الباحثة شذى خليل*
منذ أن سيطر الحزب الشيوعي الصيني (CCP) على السلطة في عام 1949، والصين تسير نحو تطور اقتصادي هائل جعلها ثاني أكبر اقتصاد في العالم. كان لهذه الرحلة تأثير كبير على الاقتصاد العالمي، ولا سيما في ظل قيادة الرئيس شي جين بينغ منذ عام 2012. استطاع شي أن يرسخ سلطته على الحزب والدولة، مما أتاح له تنفيذ رؤية طويلة الأمد تهدف إلى تعزيز الهيمنة الاقتصادية الصينية على الساحة العالمية.
النمو الاقتصادي والتحديات الهيكلية
تحت قيادة شي، شهد الاقتصاد الصيني تحولًا جوهريًا، حيث تم توجيه البلاد نحو الابتكار التكنولوجي، والتوسع في الصناعات المتقدمة، وتعزيز البنية التحتية العالمية عبر مشروع “الحزام والطريق”. كان لهذه السياسات تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي، إذ استطاعت الصين الحفاظ على معدلات نمو قوية رغم التحديات العالمية.
ومع ذلك، فإن هذا التقدم لم يكن خاليًا من التحديات. تواجه الصين تباطؤًا في النمو الاقتصادي نتيجة لتباطؤ الطلب المحلي وارتفاع مستويات الديون. هذا بالإضافة إلى التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، والتي كان لها تأثير على سلاسل التوريد العالمية والتجارة الخارجية الصينية.
الاستراتيجية الاقتصادية لشي
واحدة من أهم سمات سياسات شي الاقتصادية هي تعزيز الاعتماد على الذات، وهي رؤية تهدف إلى تقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية وتعزيز التصنيع المحلي. تسعى الصين إلى أن تصبح رائدة في الصناعات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية، مما يعزز من قدرتها التنافسية على الساحة الدولية.
على الصعيد العالمي، وضعت الصين نفسها كلاعب رئيسي من خلال استثماراتها في البنية التحتية حول العالم، وخاصة في الدول النامية. هذه الاستثمارات تساهم في تعزيز دور الصين كقوة اقتصادية عظمى وتؤثر بشكل مباشر على العلاقات التجارية العالمية.
التحديات الاقتصادية المستقبلية
رغم النجاحات الكبيرة، يواجه الحزب الشيوعي تحت قيادة شي تحديات داخلية وخارجية. يتوقع أن يكون تباطؤ النمو الاقتصادي هو التحدي الأكبر، إلى جانب الحاجة إلى التعامل مع تداعيات جائحة كوفيد-19 واستمرار التوترات التجارية مع الولايات المتحدة. كما تمثل قضية البيئة والاحتباس الحراري تحديًا آخر للصين، خاصة مع التزاماتها الدولية بتقليل انبعاثات الكربون.
في الختام , في ظل قيادة شي جين بينغ، تحولت الصين إلى قوة اقتصادية عالمية تسعى لتعزيز نفوذها وتحقيق الهيمنة الاقتصادية. ومع ذلك، فإنها تواجه العديد من التحديات التي قد تحدد شكل مستقبلها الاقتصادي. يبقى السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت الصين قادرة على تجاوز هذه التحديات والاستمرار في تحقيق أهدافها الاقتصادية الطموحة.
وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية