انتخابية محتملة لحزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع.
وتقول المصادر إنّ أبعاد اللقاء ارتبطت بأمور أساسية وهي سعي حزب الله لتحصين نفسه أكثر من خلال حلفائه، وتعزيز الساحة المسيحية بالتقارب بين الحلفاء وذلك بصدّ أي محاولة من القوات اللبنانية لقطع الطريق أمام الجهات التي تسعى لضرب التفاهمات الاستراتيجية بين الأطراف الأساسية الفاعلة في تحالف 8 آذار.
وأفادت ذات المصادر أن حزب الله سعى قبل ذلك للمصالحة بين تيار المردة والتيار الوطني الحر لجهة خوضهما للانتخابات في قوائم مشتركة في عدة دوائر، إلا أنه لم ينجح في ذلك.
الهدنة بين فرنجية وباسيل تساهم في تبريد الجبهة وإفساح المجال أمام تقارب لاحق بعد الانتخابات، وهذا ما يريده حزب الله
وأشارت المصادر إلى أن محاولات عدة جرت لجمع المردة والوطني الحر في لوائح انتخابية مشتركة، لكن لم تكن هناك مصلحة لفرنجية لا انتخابية ولا سياسية في التحالف مع الوطني الحر.
ويردد زعيم المردة بشكل دائم أنه يفضّل فوز باسيل لا رئيس حزب القوات سمير جعجع في أية محطة سياسية أو انتخابية، وهو رأي لاقى تقييما إيجابيا إضافيا عند حزب الله.
ويحمل اللقاء الكثير من الأبعاد السياسيّة، كما أنه يأتي تتويجاً لمرحلة أساسية عنوانها تقريب وجهات النظر بين باسيل وفرنجية اللذين افترقا تماما منذ بداية عهد الرئيس ميشال عون عام 2016.
ويرى مراقبون أن حزب الله حقق من خلال رعايته للمصالحة بين فرنجية وباسيل أهدافا عدة أولها أنه سحب فتيل الأزمة القائمة بين حليفيه وأرسى مصالحة تؤسس لمرحلة ما بعد الانتخابات قائمة على أساس حلف استراتيجي.
ويشير هؤلاء إلى أن حزب الله أراد التأكيد للفريقين أنه لا يفاضل بينهما، ويتمنى فوزهما معا بأكبر عدد من المقاعد.
وتوحي خطوة حزب الله بأن المنافسة الانتخابية ليست بين المردة والوطني الحر، بل هي معركة بين كل منهما من جهة، وحزبي القوات والكتائب من جهة ثانية.
وتؤكد رعاية نصرالله للمصالحة أن العمل جار لجمع كل أفرقاء الصف السياسي الواحد في مرحلة لبنانية وإقليمية يعتبر حزب الله وحلفاؤه أنها ستكون لصالحهم نتيجة التسويات المفتوحة.
خطوة حزب الله توحي بأن المنافسة الانتخابية ليست بين المردة والوطني الحر، بل هي معركة بين كل منهما من جهة، وحزبي القوات والكتائب من جهة ثانية
وقال فرنجية على هامش اللّقاء مع مجموعة من أساتذة “المردة” في القطاع التّعليمي الخاص، إنّه “كان هناك حديث عن فتح صفحة جديدة وإمكانيّة استتباع اللّقاء بجلسات تنسيقيّة”، موضحًا أنّ “اللّقاء جرى بدعوة من الأمين العام لحزب الله الذي هو ضمانة لأي لقاء، وكنّا لنُلبّي أيضًا لو وُجّهت إلينا الدعوة من البطريرك الماروني أو من رئيس الجمهوريّة”.
وشدّد على أنه “لا بديل عن الحوار وتوحيد الجهود في مرحلة دقيقة وحسّاسة دوليًّا وإقليميًّا وداخليًّا”.
وأبلغ حزب الله مرارا فرنجية وباسيل بضرورة التلاقي ووضع الخلافات جانباً أقله خلال المرحلة الحالية، باعتبار أن رهانات المرحلة المقبلة كبيرة والمنافسة محتدمة مع الأطراف الأخرى، وبالتالي يجب التأسيس لحقبة جديدة من التقارب.
ولم يمانع “الحليفان المتخاصمان” عقد لقاء برعاية الحزب أو أطراف فاعلة أخرى مثل رئيس الجمهورية ميشال عون وهذا الأمرُ كان يرحب به نصرالله باستمرار باعتبار أن الخصومة السياسية لم تكسر الجرة بين باسيل وفرنجية.
ويشير المسار السياسي للحزب وحلفائه إلى اصطفاف جديد في وجه تكتلات أخرى مضادة، وهذا الأمر قد تكشفه المراحل المقبلة وتحديداً خلال فترة الانتخابات وبعدها وصولاً إلى مرحلة انتخاب رئيس للجمهورية.
وأفادت دوائر سياسية أن اجتماع باسيل وفرنجية برعاية نصرالله لم يتطرق إلى انتخابات رئاسة الجمهورية في أكتوبر القادم، إذ أن فرنجية دأب على مهاجمة الرئيس اللبناني واعتبر مؤخرا أنه لا بد من انتخاب رئيس قادر على إنجازات للبنانيين في إشارة غير مباشرة إلى عون، في حين أن باسيل يطمح لخلافة عون في رئاسة الجمهورية.
وتنتهي عهدة عون في أكتوبر القادم، فيما لا يخفي صهره (جبران باسيل) طموحه في خلافته، إلا أن حزب الله لمح مرارا أنه لا يتبنى طرح حليفه الاستراتيجي وربما لديه خيارات أخرى بانتظار معرفة الثقل النيابي لباقي الحلفاء.
اقرأ أيضا: وعود كويتية بمساعدة لبنان على النهوض مجددا
وكان حزب الله قد زكّى ميشال عون لرئاسة الجمهورية رغم أن حليفه الشيعي (حركة أمل) بقيادة نبيه بري دفعت باتجاه تزكية فرنجية وعارضت وصول عون إلى قصر بعبدا.
وبالنسبة إلى التيار الوطني الحر، فإنّ التقارب مع فرنجية ضروري وأساسي، أولاً لأن الخصم واحد ويتمثل في القوات اللبنانية. وثانياً، فإنّ تقارب الطرفين سياسياً يمنع أي كباش انتخابي بينهما رغم عدم التحالف.
وقد تساهم هذه الهدنة غير المشروطة بأي شيء بشكل أو بآخر في تبريد الجبهة، وإفساح المجال أمام تقارب لاحق بعد الانتخابات، وهذا ما يريده حزب الله.
وتشير دوائر سياسية إلى أن نصرالله يرى أن المعركة كبيرة وتحتاج إلى تمتين وتحصين بكل الجوانب، وهذا الأمر كان دافعاً لتوحيد الحلفاء سواء قبل الانتخابات أو بعدها، وذلك لضمان إحكام السيطرة على المشهد في ظلّ تسلط أطراف للتوسّع أكثر على حساب أطراف أخرى.
ويتطلع حزب الله إلى الخامس عشر من مايو كموعد جامع لقوى الممانعة، ومحطة مفصلية لحلف إيران في المنطقة.
العرب