يبدو أن الحكومة العراقية الحالية عازمة على الاستمرار بخطوات الحكومة السابقة في تفعيل مذكرة التعاون بين العراق والصين التي وقعت في عام 2019، عبر طرح مزيد من المشاريع التي ستمول من الحساب المصرفي العراقي الصيني المفعل بموجب تلك المذكرة.
ويعتمد هذا الحساب على آلية تتمثل بتخصيص العراق لـ100 ألف برميل يومياً من النفط المصدر إلى الصين لصالح الحساب المخصص لتمويل المشاريع المنفذة من قبل الشركات الصينية في العراق بقطاعات النفط والكهرباء والإنشاءات والترفيه، حيث يلاحظ انتشار العمالة الصينية بشكل لافت في مدن مثل بغداد والبصرة وأربيل والعمارة وكربلاء والناصرية.
3 مليارات دولار
عضو اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي معين الكاظمي قال في بيان له، إن “الموارد المالية التي تراكمت بعد إيداعها في حساب مشاريع الاتفاقية الصينية الذي أنشئ بموجب ملحق اتفاق التعاون بين العراق والصين، بلغت ثلاثة مليارات دولار”، مبيناً أن “هذه الأموال تخصص لمشاريع الاتفاقية الصينية”.
وأضاف الكاظمي أن هذا الصندوق يمكن للشركات الصينية الرصينة ذات الكفاءة من الشروع بإنشاء مشاريع البنى التحتية المطلوبة، لافتاً إلى أن “هذا الأمر سيساعد الحكومة في قضية الاستثمار في مشاريع مختلفة منها القناة الجافة وخطوط الصرف الصحي”.
تحلية مياه الخليج
وكشف المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد، أن عام 2023 سيشهد العمل من قبل الشركات الصينية في مشاريع البنى التحتية ومشاريع تحلية المياه، بينما يسير مشروع الأبنية المدرسية ضمن السقف الزمني المحدد له.
وقال مجيد، إن الشركات الصينية باشرت في مشروع الأبنية المدرسية النموذجية وعددها ثمانية آلاف مدرسة، في مرحلته الأولى وتشمل 1000 مدرسة من قبل شركتين صينيتين، مبيناً أن المشروع الآخر الذي بدأ العمل فيه هو مطار الناصرية الذي يقع بالقرب من مدينة أور الأثرية.
ووافقت الحكومة العراقية نهاية العام الماضي على خطط تقدمت بها لجنة حكومية لتأهيل التصميم الأساسي لمدينة أور الأثرية بإقامة مدينة سياحية فيها لاستقبال الزائرين ووضع حجر الأساس لتطوير مطار الناصرية المحاذي للمدينة من قبل شركة صينية بما يسهم في تسهيل استقطاب الزائرين من الخارج.
وأضاف مجيد أن هناك خططاً للحكومة العراقية لزيادة وتيرة العمل ضمن الاتفاقية، ورؤية لإدراج مشاريع مستقبلية مثل المجمعات السكنية والطرق والجسور وسكك الحديد والطاقة والنفط والكهرباء والبنى التحتية ومحطات تحلية المياه ومحطات المجاري.
وتابع أن هذه المشاريع موجودة ضمن ورقة العمل في وزارة التخطيط، والمباشرة بها بحاجة إلى بعض الإجراءات الفنية والإدارية والموافقات، ومن ثم تقديم دعوات للشركات الصينية الحكومية عبر الطرق الرسمية.
تشغيل الأيدي العاملة
وعن سبب إحالة المشاريع لشركات ثانوية، بين مجيد أن هناك قرارات لمجلس الوزراء تلزم الشركات الأجنبية تشغيل الأيدي العاملة بنسبة 50 في المئة فما فوق، مما يسهم في توفير وظائف في التخصصات الهندسية والفنية والقانونية والحرفية، وكذلك تدوير عجلة السوق المحلية.
ونفى أن يكون قد تم تجاوز السقف الزمني في مشروع الأبنية المدرسية من قبل الشركات الصينية، وكان مقدراً بعام ونصف العام إلى عامين، وبعضها وصل إلى مرحلة التشطيبات الداخلية.
مشاريع مهمة
من جهته، أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح أن موازنة 2023 ستتناول المشاريع المهمة التي أكد عليها رئيس الوزراء ضمن منهاجه الوزاري.
وقال صالح، إن الأولوية للمشاريع التي باشرها المنهاج الحكومي الذي أقره مجلس النواب في أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مبيناً أن تفاصيل المشاريع سواء كانت على الاتفاقية الإطارية مع الجهات الصينية أو غيرها، ستتناولها الموازنة الاستثمارية عند إعلان مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية لعام 2023″.
وقال المتخصص في الشأن الاقتصادي صالح الهماشي، إن “الخطوة المقبلة التي ستنفذها الشركات الصينية في العراق تتضمن مشاريع الطرق والجسور والمطارات وتأهيلها، فضلاً عن المشاريع الصناعية ومشاريع المياه والمجاري والمياه وتحلية المياه، مبيناً أن الصين عينها على المنشأة النفطية ومشاريع الطاقة، إلا أن أولوية الحكومة العراقية حالياً مشاريع الطرق والجسور”.
البيروقراطية
وأوضح الهماشي، أن سبب تأخر إنجاز المشاريع وفق مذكرة التفاهم مع الصين يعود إلى التخوف من البيروقراطية، مشيراً إلى أن مصير مشاريع الطرق والجسور سيكون كمصير بناء المدارس في مرحلتها الأولى التي شهدت تأخراً في الإنجاز، حيث كان من المقرر أن تنجز خلال ستة أشهر إلا أن المشاريع لم تنته حتى الآن.
واستبعد الهماشي أن تتدخل الولايات المتحدة الأميركية لعرقلة مشاريع البنى التحتية، إلا أنها قد تتدخل إذا وصل الأمر لمشاريع الطاقة.
وتابع الهماشي، أن مسألة المقاول الوسيط والثانوي الذي تتبعه الشركات الصينية في العراق هو جزء من النظام الإداري العراقي ودائماً يعمل بهذا الشكل، مبيناً أن الصين تحاول التركيز على مصادر الطاقة، حيث تبدأ بمشاريع صغيرة للوصول إلى مصادر الطاقة، وهي جادة في الاستثمار ولديها مصالح كبيرة في العراق.
الموقع الاستراتيجي
وأوضح الهمامي، أن الصين تنظر إلى الموقع الاستراتيجي للعراق لكونه مرتبطاً بطريق الحرير، وستدخل بقوة وتجد لها مراكز اقتصادية للمحافظة على مصالحها، وتقليل المسافة والتكاليف في النقل من خلال إيجاد طرق جديدة مؤمنة.
وأبرمت بغداد منتصف العام الحالي أول عقد استثماري قد يكون الأوسع من نوعه في تاريخ قطاع المصافي العراقية بتكلفة تقدر بـ20 مليار دولار أميركي.
ويتضمن العقد الذي وقع مع شركة “هوالو” الصينية، إنشاء مصفى استثماري في قضاء الفاو المطل على الخليج العربي، سيعزز من دور العراق في الصناعات التحويلية والبتروكيماويات، ويسهم في التنمية المستدامة.
اندبندت عربي