واشنطن – ذكر تقرير جديد لمعهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي أن الصين تحقق فوزا في السباق التكنولوجي مع الغرب، وأنها سوف تصبح القوة العظمى الرئيسية في العالم.
وتقول المحللة السياسية جوديث بيرجمان، وهي من الزملاء البارزين في معهد جيتستون الأميركي، إنه “عندما تتبع معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي 44 تكنولوجيا من التكنولوجيات المهمة، اكتشف أن الصين متقدمة للغاية في مجالات أكثر مما تم إدراكه”. وبمعنى أدقّ كانت الصين الدولة الرائدة في 37 تكنولوجيا من التكنولوجيات الـ44 التي تتبعها معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي، وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية، وباقي الدول خلفهما.
وأضافت بيرجمان في تقرير نشره معهد جيتستون أن الولايات المتحدة تصدرت العالم في التكنولوجيات السبع الباقية، بما في ذلك تصميم وتطوير أجهزة أشباه الموصلات المتقدمة، والحوسبة عالية الأداء، والحوسبة الكمية واللقاحات.
وقال التقرير “يكشف بحثنا أن الصين شيدت الأسس لتكون القوة العظمى الرائدة في مجال العلم والتكنولوجيا في العالم، بترسيخ تقدم مذهل أحيانا في الأبحاث عالية التأثير عبر غالبية مجالات التكنولوجيا المهمة والناشئة”.
الصين أعدت نفسها للتفوق ليس في مجال التطوير التكنولوجي الحالي فحسب وإنما أيضا في تكنولوجيا المستقبل
ونظرا إلى وضع الصين المتقدم في مجال الأبحاث “أعدت نفسها للتفوق، ليس فقط في مجال التطوير التكنولوجي الحالي في كل القطاعات تقريبا، وإنما أيضا في قطاع التكنولوجيات المستقبلية غير المتوفرة الآن”.
وذكر التقرير أنه “بالنسبة إلى بعض التكنولوجيات توجد أبرز عشر مؤسسات بحثية رائدة في العالم في الصين وتنتج مجتمعة أوراقا بحثية عالية التأثير، أكثر بتسع مرات من الدول التي تشغل المرتبة الثانية (وبالخصوص الولايات المتحدة). وتتبوأ الأكاديمية الصينية للعلوم منزلة مرموقة (وغالبا الأولى أو الثانية) في الكثير من التكنولوجيات الـ44 المدرجة في سجل تتبع التكنولوجيات المهمة”.
وتوضح بيرجمان أنه لا ينبغي اعتبار هذه النتائج أمرا مفاجئا، فالصين لم تخف سعيها لأن تصبح بحلول عام 2049 أكبر قوة في العالم، متفوقة على الولايات المتحدة كرائدة في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية والعسكرية. ويخطط الحزب الشيوعي الصيني ويعمل وفقا لهذه الطموحات منذ عقود.
ويؤكد تقرير معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي أن الصين تتقدم وفقا لطموحاتها المعلنة. ومن ناحية أخرى اعتمد تقدم الصين أيضا على مجموعة من السبل غير القانونية، بما في ذلك سرقة الملكية الفكرية على نطاق واسع والتجسس السيبراني. وبالإضافة إلى ذلك تعاونت الصين بدرجة كبيرة مع باحثين غربيين لكسب المعرفة.
ورصد تقرير استقصائي أعدته 11 وسيلة إعلام أوروبية ، وحمل عنوان “تحقيق البحث العلمي الصيني”، 353 ألف حالة تعاون مذهلة بين أوروبا والصين، وكشف أن 2994 حالة منها تمت مع الجيش الصيني، حيث شارك العلماء معلومات حساسة عسكريا مع الجيش الصيني “على نطاق واسع”.
تقدم الصين اعتمد أيضا على مجموعة من السبل غير القانونية، بما في ذلك سرقة الملكية الفكرية على نطاق واسع والتجسس السيبراني
وأضافت بيرجمان أن هناك تقدما تكنولوجيا مقلقا بصفة خاصة وهو القفزة التي حققتها الصين في المجال العسكري وقطاع الفضاء.
ويوضح تقرير معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي أن مصالح الصين وأداءها بالنسبة إلى البحث في المجال العسكري وقطاع الفضاء ملحوظة بوجه خاص، بما في ذلك الصاروخ فرط الصوتي المتقدم الذي تمت تجربته وكان مفاجأة بالنسبة إلى الولايات المتحدة. واتضح أن الصين توجد فيها سبع من أكبر عشر مؤسسات بحثية في العالم تركز على الصواريخ فرط الصوتية.
واتضحت الأهمية الكبيرة للمعرفة بالنسبة إلى الحزب الشيوعي الصيني في حقيقة أن الرئيس الصيني شي جينبينغ عين لشغل 40 في المئة من مقاعد اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني -الذي يقرر السياسات الكبرى للصين- مسؤولين لديهم خلفية معرفية وخبرة في مجالي الطيران والذكاء الاصطناعي وغيرهما من المجالات التكنولوجية بالغة الأهمية. ولدى ثلث أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني -المسؤول عن صنع القرار في الحزب- خلفية معرفية في مجالي العلوم والتكنولوجيا.
وتؤكد دراسة معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي أن تحدي الصين للولايات المتحدة والغرب يشكل أمرا بالغ الأهمية؛ فالصين متقدمة في معظم المجالات. وإذا كانت الولايات المتحدة والغرب يرغبان في كبح جماح صعود نجم الصين، فسيتعين عليهما بذل جهد أكثر جدية لإعطاء الأولوية للبحث والتكنولوجيا والاستثمار فيهما، ناهيك عن مضاعفة الجهد لمنع المزيد من سرقة التكنولوجيا والملكية الفكرية.
إن فرصة أن تصبح الصين أكبر قوة تكنولوجية في العالم تتزايد أكثر، مما يعني أنه سيكون بوسع الصين التحكم في سلاسل الإمداد المهمة للغاية في العالم، ليس بالنسبة إلى التكنولوجيا فحسب وإنما أيضا بالنسبة إلى مكوناتها وأجزائها.
ويقول معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي “إن هناك الآن بالفعل خطرا كبيرا في أن تحقق الصين احتكارا في ثماني تكنولوجيات مهمة، بما في ذلك المواد والتصنيع على نطاق نانوي، والاتصالات المتقدمة بالترددات الراديوية (بما في ذلك 5G و6G) ، والهيدروجين والأمونيا للطاقة، والبطاريات الكهربائية، والبيولوجيا الاصطناعية. ومن دون إجراء عاجل من جانب الغرب، ستدير الصين العالم في القريب العاجل”.
العرب