القدس – يبدو أن التقارب بين تركيا وإسرائيل الذي شق طريقه إلى البلدين لإنهاء سنوات من الفتور، ستدفع حماس التي تسيطر على قطاع غزة ثمنه، بعد فرض أنقرة قيودا على تحركات قادة الحركة الإسلامية داخل أراضيها.
فقد أفاد موقع صحيفة “هآرتس” العبرية، صباح الاثنين، بأن السلطات التركية فرضت قيودا على قادة حركة حماس داخل أراضيها وبدأت بالحد من تحركاتهم، إثر التقارب الأخير مع إسرائيل وتبادل السفراء بين البلدين.
وبحسب الموقع، فإن جهاز المخابرات التركية بدأ بفرض قيود على تحركات ومقر قيادة حماس في تركيا برئاسة صالح العاروري، واثنين آخرين كان قد أفرج عنهما في صفقة “وفاء الأحرار” وأبعدا إلى الأراضي التركية ومنعا من العودة إلى الضفة الغربية المحتلة.
وأضاف أن تركيا لا تزال ترفض حتى الآن المطلب الإسرائيلي بإبعاد قادة الحركة عن أراضيها، لكنها تفرض قيودا على تحركاتهم ونشاطهم، الأمر الذي يضطر صالح العاروري إلى البقاء على “خط تركيا بيروت”.
كما تعرقل السلطات التركية، بحسب تقرير “هآرتس”، محاولات قادة حماس للاستقرار في تركيا، عدا عن تقييد نشاطهم وقدرتهم على التنقل بحرية.
وأضاف التقرير أن هذه السياسة تضع حماس أمام صعوبات في محاولات تفجير الأوضاع في الضفة الغربية عن بعد، وخصوصا عبر قيادة قطاع الضفة الغربية في الحركة الذي يترأسه صالح العاروري.
وفي أكتوبر الماضي، قال مسؤول أمني إسرائيلي كبير إن “تركيا أبدت موقفا إيجابيا تجاه المطالب الإسرائيلية المتعلقة باستضافة أنقرة لعدد من قيادات حماس”، وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.
كما نقلت صحيفة “جيروزالم بوست” العبرية، عن مسؤول إسرائيلي آخر، قوله “إسرائيل ستواصل الضغط على أنقرة لإبعاد حماس التي تواصل الدعم والتخطيط وجمع الأموال لتنفيذ هجمات ضد إسرائيل من الأراضي التركية”.
وفي أبريل الماضي، نقلت صحيفة “يسرائيل هيوم”، عن مصدر فلسطيني وصفته بأنه رفيع المستوى، قوله إن إسرائيل سلّمت تركيا، خلال محادثات إعادة العلاقات بينهما، قائمة بأسماء نشطاء فلسطينيين من حركة حماس يقيمون في تركيا، وينشطون من أراضيها، مطالبة بإبعادهم عن الأراضي التركية.
ونقلت الصحيفة عن مصدر فلسطيني قوله إن تركيا أبعدت بالفعل عشرة من نشطاء حماس عن أراضيها. وأضاف أن تركيا لم تقم فقط بمنع إعادة هؤلاء النشطاء إلى أراضيها، بل قامت رسميا بطردهم ومنعهم من دخول أراضيها، لاسيما وأن قسما منهم مرتبط بالجناح العسكري للحركة، وأن إسرائيل كان لها دور في إبعاد النشطاء عن الأراضي التركية، ومنع عودتهم إليها.
وتوترت العلاقة بين أنقرة وتل أبيب منذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة نهاية 2008، فيما بلغ التوتر ذروته إثر مقتل تسعة أتراك في هجوم إسرائيلي على سفينة “مرمرة” التي كانت تنقل مساعدات للقطاع في عام 2010.
لكن تقاربا سجل بين الدولتين منذ فترة ترجمته زيارة قام بها الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى تركيا في مارس الماضي، تحدث فيها مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان عن “منعطف” في العلاقات بين البلدين.
وانتقدت حركة حماس زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى تركيا، لكنها لم تأت على ذكر الدولة التركية أو أردوغان، داعية في بيان إلى “عدم إتاحة الفرصة لإسرائيل لاختراق المنطقة والعبث بمصالح شعوبها”.
وتقيم أنقرة علاقات قديمة مع إسرائيل، وكانت تبيع للفلسطينيين بعض الشعارات والمواقف العامة الهادفة إلى تحسين صورتها في العالم الإسلامي، وخاصة بعد موجة الربيع العربي، لكنها لم توقف تعاونها مع تل أبيب عسكريا واستخباريا واقتصاديا، وهي تبحث عن مكاسب أوسع في الوقت الرهان في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها.
ويريد أردوغان أن يحصل من خلال هذا التقارب على اعتراف إسرائيلي برغبته في أن يحوّل تركيا إلى معبر لغاز شرق المتوسط نحو أوروبا، كما يريد أن يتأكد من مشاركة تركيا في عمليات التنقيب عن الطاقة في شرق البحر المتوسط، والتي تقودها حتى الآن إسرائيل واليونان.
العرب