في موقف تاريخي مخز لفئة العار الباغية التي تحكم العراق بالإنحطاط والعبودية واللصوصية، طرأ تطور جديد لم يكن في الحسبان، ولم يتوقع أحد يوما ما أن يصل العراق ومؤسساته العسكرية والأمنية لهذا المستوى من الذل والهوان تحت حكم الأحزاب الطائفية العميلة بشكل وقح للنظام الإيراني، وخصوصا حزب «الدعوة» الحاكم الذي سيسجل التاريخ إنه الحزب العميل الذي سلم رقاب البلاد والعباد لسطوة رجال إيران وعملائها في العراق من أهل الميليشيات الطائفية الإرهابية التي تعيث في أرض العراق فسادا اليوم، وتعمل بشكل خبيث على إدارة حرب طائفية قذرة، وتنظيم تغيير ديموغرافي إرهابي بالقوة والإرهاب والجريمة، ذلك التطور المخجل هو تطويع المؤسسات العسكرية والأمنية للدولة لتكون طرفا وجزءا من ممارسات طائفية مشينة معينة لاعلاقة لها بفن إدارة الدولة ولا بطبيعة العادات والتقاليد الإجتماعية والدينية وبشكل يتضارب مع الكرامة الوطنية والقومية!
لقد تم تكليف الجيش العراقي وللمرة الاولى منذ تأسيس الدولة الحديثة العام 1921 بأغرب مهمة يمكن أن يكلف بها جيش من الجيوش في العالم، وهي مهمة غسل أقدام الزوار الإيرانيين القادمين للعراق! في حالة لم تحصل، ولا أظنها ستحصل، في أي دولة من دول العالم، سوى دولة العجائب والغرائب وحكم المخابيل، وهي الدولة العراقية العتيدة الضائعة التائهة التي يحكمها ويديرها غلمان إيران وسقط متاع المعارضة العراقية السابقة من التافهين والمأجورين والعملاء.
ففي واحدة من مهازل التاريخ إجتاحت العراق أخيراً موجة بشرية بربرية قادمة من إيران تمثلت في إختراق الحدود، والدوس على السيادة الوطنية وتلويث الكرامة عبر إقتحام أكثر من نصف مليون إيراني لنقطة الحدود (زرباطيه) ودخولهم للعراق عنوة ومن دون جواز سفر ولا تأشيرة، ولا أي أوراق ثبوتية، بذريعة زيارة المراقد الشيعية المقدسة في كربلاء والنجف! وقد حدثت تلك الخطوة في ظل ضعف منهجي وعدم وجود قوات على الحدود وإهمال فظيع من القيادة العامة العسكرية التي يرأسها حيدر العبادي تصل لدرجة الخيانة الوطنية، وطبعا البرلمان لم يتحدث أو يستنكر، والدولة لم تتصرف، بل تركت الأمور فوضى عارمة يتفرج عليها الجيش العراقي الذي بدلا من أن يقوم بتكسير أقدام المقتحمين وملاحقة جموع الإرهابيين الإيرانيين فإنه ويا للسخرية التاريخية كلف مهمة عار تاريخية غير مسبوقة، وهي مهمة المساعدة في تدليك أقدام الزوار الإيرانيين وغسل أرجلهم أيضا، في فضيحة تاريخية لم يشهدها العراق عبر تاريخه الحافل بالمصائب.. والفضائح.
هل من المعقول ما يجري؟ لقد قامت الحكومة العراقية على أقدامها بدءا من رئيس الجمهورية النائم أبد الدهر مرورا برئيس الحكومة حيدر أفندي العبادي وكل أركان دولة الفشل إحتجاجا على دخول قوات تدريب عسكرية تركية لشمال العراق طالبين منها الإنسحاب الفوري أوالموت الزؤام، بينما صمتت الدولة العراقية التائهة عن فضيحة تسلل مئات الآلاف من عناصر «الباسيج» والحرس الثوري للعمق العراقي في غزوة علنية، وهم يرفعون الرايات والإعلام الإيرانية في مشهد تاريخي فضائحي لإنهيار السيادة ولتمركز جيش من طوابير الحرس الثوري في العراق لتفعيل مسارب الحرب الأهلية الطائفية القائمة! ومع قيام الجيش العراقي بمهمة غسل أقدام عناصر الحرس الثوري الإيراني تتفاعل سيناريوهات قضية نهاية العراق كدولة موحدة ذات سيادة، ويودع العراقيون العام 2015 بفضيحة وطنية من العيار الثقيل، ويكرس النظام الطائفي التحاصصي القائم أزمته التاريخية، ويؤكد عجزه التام عن مهمة قيادة العراق نحو بر الأمان، وبما يشكل إرهاصة حقيقية ليس لنهاية العراق كدولة موحدة ذات سيادة فقط، بل لرفع راية المشروع الإيراني في الهيمنة وتجزئة المنطقة، غسل أقدام الإيرانيين بايدي عناصر جيش العراق الحالي فضيحة تاريخية وأمر جلل، وإهانة تاريخية كبرى لكل العراقيين الذين ساقتهم الأقدار لانهيار تاريخي تحت حكم أحزاب العمالة واللصوصية والعار.
من يغسل عار العراقيين، ما هو دور البرلمان الحقيقي، أين توارت الكرامة والسيادة، وكيف نجح حزب «الدعوة» وشركاه من عصابات الحكيم والصدر والخزعلي والمهندس في تحويل العراق لحديقة خلفية لقطعان الحرس الثوري التي داست بأقدامها القذرة على ما تبقى من كرامة وسيادة؟
لاحول ولاقوة إلا بالله.
لاحول ولاقوة إلا بالله.
داود البصري
صحيفة السياسة الكويتية